قانون الانتخاب الجديد

ما زال الحوار محتدماً حول تقديم مشروع قانون انتخابات جديد, يحظى بتوافق شعبي كبير, ويلبي طموحات المرحلة الجديدة ويراعي التغييرات الجذرية التي تجتاح الإقليم العربي, من دون إهمال للخصوصية الأردنية, وما تمر به من ظروف صعبة, تستحق الاهتمام البالغ من كل الأطراف السياسية ومن كل المكونات الاجتماعية كذلك.
هناك شبه إجماع وطني على تجاوز نظام الصوت الواحد المجزوء الذي ألحق الضرر بالحياة السياسية والحياة الاجتماعية على حدٍ سواء, كما أنّ هناك توافقاً على رفض الدوائر الوهمية التي فاقت بضررها ضرر الصوت الواحد, ولكن لم يحصل التوافق بعد على النظام الانتخابي الجديد.
من أجل تسهيل الحوار, وتقريب الشقة بين الآراء المختلفة والمتضاربة, لا بد من السعي للتوافق على أهمّ المبادئ وأهمّ الأهداف التي ينبغي مراعاتها عند صياغة القانون, واختيار النظام المناسب وهنا, يمكن التوافق على ما يلي:
- لا بد من اختيار القانون الذي يساعد على تهيئة البنية السياسية المناسبة التي تؤدي بطريقة واضحة نحو الوصول إلى تشكيل حكومة الأغلبية البرلمانية, وهذا يقتضي العمل على ايجاد قوائم انتخابية تملك برنامجاً متكاملاً لإدارة جميع شؤون الدولة ومجالاتها بشمول.
- لا بد من الاتفاق على إخراج مجلس نواب يمثل المجتمع الأردني تمثيلاً صادقاً وحقيقياً وشاملاً, بحيث يكون المجلس معبراً عن رأي المجتمع الأردني الحقيقي المختزن في ضمير الأغلبية, من دون إهمال للآراء الأخرى وآراء الأقليّات بعدالة وبنفس النسبة الاجتماعية.
- لا بدّ من الاتفاق على أنّ مهام مجلس النواب الدستورية تتلخص بالتشريع والرقابة, بمعنى أنّ المجلس ينبغي أن يكون سياسياً بامتياز حتى يكون قادراً على فهم الواقع السياسي المحلّي والإقليمي والعالمي بعمق وواقعية بالإضافة إلى ضرورة توافر الخبرات القانونية والمالية والاقتصادية والعلمية التي تؤهله لممارسة دوره الدستوري, بمعنى آخر يجب إعفاء مجلس النواب من الاستغراق بالأدوار الخدماتية, وإيلاء هذا الدور للمجالس المحلية والبلدية.
- لا بد للقانون الجديد من الإسهام في تنمية الحياة الحزبية, وهذا المعنى ليس فيه منّة على الأحزاب ولا تفضل, ولكن ممارسة العمل النيابي يجب أن تكون قائمة على العمل الحزبي البرامجي, فلا بدّ لكل من يطمح للدخول إلى مجلس النواب, أن يدخل عبر قائمة حزبية أو عبر تجمّع سياسي يتبنّى برنامجاً وطنياً محدداً منشوراً على الجمهور, ودخول مجلس النواب ليس للوجاهة ولا لتسيير المصالح الشخصية والفئوية والجهوية. ومجلس النواب لا يجوز أن يكون عبارة عن مجموعة من الأفراد المستقلين, الذين لا يحملون برنامجاً سياسياً جماعياً. ولكن غير المتحزبين يمكنهم الانخراط في قائمة الحزب الأقرب إلى فكرهم, أو يمكنهم أن يشكّلوا قائمة لها برنامجها السياسي المشترك, وهذا يدعو أن يكون الانتخاب على أساس القائمة والبرنامج السياسي.
- لا بدّ للقانون من أن يسهم في تمتين النسيج الاجتماعي, وتعزيز الوحدة الوطنية ويتأتّى ذلك من خلال توسيع الدائرة الانتخابية, وتشجيع قيام التحالفات الانتخابية من خلال القائمة.
ومن أجل مراعاة الأهداف والمبادئ السابقة, ومن أجل مراعاة التدرج أيضاً بنقل المجتمع نحو الانتخاب السياسي الواعي والناضج الذي يقوم على الفكر والبرامج والطروحات بالدرجة الأولى, ويستبعد الميول الجهوية والعصبوية بكلّ أنواعها, يمكن اعتماد النظام المختلط الذي يجمع بين الجغرافيا والقائمة الانتخابية, بمعنى أن يتم تخصيص 50% للدوائر الانتخابية على مستوى المملكة, و50% للقائمة على مستوى الوطن.
ومع قليل من التفصيل, يمكن توزيع المملكة إلى دوائر انتخابية متقاربة, ليس بالضرورة متساوية, ولكن لا تقل عن (3) مقاعد وهي أقل حصة للدائرة, ولا تزيد عن (5) مقاعد. وبناء على ذلك يمكن اعتبار المحافظات الصغيرة دائرة واحدة, والمحافظات الكبيرة يمكن تقسيمها إلى مجموعة بنسب توازي بشكل تقريبي حجم سكانها, بحيث لا يقل عدد مقاعد أي دائرة عن (3) مقاعد في الحد الأدنى ولا يزيد عن (5) في الحدّ الأعلى.
وينتخب الناخب في كل دائرة عدداً من المرشحين لا يزيد عن العدد المخصص لدائرته, ويفوز في كل دائرة الحاصلون على أعلى الأصوات في الدائرة المحددة. وهنا يتاح تشكيل القوائم بعدد مقاعد الدائرة, لكنّها قائمة حرّة مفتوحة, ولا يتمّ إلزام الناخب بالقائمة على مستوى الدائرة.
أمّا القائمة على مستوى الوطن فينبغي اعتماد القائمة النسبية المغلقة, فيتمّ التصويت من الناخب للقائمة, وتحصل كل قائمة على مقاعد بحجم أصواتها على مستوى المملكة.
وكلّ قائمة تتولى شؤون ترتيب مرشحيها ضمن قائمتها, وينجح المرشحون في كل قائمة بحسب ترتيبهم المسبق المتفق عليه, مع ملاحظة الحفاظ على مكتسبات المحافظات والأقليّات عن مكاسبهم السابقة بشكل نسبي, مع عدم حرمانهم من النزول في القائمة الوطنية, كما ينبغي شمول المرأة بالقوائم الوطنية وبالترتيب الذي يسمح بفوز النسبة المقررة لهن.(العرب اليوم)