لماذا لم يتعلم إخوان الأردن ومصر من إسلاميي تركيا والمغرب ؟

تم نشره الأحد 30 آب / أغسطس 2015 01:05 صباحاً
لماذا لم يتعلم إخوان الأردن ومصر من إسلاميي تركيا والمغرب ؟
د. فطين البداد

أعتقد أن الرابع من أيلول القادم ( هذا الأسبوع ) سيكون حاسما بالنسبة لما يطلق عليهم " إخوان المغرب " .. ممثلين بحزب العدالة والتنمية المغربي الذي يستعد هذا الأوان لخوض انتخابات محلية ساخنة بعد أربع سنوات من حكم البلاد بالإئتلاف مع أحزاب أخرى .

ولا نريد هنا أن نقف مطولا عند نفي انتماء حزب العدالة والتنمية المغربي للإخوان أو انتمائه لهم ، إلا أن اللافت في أمر هذا الحزب ، أنه تمكن من قيادة البلاد لمدة أربع سنوات مع أحزاب أخرى وتمكن من أن يسجل إنجازات مختلفة ، وفق ما يقول مناصروه ، وقد يكون له شأن في هذه الإنتخابات وفي الانتخابات التشريعية القادمة .

ولعل تجربة الإخوان المسلمين في الأردن في انتخابات البرلمان الحادي عشر نهاية الثمانينيات من القرن الماضي ، كانت علامة بارزة في ولوجهم معترك الحياة السياسية في الأردن بعد انقطاع دام عقودا ( عودة الحياة السياسية ) حيث فازوا في البرلمان المذكور بـ 22 مقعدا مارسوا خلالها المعارضة الساخنة ، إلا أن انتكاستهم كانت عندما قاطعوا الإنتخابات في العامين 1997 و2010 ونأوا بأنفسهم عما تسميه السلطات الرسمية " قضايا وطنية " في حين ركزوا جل اهتمامهم على الخارج وعلى الشارع ، فانكشفوا داخليا ، وتعروا خارجيا ، وبدا أنهم يغردون خارج ما يسميه منتقدوهم " السرب الوطني " وهو ما ينفيه الإخوان بالمطلق .

وإذا كان الحزب المغربي الحاكم الآن ، أحسن قراءة الظروف الموضوعية التي يعيشها المغرب ، كما سبق وفعلها حزب العدالة والتنمية التركي ، فاتخذ البراغماتية نهجا وحيدا لكسب قلوب الخصوم قبل الأنصار ، فقد فشل إخوان الأردن وذراعهم السياسي حزب جبهة العمل في إقناع الناس أنهم حزب لكل الناس ، حتى أن شعاراتهم وخطاباتهم باتت مملة ومكرورة وباهتة ، وآخرها مهرجانهم الخطابي الأخير في الكرك قبل أيام ، والذي جاء نصرة للأقصى ، حيث لم يقدم مراقب الإخوان الحالي همام سعيد أو مراقبهم السابق سالم الفلاحات أو قياداتهم سوى ذات الخطاب الذي " يدعو " إلى نصرة الأقصى ، وكفى الله المؤمنين القتال ، حتى إذا جمعت ما صدر عن مهرجان هذا العام ، وما صدر عنه في السنوات السابقة ، فإنك لا تكاد تجد أي اختلاف يذكر ، لا في الأشخاص الذين يخطبون ، ولا في الحضور الذين يستمعون .

لقد حصد حزب عبد الإله بن كيران ربع مقاعد البرلمان المغربي في انتخابات 2011 ، وحكم البلاد بطريقة سلسة بعد أن أشرك مختلف التيارات السياسية في الحكومة : إذ مهد لذلك بتفاهم واضح مع القصر الملكي ، خاصة بعد تعديل الدستور المغربي ، ومن هنا ، فإن هذا التفاهم الذي بني على أن مؤسسة القصر خط أحمر ، وأن الهم المغربي" الوطني " يغلب على أي هم آخر ، فإن هذا ، وهذا فقط ، هو الذي جعل هذا الحزب الذي نختلف معه في كثير من أدبياته يحكم بدون عراقيل ـ وهكذا فعل حزب العدالة والتنمية التركي الذي انشق عن حزب الفضيلة الإسلامي متخذا من الرأسمالية نهجا للحكم والتمدد ، وقد أحسن قراءة الدستور التركي وأدرك أن هناك خطوطا حمراء في المعادلة التركية الداخلية والخارجية ، فتمكن من الصمود خلال أكثر من عقد ونيف حاكما أوحد للبلاد ( لا زال حتى الآن رغم بعض التراجع في الإنتخابات الأخيرة التي ستتجدد قريبا ولربما يعود قويا بعد الأحداث الأخيرة وإعلانه الحرب على حزب العمال ) .. إذا كان الأمر كذلك ، فإن هذا الواقع لا ينطبق على إخوان مصر ولا إخوان الأردن الذين تكلسوا مع خطابات ملها الناس ، متجاوزين ما يطلق عليه علماء الشريعة ( فقه الواقع ) فنكصوا على الأعقاب لا هم طالوا عنب الشام ولا بلح اليمن .

ولكي لا نفصل تفصيلا لكون المقالة الصحفية تحكمها معايير محددة ، فإننا نكتفي بالقول : " إن إسلاميين يحكمون بعلمانية " باتت نظرية مقبولة الآن ، وها هي تركيا والمغرب مثالان ناصعان ، بغض النظر عن نتائج انتخابات البلدين المقبلة ( نتحدث عن تجارب وقعت ) وفي المقابل ، فإن إسلاميين يرغبون الحكم بتطرف ، كما حصل في مصر ويراد له أن يحصل في الأردن وهو هدف بعيد المنال ومستحيل ، فإن مصيرهم الفشل الذريع شعبيا وداخليا وخارجيا ، وها إن مراجعات تجري في داخل إخوان مصر ، وانشقاقا يقع داخل إخوان الأردن ، ليتمخض عن ذلك حقيقة واضحة : أن التطرف لا مكان له في هذا العصر البتة ، وإن الوسطية والإعتدال هي الطريق الوحيد للولوج إلى عالم الحكم والسياسة ، إلا أن الإخوان المسلمين ، عموما ، يريدون أن يقيموا الدين في " مالطا " .

د. فطين البداد

fateen@jbcgroup.tv 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات