المطلوب من النواب في الدورة العادية الثانية
اعتبارا من اليوم - الأحد - تبدأ أولى جلسات مجلس النواب بعد أن يفتتح جلالة الملك الدورة العادية بخطبة العرش ويعقد الأعيان جلستهم الأولى .
أسابيع طويلة مرت والمجلس في عطلة ، بعد أن صدرت الإرادة الملكية السامية بعقد الدورة العادية في الثاني عشر من تشرين ثاني الحالي ، وبعد تسخين نيابي مشهود سبق الإنفتاح بأسابيع لانتخاب أعضاء المكتب الدائم ويضم نائبي الرئيس ومساعديه ، ويلي ذلك البدء بتشكيل اللجان النيابية وعددها 20 لجنة .
في مشاهد البرلمان الأولى لاحظنا احتدام التحضير لمعركة النائب الأول للرئيس ، والتي انحصرت الآن بين نائبين بعد أن انسحب مرشح ثالث جراء " جاهة " نيابية .. وشهدنا كذلك انسحابات من كتل ولمسنا ما يشبه تأطيرات جديدة لاندماجات وخلافها ، بينما ظل موقع رئيس المجلس ثابتا استنادا إلى تعديل دستوري يعطي الرئيس عامين بدل عام واحد قبل التعديل ، ومن أجل ذلك فإن التنافس سينحصر لأول مرة بتاريخ البرلمان خارج المقعد الرئاسي ، وسينأى المهندس الطراونة بنفسه عن " وجع رأس " انتخابات هي الأهم وسبق له أن خاضها وفاز فيها بجدارة .
ما نأمله من مجلس النواب أن يكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه من حيث الرقابة وسن تشريعات ومناقشة مشاريع القوانين بدراية وعلم وتؤدة ، لأن كل قانون يوافق عليه المجلس يسجل عليه وعلى أعضائه ، ومن أجل هذا فإن المسؤولية لا تنحصر في الآن واللحظة ، بل ستلاحق المشرعين إلى أواخر حياتهم لأن أبناءهم وعائلاتهم ستكون خاضعة لهذه القوانين وما احتوته من مواد وبنود ..
وما نأمله أيضا من النواب أن يقوموا ومن خلال اللجان التي تحول عليها مشاريع القوانين بإشراك ذوي الشأن في مناقشة قوانين تهم قطاعاتهم ، فإذا تحدثنا - مثلا - عن الإستثمار فإنه يجب إشراك المستثمرين في النقاشات ، وإذا تعلق الأمر بالإعلام فالمطلوب إشراك النقابة والجسم الصحفي عموما في الإجتماعات وقس على ذلك بقية القطاعات ، لأن أهل مكة هم الأدرى بشعابها .
ولأن صندوق النقد الدولي أصدر تصريحا أكد فيه بأن خيار الحكومة برفع أسعار الخبز ليس بإملاء منه ، وإنه ليس مع هذا الخيار ، فإنه بات محتما أن يقول النواب كلمتهم ويمنعوا إصدار قرار كهذا ، لأن القضية الآن باتت قضية اجتهاد حكومي ، وليس فرضا من مؤسسة دولية ، مع اعتقادنا بأن تصريح الصندوق جاء بعد الضغط والنقد الشعبي ، كما وإن على النواب منع التجاوز على الدستور في الموافقة على مواد وبنود في مشروع قانون الجرائم الألكترونية الذي سلته الحكومة على الرقاب من "القراب" كما يقال ، وغيره من مشاريع القوانين .
نأمل أن تكون الدورة العادية الثانية مختلفة تماما ، بعد أن أصبح أغلب النواب متمرسين ولا حجة لهم في أي تخبط أو تردد أو تقصير .
د.فطين البداد