لم الأوراق النقاشية؟!

تم نشره الخميس 11 كانون الثّاني / يناير 2018 12:14 صباحاً
لم الأوراق النقاشية؟!
محمد أبو رمان

عاد موضوع الأوراق النقاشية ليأخذ مساحة من الاهتمام الرسمي والإعلامي، بعدما ذكّر الملك (في لقائه مع أعضاء في مجلس النواب قبل أيام) بعدم وجود جديّة كافية للتعامل مع ما ورد فيها، بخاصة الورقة النقاشية السادسة.
موضوع الأوراق النقاشية على درجة كبيرة من الأهمية، والمطلوب أن نتفاهم – بدايةً- بالإضافة إلى قراءة مضمونها ومحتواها، على منهجية التعامل معها، والأهداف الكامنة وراءها، لأنّ هنالك ارتباكا في أوساط النخبة السياسية في ذلك!
للتذكير فإنّ هنالك سبع أوراق نقاشية ملكية منشورة، الخمس الأولى تتعمّق ببناء الرؤية الملكية لمفهوم النظام السياسي الأردني وأدوار المؤسسات السياسية، والعلاقة بين الدولة والمواطنين. وهي أوراق على درجة كبيرة من الأهمية تفصح عن التصوّر الملكي المستقبلي للديمقراطية، وتحديداً لدور الملكية بوصفها حامية للدستور، ولمفهوم الحكومة النيابية، وتقاسم الأدوار داخل السلطة التنفيذية، وأدوار الأحزاب والبرلمان والمواطنة الفاعلة.
أمّا الورقتان السادسة والسابعة فتتناولان موضوعين رئيسين في الحياة العامة الأردنية، السادسة ناقشت مفهوم الدولة المدنية وأساسها الحكم بالقانون (يميّز المفكر الأميركي المعروف فرانسيس فوكوياما، في كتابه "الانحطاط السياسي" الفرق بين مفهومين؛ الأول هو حكم القانون، والثاني الحكم بالقانون)، ويحدّد الإطار الذي تفهم فيه الدولة المدنية، فيما الورقة السابعة تناقش موضوع التعليم وتطويره والمناهج وتشتبك مع السجالات الوطنية حينها عن المناهج والإصلاح التعليمي المنشود.
بالطبع أثير نقاش على درجة من الأهمية بين النخب السياسية عن الأسباب الثاوية وراء طرح الملك للأوراق النقاشية في حينها، وعن النتائج والمخرجات المتوقعة من تلك الأوراق، وعُقد العديد من المؤتمرات والندوات التي تناولت تلك الأوراق وتحليلها، وربما هنالك أدبيات تراكمت في تناول هذه الأوراق.
كل ذلك جيّد، لكن المهم قبل هذا وذاك أن نفهم المغزى والهدف من الأوراق النقاشية، وهو الذي سيؤطر الطريقة الصحيحة في التعامل معها؛ وربما المدخل لهذا الفهم هو ما ذكره الملك نفسه - في أغلب تلك الأوراق النقاشية- بأنّ وظيفتها هي المساهمة في الحوار السياسي الوطني سواء في عملية التحول الديمقراطي المطلوب، أو في القضايا الرئيسة التي تهمّ المواطنين، ومنها موضوعا الدولة المدنية والتعليم.
أظن أنّ أهمية الأوراق والموضوعات المطروحة فيها أنّها تضع رؤية ملكية لتصوّرنا إلى أين نريد أن نذهب مستقبلاً، سواء على صعيد التحول الديمقراطي والحياة البرلمانية والحزبية أم على صعيد قضايا جدلية مهمة، ومنها مفهوم الدولة المدنية والقانون والتعليم.
ذلك يطرح السؤال الأكثر أهمية: لماذا؟ والجواب أنّه بالرغم من أهمية الدستور الأردني والقوانين، إلاّ أنّنا ما نزال بحاجة إلى توضيحات أكثر وتوافقات وطنية مجتمعية أفضل ليس فقط لشكل نظام الحكم ومستقبله، بل للمجتمع وهويته وثقافته، وعلاقة المواطن بالدولة، فهنالك نصوص تشريعية وقانونية مهمة، لكنّها تحتاج إلى روافع ثقافية حقيقية، وتفاهمات وطنية عميقة تسند هذه النصوص وتوضّحها، كي تكون هنالك رؤية وطنية مشتركة للمستقبل: أين نقف؟ ما الذي نريده؟ كيف نصل إليه؟
البعض طرح سؤالاً جوهرياً، وهو لماذا لم تصدر الأوراق الملكية كتشريعات قانونية ملزمة؟ والجواب أنّ ذلك غير ممكن، لأنّ هذه الأوراق تتناول موضوعات متداخلة، لا يمكن تأطيرها في القوانين، وتحتاج إلى روافع ثقافية ابتداءً كي تتحقق، وإلى تفاهم وطني مشترك حولها، كي نصل إلى هذه المرحلة.
فعندما يتحدث الملك عن التعليم والمناهج وعن الوساطة والمحسوبية أو عن تطوير الأحزاب ومفهوم الديمقراطية واحترام الرأي الآخر والقبول بالتعددية وغيرها من مفاهيم كي تكون مظلة الحوار الوطني، ليتم البناء عليها مبدئياً ولاستدخالها في الحوارات الوطنية، كي تتحول بعد ذلك إلى سياسات وبرامج حزبية ومشروعات لقوانين وتشريعات.

الغد 2018-01-11



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات