الخشية من عدم التصديق !!

تم نشره الخميس 01st كانون الأوّل / ديسمبر 2016 01:08 صباحاً
الخشية من عدم التصديق !!
خيري منصور

الارجح ان ما يدفع المثقف العربي الى كظم الغيظ واحتمال كل ما يتعرض له من تعذيب عقلي وعاطفي على مدار الساعة هو ادراكه بأنه لو تحدث صراحة عن كل ما رآه وسمعه وعاشه عن كثب فلن يصدقه احد، وقد جربت ذلك بالفعل حين اعطيت صديقا عربيا مثقفا اوراقا عن الحياة اليومية لمثقف يعاني من ثلاث غربات، فقد قال لي ان بعضها لا يمكن تصديقه، خصوصا في الوقت الذي يزعم الناس فيه انهم يعيشون في الالفية الثالثة، وحين كتب الراحل هشام شرابي كتابه الجمر والرماد لم يقل الا القليل عن الاشياء والاحداث التي لا تقبل التصديق لدى اناس اسوياء، فالرجل بعد هزيمة حزيران استقال من منصبه الاكاديمي الرفيع في جامعة جورج تاون وقرر ان يعود الى الوطن كي يمارس دوره التاريخي كمثقف تجاوز الهزيمة .

فماذا كان بانتظار هشام شاربي ؟ لن اجيب على هذا السؤال لأنه هو الذي اجاب عليه ، ومن لديه فضول في معرفة ما قاله الرجل عن معاناته عليه ان يقرأ الكتاب، لكنني اكتفي بالقول بأنه حين عاد من الوطن العربي الى منفاه الامريكي اغلق ستارة نافذة الطائرة وهمس وهو دامع العينين : لن اعود اليك ياوطني ابدا ، وعاد بعد ذلك لكن كزائر اكاديمي من الولايات المتحدة .

من يصدق مثلا ان المثقف العربي عليه ان يعتذر عن كل كتاب قرأه وعن كل سطر كتبه كي يصبح مقبولا في النادي ، فهو ان تحدث عن شيء قرأه يصبح ثرثارا ويأخذ حصة الاخرين في الكلام وان شعر بالحزن على قطة صبّ الاطفال عليها الكاز واحرقوها يصبح برجوازيا ولا يقيم وزنا لقتل الاطفال واحراقهم احياء !

من سيصدق ان المثقف يعاقب في عالمنا العربي لمجرد انه لا يملك الوقت للمشاركة في حفلات النميمة او التنقل طوال النهار بين الجاهات والاعراس ودور العزاء ؟ المثقف اعزل من الألقاب ويكتفي باسمه، لكن هناك من يصرون على معاملته كنكرة حتى لو كان اسمه وما كتب قد عبر حدودا ولغات وثقافات …

الارجح ان المثقف العربي لا يكتب سيرته كما هي لأنه يدرك بأن ما سوف يقوله لن يصدقه احد خصوصا اذا ترجم الى لغات اخرى !

(الدستور 2016-12-01)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات