أحزمة الأمان الاجتماعي

تم نشره الأحد 14 كانون الثّاني / يناير 2018 12:27 صباحاً
أحزمة الأمان الاجتماعي
رمزي الغزوي

يتحطمون مثل بطيخة هاوية، ويتكسرون كأعواد المعكرونة أولئك الذين تنتابهم لحظة جنون وهبل، فيقفزون من سيارة مسرعة، معتمدين على قوة بنيتهم ومتانتها، لكنهم ما أن يمسوا الأرض، حتى تصبح سرعة أقدامهم صفراً، فيما تبقى رؤوسهم وجذوعهم العلوية متحركة، بسرعة مساوية لسرعة السيارة، وهنا تكمن الكارثة الكبرى، فتراهم يتدحرجون ويرتطمون وينقلبون، بطريقة عجيبة (تدشدش) عظامهم، ثم ليدفعوا ثمن اندفاعهم، بالبقاء طويلاً مصفدين بقوالب الشاش والجبس: عافاكم الله!!.
فيزيائياً: فإن الجسم المتحرك يبقى متحركاً، ما لم تؤثر عليه قوة توقفه، وكذلك الجسم الساكن يبقى ساكناً، ما لم تؤثر عليه قوة تحركه، وهو ما يعرف بقانون نيوتن الأول، أو قانون القصور الذاتي، ولكن دعونا من الفيزياء، وحبذا لو نحتاط فنربط أحزمتنا المتينة، فيبدو لي، أن هذه المقالة، ستكون بمطبات كثيرة، ووقفات فجائية عديدة.
أحزمة الأمان، ليست كأحزمتنا التي نتخذها في تثبيت سراويلنا الآيلة (للسحل) عن عتبات الخصور، وليست كأحزمة الآباء النزقين، الذين كانوا يسلونها بسرعة البرق ليسوطوا أبناءهم العفاريت. فحزام الأمان اختراع جليل، يستحق مخترعه جائزة نوبل؛ لأنه لا يعمل إلا في الشدة، وفي أضيق الأوقات وأحلكها، فالحزام إن سحبته بلطف؛ فإنه يستجيب وينسحب، أما إن سحبته بعنف؛ فسيمتنع وسيجمد ويثبت، وهنا تكمن فائدته العظيمة، ففي الحوادث، وعند أدنى اندفاع سريع للأمام؛ فإنه يحمي أجسادنا ويثبتها في المقعد!.
الحكومات التي تسير مسرعة في تقدمها وحياتها وقراراتها، تعمد إلى اتخاذ عدد لا باس به من أحزمة الأمان، التي قد تخفف من حدة الصدمات السياسية والاقتصادية التي تعتري المسيرة، وتعمل في الشدائد. 
ونحن لدينا العديد من أحزمة الأمان العريضة، التي تتحزم بها كل الحكومات، لمواجهة المصاعب، والتي نسمع بها في كل الخطط الخمسينية والعشرية، لكنها تظل أحزمة مختلفة، فهي تستجيب بلطف، تماماً كما تستجيب بعنف (يعني هي وقلتها واحد)، ولهذا فهي مجرد حزام عادي، لا تقدم ولا تؤخر، ولا تثبت جدارتها في الشدائد، وغلو الأسعار، وهزهزات السوق، والوقفات الفجائية، والحوادث العالمية، والارتطامات العنيفة.
في عرف الحكومات، التي لا تؤمن بقانون القصور الذاتي، وتعول على قوة الأجسام المتطايرة، فإن أحزمة الأمان، لا تكون إلا إكسسواراً وبهرجة، في حياتنا الاقتصادية، وأجندتنا السياسية، وعليه فحبذا لو تحول كل تلك الأحزمة العريضة، من أحزمة للأمان إلى أحزمة لشد البطون الخاوية!.

الدستور 2018-01-14



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات