هل تأخرنا كثيراً؟!

تم نشره الثلاثاء 11 أيلول / سبتمبر 2018 12:35 صباحاً
هل تأخرنا كثيراً؟!
محمد ابو رمان

بالرغم مما بدا لكثير من المتابعين والحضور والمراقبين مقاربة مقنعة وعميقة قدّمها الرئيس عمر الرزاز، في محاضرته، التي نظّمها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، أول من أمس، بعنوان "أولويات الحكومة وتحديات المرحلة"، إلاّ أنّه من الواضح أنّ هنالك مزاجاً سلبياً مشككاً ما يزال مهيمناً على شريحة اجتماعية عريضة.
لا أريد أن أتحدّث هنا عن ماكينات تعمل -سياسياً وإعلامياً- لإفشال الحكومة، من دون أن تدرك بأنّها تضع الجميع في مأزق كبير، بل عن الشريحة الاجتماعية العريضة، بخاصة من جيل الشباب، ممن لا يرون فروقاً جوهرية تحدث في الوضع السياسي والاقتصادي، حتى ضمن ما تمّ تسريبه من أخبار عن مشروع قانون الضريبة الجديد، بوصفه لا يختلف كثيراً عمّا قدمته حكومة الملقي!
بالرغم من أنّ الرزاز نجح في وضع سياق وإطار اقتصادي-اجتماعي صلب للمشروع الجديد، ضمن الحديث عن إعادة هيكلة التشريعات الضريبية، خلال الفترة المقبلة، والقيام بعملية إزاحة من المبيعات إلى الدخل، وهي مسألة تحتاج إلى وقت وتدرّج، لأنّ جزءاً كبيراً من موارد الموازنة يعتمد على المبيعات والضرائب والرسوم غير المباشرة، لذلك أصبح الأمر يتطلب خطوات متدرجة، في وقت حسّاس للوضع المالي العام، وهو ما وعد الرزاز بالمضي فيه، معترفاً -وهذا بحدّ ذاته جيد ومغاير للصورة النمطية- بأنّ العبء الضريبي كبير نسبياً على المواطنين، وليس فقط مرتبطاً بما يتم تحصيله من ضريبة الدخل.
على أيّ حال، وبعيداً عن تفصيلات القانون، فإنّ المزاج السلبي العام أصبح مهيمناً، وهو أمر -للأمانة- طبيعي، في ضوء الانتكاسات الاقتصادية-الاجتماعية، وحتى النفسية، التي تعرَّض لها المواطنون خلال الأعوام الماضية، والأخطاء المتراكمة في السياسات العامة، حتى وصلنا إلى مرحلة يبدو فيها الإصلاح في أيّ مجال وقطاع عملاً معقّداً وطويلاً ومتشعباً!
مثال على ما أقوله في التعليم العالي، الذي كما قال الرئيس ركّزنا فيه على الكمّ وتركنا الكيف، وكان جزءاً من عمليات الاسترضاء والمحاباة وضعف الاستقلالية، وتراجع العمل الطلابي، وغير ذلك من كوارث ارتُكبت بحق الجامعات، حتى ينتهي الأمر إلى أن يتم الاعتداء على رئيس جامعة وإخراجه بالقوة، ويقدم نفسه -وهذا قرار أحترمه- على إبداء عدم رغبته في قبول التجديد، لأنّ الوضع في الجامعة، وبالمناسبة الحال نفسها لكثير من الجامعات، لم يعد يمكن الاستمرار فيه على هذا النحو!
إذا كان ذلك على مستوى مؤسسة واحدة، فكيف سيكون الأمر على مستويات أخرى عديدة، مثل ما حدث مع المشتبه الأول في قضية الدخان، وهو عوني مطيع، وقبله وليد الكردي، وغيرهما، فهل هنالك من يشرح لنا كيف حدث ذلك؟ ومن المسؤول بقصد أو غير قصد؟ ألا يقتضي ذلك إشعال الأضواء الحمراء كافّة للتخلص من الاختراق الخطير الذي حدث في هذه المؤسسات، وقبل ذلك معرفة حجم هذا الاختراق؟!
الإصلاح تأخر كثيراً، لكن السؤال يبقى فيما إذا كان هنالك قناعة لدى الجميع، في أوساط الدولة، بالمضي قدماً بهذا المسار، أم أنّنا ما نزال في طور الإنكار، لأنّ الإصلاح يتطلب رسائل أكثر قوة وأوراقا حقيقية تعطى لرئيس الوزراء ليقدمها للشارع، لعبور المنعرجات المقبلة، أو تكون حاله كمن رُبّط بقدميه ويديه وألقي في البحر ليسبح مع الدعاء له بالنجاة!

الغد - الثلاثاء 11/9/2018



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات