60 حالة انتحار سنويا في الاردن

تم نشره الإثنين 14 كانون الأوّل / ديسمبر 2015 10:29 صباحاً
60 حالة انتحار سنويا في الاردن
80% من حالات الانتحار أسبابها اجتماعية ونفسية

المدينة نيوز - :  في اعوام مضت لم يكن خبر «انتحار» وهو الذي يعرف بانه قرار الانسان بانهاء حياته بوسائل مختلفة متداولا بالمجتمع وافراده على اعتبار انه نادر الحدوث فاقدام شخص على الانتحار يثير تعاطف الاخرين ويبقى محط حديث لا يخلو من التساؤلات والاستغراب.

الا انه مع تزايد حالات الانتحار ومحاولاته خلال السنوات الخمس الماضية بشكل ملحوظ وخاصة خلال العام الحالي بما يرافقه من تغير بانماط الوسائل المستخدمة بالانتحار جعلت هذه القضية من اهم القضايا الاجتماعية والمجتمعية المقلقة والتي تثير حولها العديد من التساؤلات حول الاسباب التي تدفع الانسان للانتحار ؟ وما هي التغيرات الاجتماعية والنفسية وراء تزايد حالات الانتحار ووراء طرقه الجديدة التي وصفها اخصائيون اجتماعيون بانها « اعتداء صارخ وسلبي على الجسد « كالحرق او الانتحار من مناطق مرتفعة.

تساؤلات عدة تطرح في كل مرة يقدم شخص على الانتحار او امام محاولات الانتحار العديدة خاصة في ظل ارتفاع عدد الحالات في عام 2014 لتصل الى مئة حالة في حين كانت 34 حالة في عام 2009

الدكتور هاني جهشان مستشار الطب الشرعي والخبير لدى الامم المتحدة في مواجهة العنف عرف السلوك الانتحاري بانه يترواح من مجرد التفكير بإنهاء الإنسان لحياته من خلال التخطيط لذلك، إلى محاولة قتل الذات إلى تنفيذ الفعل كاملا وحصول الموت وهو ما يسمى بالإنتحار الكامل وهو «فعل الإنسان الموجه إلى ذاته لإنهائها».

واضاف في الأردن كما في أغلب دول العالم الثالث، الأبحاث الأكاديمية غير متوفرة في مجال شيوع ودوافع محاولات الإنتحار؛ حيث أن هذه المحاولات لا توثق في أقسام المستشفيات إن كان في القطاع العام أو القطاع الخاص، لأسباب عديدة أهمها الوصمة الإجتماعية المرتبطة بالإنتحار وإخفاق الأطباء من التأكد من أنها محاولة إنتحار وكذلك بسبب ضعف الإلتزام بتوثيق حالات المراجعين للمرافق الطبية بشكل عام.

واشار الى ان الوفيات الناتجة عن الإنتحار والتي يتم الكشف عليها في المركز الوطني للطب الشرعي في الأردن تتراوح ما بين 50-60 حالة سنويا اي حالة واحدة لك مائة ألف من السكان في العام وهذه النسبة منخفضة جدا مقارنة مع مثيلاتها في الدول الإسكندنافية واليابان التي تصل إلى 27 حالة إنتحار لكل مائة ألف بالسنة وبمعدل عالمي يبلغ 14.5 حالة إنتحار بالعام لكل مائة ألف من سكان العالم أي حالة إنتحار كل 26 ثانية.

ويرى جهشان ان أغلب المنتحرين هم من الفئة العمرية 18 إلى 45 ونادرا جدا ما تسجل حالة إنتحار لدى الأطفال وهذه لم تتجاوز الثلاث حالات في السنوات الثماني الماضية، علما بأن هناك خطورة في الفئة العمرية من 18 -19 بسبب الكرب المتعلق بامتحان الثانوية العامة.

ويضيف ان تحديد دوافع الإنتحار والظروف السابقة لحادثة توثق عادة من قبل الادعاء العام، أما مشاركة الطب الشرعي فهي قائمة على تحديد سبب الوفاة وحالة جثة المتوفى لمقارنتها مع هذه الظروف الموثقة، حيث أن الرأي النهائي بأن اي حالة وفاة هي بظروف إنتحارية يتطلب بالإضافة للمشاهدات التشريحية تحقيقات شرطية وإجتماعية ونفسية معمقة.

في الوقت الذي يرى به ان تشخيص ظروف أي وفاة فيما إذا كانت جنائية أو إنتحارية أو عرضية أو طبيعية يتطلب في كثير من الأحيان عملا تشاركيا ما بين القطاعات التحقيقية الشرطية والإدعاء العام، والطب الشرعي والطبيب المعالج والمحلل النفسي والباحث الإجتماعي للوصول لقرار قاطع بأن الوفاة تمت بظروف إنتحارية، وإن التفاوت في الأرقام ما بين الجهات المتعددة سببه المباشر الإخفاق في تنفيذ هذا العمل التشاركي بين القطاعات المعنية، إلا إن هذا التفاوت ضئيل لدرجة أنه لا يغير النسبة بالمقارنة مع عدد السكان بشكل كبير.

واشار الى ان الانتحار لا يمكن اخفاؤه لأن تعليمات دفن الموتى في الأردن تطبق بشكل دقيق ومن غير الممكن في العادة دفن أي متوفى دون توثيق سبب وفاة واضح من طبيب مرخص وتصريح بالدفن من مديريات الصحة أو من المركز الوطني للطب الشرعي في الحالات الجنائية والإصابية المشتبهة وفي الوفيات المفاجئة والوفيات غامضة الظروف، والوفيات الناجمة عن السموم. وعليه لا توجد مؤشرات على إساءة استخدام لنظام دفن الموتى وبالتالي فإن الأرقام الإحصائية حول الإنتحار يتوقع أن تعكس الواقع الحقيقي لهذه الوفيات مشيرا الى إن التقارير الصحفية عن وجود حالات نادرة جدا كان فيها نوع من محاولة إخفاء ظروف الوفاة الانتحارية لا تشكل واقعا مستمرا لأن من صلب مهام الطب الشرعي تفسير ظروف الوفاة بالدليل العلمي ومواجهة محاولات طمسها إن كانت جنائية أو إنتحارية.

الدكتور حسين الخزاعي استاذ علم الاجتماع وعميد كلية الاميرة رحمة قال ان حالات الانتحار الجديدة وانماطها هي حالات اعتداء صارخ على الجسد لم تكن بالسابق كاستخدام الحرق او السقوط من اماكن مرتفعة واصفا حالات الانتحار هذه بالخطيرة كالشنق والوقوع من اماكن مرتفعة

واشار الى ان قرار الانتحار قرار فردي يتخذه المنتحر عندما يرفض المجتمع ويرفض المستقبل ويفقد الامل بكل شيء من حوله مبينا ان 20% فقط من محاولات الانتحار تعزو لاسباب اقتصادية « العاطلين عن العمل والبطالة « في حين ان 80% من الحالات تعود لاسباب اجتماعية والامراض النفسية التي اعتبرها رئيسية.ويؤكد الخزاعي ان محاولات الانتحار تكون عادة بدافع الاعلان عن رفض المنتحر لكل ما يحيط به ولفت الانتباه لقضيته او المشكلة التي يعاني منها فيقدم على هذا السلوك للاعلان عن ما يعانيه وكوسيلة يستخدمها لتعذيب الاخرين لعدم قدرتهم على حل مشاكله كما يرى هو مشيرا الى ان السبب الحقيقي للانتحار لا يعرفه الا المنتحر وعادة يرحل معه الا في حالة كتابة رسالة او اعترافات تبين اسباب انتحاره مبينا ان 20% فقط من المنتحرين يتركون رسائل تبين اسباب انتحارهم.

ويضيف ان 20% من المنتحرين مصابون بالاكتئاب وهو شعور يرى الانسان من خلاله الحياة كلوحة سوداء لا بريق امل فيها وهم بالعادة يعانون من الاكتئاب الشديد مؤكدا في هذا الجانب على دور الاسرة المحوري بمتابعة ابنائها وافرادها في حال ملاحظتهم لاي تغيرات او سلوكيات لم يعتادوا عليها من قبل وعدم التردد باستشارة الاطباء المختصين لانقاذ ابنائهم او احد افراد الاسرة مشيرا الى ان اية محاولة انتحار يجب ان يتم علاجها نفسيا واجتماعيا واقتصاديا لعدم تكرارها مرة اخرى.

الدكتور ناصر الشرقي مستشار الطب النفسي المدير الفني لمستشفى الرشيد يؤكد ان 90% من محاولات الانتحار تعود لاضطرابات عقلية يقف وراءها الاكتئاب بشكل اساسي اضافة الى ان الضغوطات النفسية تحفز الاشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية للاقدام على الانتحار مبينا ان الابحاث العلمية اكدت ان الادمان يزيد من خطورة او احتمالية الانتحار عند المدمنين والاشخاص الذين يعانون من امراض عقلية في حين ان محاولات الانتحار اعلى بين فئات صغار السن لكن الانتحار يكون اعلى عند الفئات الاعلى سنا.

المحامي فارس العشا من مركز العدل للمساعدة القانونية يقول ان فعل الانتحار بحد ذاته لا عقاب عليه فلا يستوي ان يعاقب شخص اقدم على الانتحار وازهق روحه فهو بفعله هذا عاقب نفسه بنفسه لذلك لا دعوى للحق العام تقام عليه لكن اذا ثبت ان شخصا ما ساعد المنتحر وحرضه وسهل له الانتحار فيعاقب وفقا للمادة 339 وبعقوبة المتدخل والمحرض سندا لاحكام المادة 80 من قانون العقوبات.

واضاف: ان المادة 339 نصت على انه « من حمل انسانا على الانتحار او ساعده بطريقة من الطرق المذكورة في المادة 80 عوقب بالاعتقال المؤقت» كما نصت الفقرة ب من ذات المادة بانه « اذا بقي الانتحار في حالة الشروع عوقب ذلك الشخص بالحبس من ثلاثة اشهر الى سنتين وتكون العقوبة ثلاث سنوات اذا نجم ايذاء او عجز دائمين « لكن محاولات الانتحار والشروع فيها لم ينص قانون العقوبات على من شرع في الانتحار بل جعل العقوبة فقط لم حمله على الانتحار وفقا للفقرة ب من المادة 339 من قانون العقوبات.

ويرى العشا ان الوضع الحالي يتمثل في اتخاذ جزاء ضد من شرع في الانتحار عن طريق الحاكم الاداري بموجب قانون منع الجرائم.

بدوره يؤكد الخزاعي اهمية دور الوالدين من خلال السير جنبا الى جنب مع ابنائهم وتفهم العالم المتغير الذي يعيشون به بكل تحدياته وتطوره فالابناء يحتاجون دوما وخاصة في مرحلة عمرية معينة الى ان يشعروا بان اباءهم وامهاتهم اصدقاء لهم يستطيعون البوح لهم بمشاكلهم ورؤيتهم لما يمرون به ويعيشونه مشيرا الى ان التحلي بالايمان والتاكيد دوما على دور الدين وربطه بالحياة وتعزيز مفاهيمه وقيمه الكبيرة بحياة افراد الاسرة سيؤدي بالنهاية الى نتائج ايجابية بجميع مناحي التربية وحياة الابناء واي فرد من افراد الاسرة مشيرا الى ان الاهل عليهم دوما ان يعززوا مفاهيم الصبر ووالتفاؤل والامل بالغد بحياة ابنائهم كي لا يقعوا فريسة للاكتئاب والسوادوية امام اي عقبة يمرون بها بحياتهم.

فيما يرى جهشان اهمية التداخل المباشر من الدولة للوقاية وللتعامل مع عوامل الخطورة المولدة لمحاولات الانتحار، من خلال تطوير الخدمات العلاجية والوقائية في مجال الطب النفسي، والتي هي ليست بأحسن حال في العديد من الدول العربية، حيث يتوقع من الخدمة النفسية الاستجابة للمشاكل الإجتماعية بما في ذلك العزلة الإجتماعية وعدم القدرة على التواصل مع الأخرين موضحا ان توفر الخدمة النفسية الإجتماعية للمرضى النفسيين بشكل عام ليست بديلا عن وجود مراكز وقاية واستجابة لحالات الإنتحار قائمة على مبدأ تعدد القطاعات الطبية والنفسية والإجتماعية وهذه للأسف غير متوفر لغاية الأن في الدول العربية اضافة الى توفير الخدمات الطبية والنفسية والإجتماعية للمعرضين للخطر للتعامل مع محاولات الإنتحار بهدف الوقاية من تكرارها، مبينا ان أية مبادرات لمواجهة النزعة للانتحار أو محاولات الانتحار أو الانتحار الكامل ستكون غير فاعلة إذا لم توضع ضمن استراتيجية وطنية تتحمل الدولة تنفيذها. الرأي 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات