إصلاح العمل الحزبي

تم نشره الجمعة 21st نيسان / أبريل 2017 12:51 صباحاً
إصلاح العمل الحزبي
رحيل محمد غرايبة

لا سبيل لممارسة الديمقراطية الحقيقية إلّا من خلال إقرار التعددية التي تمثل الاتجاهات السياسية والفكرية ومكونات الشعب بطريقة سهلة وميسرة، بعيداً عن التعصب والتخندق وخطاب الكراهية الذي يلحق الضرر بالمجتمع والدولة، وليس هناك وسيلة أفضل من الأحزاب السياسية للتعبير عن تعددية المجتمع.

الأحزاب هي الأطر القانونية المعلنة التي تمثل البرامج السياسية التي يؤمن بها مجموعة من أصحاب الفكر والنظر والخبرة في المجتمع، والتي يطرحونها للجمهور من أجل اقناع الناس بها؛ بوصفها الطريقة الفضلى في إدارة شؤون السلطة والدولة في كل مجالات الحياة، بحيث يكون البرلمان المنتخب في كل دورة معياراً لتقبل الشعب لهذه البرامج من خلال انتخابهم والتصويت على برامجهم.

لا سبيل أمامنا لممارسة عمل برلماني قادر على تحقيق الغايات التي وجد من أجلها إلّا عبر عمل حزبي وتنافس برامجي، وبغير ذلك سوف تبقى البرلمانات أطراً شكلية فارغة من مضمونها وفاقدة لفاعليتها ودورها المعروف لدى كل شعوب العالم مهما اختلفت أديانهم وأفكارهم وفلسفاتهم السياسية، وهذا يحتم علينا السعي نحو حل معضلتنا الأردنية في هذا السياق ونحن نقطع الربع الأول من القرن الواحد والعشرين.

المعضلة الحزبية لدينا لها مجموعة وجوه، وكل وجه منها يتحمل المسؤولية الكبرى فيه طرف بعينه، والوجه الأول يتمثل بالمنطق القانوني والسياسي الذي ينطلق منه فلسفة العمل الحزبي، إذ إنه في الأصل أن الأحزاب هي الوسيلة المعتمدة لممارسة العمل السياسي حصراً، لأن الذهاب إلى البرلمان يجب أن يكون عبر برنامج سياسي، ولا يجوز الذهاب إلى البرلمان بغير ذلك، مثل كل المجالات الأخرى التي يحصر العمل فيها عبر المؤسسات المختصة والمشروعة، مثل ممارسة العمل الخيري عبر الجمعيات الخيرية المقننة والمنظمة عبر قانون، ومن خلال خضوعها للرقابة، وكذلك الأعمال التجارية عبر الشركات المسجلة التي تحتفظ بأرقامها الوطنية وسجلاتها القانونية ورؤوس أموالها المكشوفة، وهذا ما يجب أن ينطبق على المجال السياسي، وهذا المنطق يحتاج إلى تشريع دستوري متوافق عليه.

الوجه الثاني يتعلق برجال الأحزاب والعمل السياسي، الذين ينبغي لهم أن يغادروا المربعات الآيدولوجية والدينية والمذهبية والجهوية والعرقية في تشكيل الأحزاب، وأن يشرعوا في عملية إصلاح جذري تتناول المفهوم والأسلوب والأداة وطرق التجمع والتحزب، وهذه القضية ينبغي أن تكون نقطة البدء في إطلاق عملية الإصلاح الحزبي، ويؤيد ذلك الواقع والمشهد السياسي العربي الذي نعيشه بالدم والنار، إذ إن الأحزاب في عالمنا العربي ما زالت متخندقة في أطر أيدولوجية ودينية ومذهبية، وتحولت الأحزاب أحياناً إلى طوائف، أو واجهة لطائفة أو فئة، وهذا يخالف منطق العمل البرامجي الوطني، لأن الحزب أداة لخدمة الشعب كله، وخدمة الدولة وبنائها، وليس لخدمة فئة محددة أو دين معين أو مذهب مخصص، فهذا أمر يناقض جوهر العمل الحزبي الحقيقي، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يجب أن ننظر في نتائج هذا اللون من التحزب عبر نصف قرن من الزمان ويزيد، إذ أثمر هذا المنهج تقسيم الأمة وتفرقها وتفتيتها وإشعال المواجهة بين مكونات الشعب الواحد إلى درجة شرعنة حمل السلاح؛ ما يقتضي على العقلاء وأصحاب الرأي والنظر في الأمة أن يقفوا وقفة مراجعة جادة وعلمية وصارمة، والاستفادة مما يحدث في معظم الأقطار العربية؛ لأن الاستمرار بالطريقة السابقة نفسها وبالمنهجية نفسها والأدوات والوسائل نفسها لن يؤدي إلى نتائج جديدة، وإنما سوف يؤدي إلى تكرار النتائج نفسها، ما يحتم علينا الذهاب إلى عمل حزبي جديد مختلف يتبع منهجية التجمع على البرنامج السياسي فقط وعلى وجه التحديد.

إصلاح الناحية القانونية والدستورية أولاً فيما يخص تشكيل الأحزاب وعملها، وإصلاح منهجية العمل الحزبي ثانياً، سوف يشكل بناء محطة جديدة، في تاريخ أمتنا السياسي، وسوف يشكل بوابة الإصلاح السياسي المنتظر، وسوف تحل المعضلة الحزبية التي طال عليها الأمد

الدستور 2017-04-21



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات