التطور الفكري.. والإنسان العاقل

تم نشره الأحد 14 آب / أغسطس 2022 12:21 صباحاً
التطور الفكري.. والإنسان العاقل
محمد جواد الميالي

خمسة سنوات كانت كافية لداروين لرحلته في أنحاء الأرض، لتقدم بعدها نظرية تقسم العالم إلى صنفين، أحدهما يؤمن بأصل الأنواع، وأنها جائت حسب إنتقاء الطبيعة للأفضل، والآخر يخالف هذه الأطروحة، ويؤمن بأن لكل نوع زوجين إثنين، تبلور هذا الصراع وأنتج ما يعرف بنظرية التطور أو الداروينية.
لذلك أتخذ علماء العصر الحديث "الماديون" من أصل الإنسان قبل ملايين السنين، سبباً للخلاف فيما بينهم، لكن أغلبهم أتفق على نقطتين، الأولى رأي المسلمين أن الأنسان جاء من أبوين إثنين.. آدم وحواء، والثاني أن أصله حيوان لكنه ناطق، يمتاز بدماغ أسفنجي جامع للمعلومات قابل للتطور، لذلك كان الإنسان النيادرتال، الذي يسكن أوروبا والشرق الأوسط، يتميز بضخامة جسمه وعضلاته المفتولة، لأنه يعتمد عليهما بالصيد وجمع الطعام، أما عقله فلا يتخطى حاجز الشهوة والبحث عن الطعام، فكانت طاقة الجسم كلها تذهب للإيعازات الحركية فقط.
مع بدأ عصر النار، أصبحت عضلات البشر وأحجامهم تتقلص، لأن الطاقة بدأت تتحول إلى الدماغ الذي يستنفذ ٢٥% من قدرة الجسم، مما أوجد نظرية الإنسان العاقل.. الذي يعتبر هو الإنتقاء الطبيعي للجنس البشري، لكن يبقى السؤال المحير، هل كل البشر اليوم يستخدمون أدمغتهم في غير حاجز الشهوة؟ ومن ما زال منا مصراً على أستخدام العضلات فقط؟ ما يحدث اليوم في دول العالم الثالث، ومنها بلدنا العراق، يثبت أن هناك نماذج موجودة خارج قاعدة الإنتقاء الطبيعي، ومازال الدماغ لديهم مجرد أثر لا فائدة له، متخلفين لا يفقهون معنى أن يكون للشخص وعي يقوده إلى ما هو جيد، لا يميزون بين الصواب والخطأ، يعيشون من أجل أرضاء شهواتهم فقط، هؤلاء لهم فائدة واحدة، أنهم توابع من الدرجة الأولى! سرعان ما ينتمون إلى أي شخص يقدس أفعالهم المتخلفة، ليجعلوا منه قائداً لهم، غالباً مايكون القائد يشبههم، لكنه يتميز بأن لديه قدرة على قيادتهم، وبالتالي الصفات تتشابه بينهم وبين الإنسان النيادرتال، فكلا الطرفين لا يعرفون سوى منطق القوة والقتل.
يتكاثر هؤلاء في المجتمعات ذات البيئة التي تتوافر فيها عوامل الفقر، الجهل، التشدد الديني و الحرية غير المقيدة، وكلما زاد عددهم في البلاد، كلما أصبح النظام الديمقراطي لا يناسبهم، لأن كثرتهم لا تلائم سوى الأنظمة الدكتاتورية، أما في حال أنظمة الأنتخاب فهي تجعل الفئة الجاهله تحدد مصير الشعوب سياسياً، ولك أن تتخيل أن مقاليد الحكم في البلدان، تصبح بيد مجموعة شهوانية متعطشة للقتال!
هذا فعلياً ينطبق على ما يحدث اليوم.. لتتضح لنا الصورة ونعرف أن قانون الإنتخابات الأخير، قد حول التجربة الديمقراطية إلى حكم الأغلبية "الساذجة" ليس هذا فقط وإنما كل من يختلف مع غيره داخل قبة البرلمان، يستخدم جمهوره الأعمى كورقة قوية في حرق الشارع وقلب الموازين..
إذا نحتاج إلى علاج مشكلتنا الحقيقة من أساس جذورها، وعلى الحكومة القادمة أن تعي أن أبرز تحدياتها، هو الجمهور التبعي الذي  لا يحتاج سوى إلى فرصة عمل، ليستطيع أن يخرج من صندوقه الأسود، ويترك لغة العضلات ويستخدم دماغه ليرتقي حينها إلى أن يكون.. إنساناً عاقلا.

محمد جواد الميالي



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات