عفرين ومنبج .. صفقات ومصالح تحت الضغط

تم نشره الأحد 21st كانون الثّاني / يناير 2018 12:49 صباحاً
عفرين ومنبج .. صفقات ومصالح تحت الضغط
د.فطين البداد

اعتقد كثيرون أن تهيديدات  أردوعان بعملية عسكرية في عفرين  لن تنفذ ، ذلك أن الرئيس التركي وعلى مدار أيام ظل يردد بأن أنقرة لن تسمح لوحدات حماية الشعب الكردية (PYD)   بالبقاء على حدودها لأن ذلك يهدد الأمن القومي التركي ، إلا أن التهديدات التركية تمت ترجمتها بعملية أطلق عليها : " غصن الزيتون "  وبالتالي ، فإن منع إنشاء حزام في الشمال السوري على حدود تركيا ممتد إلى الحدود العراقية يعتبر أولى الأولويات بالنسبة لبلد يخشى سيناريوهات تستهدف وحدته واستقراره .

وقد بات الآن واضحا  ، بأن الروس أيدوا العملية العسكرية التركية ، وتجلى ذلك من خلال  إعلانهم سحب خبرائهم من عفرين ، وتحميلهم الولايات المتحدة مسؤولية ما يجري ، وذلك بسبب تزويد واشنطن للاكراد بالأسلحة المتطورة والحديثة كما قال بيان وزارة  الدفاع الروسية مساء السبت  .

ما يهم الروس بالدرجة الأولى هو إنجاح اجتماع سوتشي الذي انتهت موسكو  من إعداد قوائم المشاركين فيه  ، حيث من المنتظر أن يلتئم نهاية هذا الشهر  ( 29 - 30 )   الجاري ، وليس غريبا أن يعلن في أنقرة عن استدعاء الخارجية التركية   كلا من سفراء أمريكا وروسيا وإيران وإطلاعهم على بدء العملية العسكرية وأهدافها ، وفي نفس الوقت إعلان الخارجية التركية بأنها ابلغت النظام السوري خطيا بالعملية العسكرية وهو ما  نفاه النظام كالعادة .

إذن : فإن ما يتضح من بدء العملية العسكرية  هو موافقة مختلف الأطراف عليها وبنسب متفاوتة ، وبعضهم  بشروط ، ومن أبرز شروط هؤلاء  هو طلب روسيا من تركيا استكمال نشر مراقبيها في إدلب ، حيث وكما يبدو ، فإن الضربة التي تلقتها القواعد العسكرية الروسية  بالصواريخ وطائرات بدون طيار أفهمت الروس بأن دور تركيا في سوريا لا يمكن اللعب به أو  تجاهله لكون  المناطق التي انطلقت منها الهجمات لم تكن تحوي أي مراقبين  كما كان متفقا عليه ، ما أغضب موسكو التي اتهمت أنقرة بالتأخر وليس بالتأخير  ، ولهاتين المفردتين معنيان مختلفان كما نعلم  ، وبالإضافة  إلى اعتبارات  أخرى ، فإن مقايضةً من نوع ما تمت بين الطرفين : أنتم تؤيدون عمليتنا في عفرين ومنبج  وشمال سوريا ، ونحن ننجح لكم سوتشي ، ونغض الطرف عن مطار أبو الظهور  ونستكمل نشر مراقبين ، وهكذا كان ، أما بالنسبة للولايات المتحدة ، فإن موقفها وحتى بعد انطلاق العملية ظل هادئا ، ذلك أن الجانب الأمريكي سبق وأعلن بأن  أكراد عفرين لاعلاقة لواشنطن بهم ، ناهيك عن أن خسارة واشنطن لتركيا كحليف  يعتبر مسألة غير محتملة أمريكيا حتى في ظل حكم حزب العدالة ،  أما الأيرانيون فإن  مخاوفهم من أي استقلال كردي يضاهي مخاوف الأتراك ، فلا غرابة إذن من صمت طهران ، وقبل هذا وذاك ، فإن الأتراك حسموا الأمر سياسيا  من قادة هذه البلدان ومسؤوليها ، وعسكريا من خلال طاولة  اجتماعات ضمت قادة الجيوش والإستخبارات المعنية .

من أجل ما سبق ، فإن  عملية عفرين  ماضية وستتوسع  إلا إذا اتخذ الجانب الأمريكي قرارا بسحب قوات الـ  (PYD) من منبج بطرق سلمية ،  وتراجع عن فكرة تشكيل جيش قوامه 30 ألف مسلح لحماية  الحدود ،  فالمهم لدى الأتراك ليس  نفي تيرلسون وجود نية كهذه ، وقد نفى فعلا ، بل أن يتم ترجمة النفي اللفظي إلى سلوك عملي  ، والإيفاء بوعود قطعت  لدولة عضو في حلف تتزعمه الولايات المتحدة من قبيل إبقاء قوات الـ PYD)   شرق الفرات  ، ولكنه حلف بدا واهنا وهزيلا ، وأحيانا متآمرا  ، وليس انقلاب تركيا في 15 تموز من عام 2016  عما نقول ببعيد  .

كما قلنا ، فإن عملية عفرين  ومنبج وغيرهما  أو " غصن الزيتون " ماضية إلى أهدافها  ، إلا إذا حدث طارئ أكبر وأخطر من هذا الذي  يجري ، وعندها ستذهب عنتريات أردوغان قبض الريح  !. 

د.فطين البداد

جي بي سي نيوز 2018-01-21



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات