ما لم تقله الحكومة

تم نشره الأحد 16 أيلول / سبتمبر 2018 12:44 صباحاً
ما لم تقله الحكومة
محمد ابورمان

أصرّت الحكومة في طرحها لمسودة المشروع المعدّل لقانون الضريبة على أنّه جزء من عملية إصلاح متكامل، وضمن رؤيتها للتكافل الاجتماعي. لكن ما لم تقله الحكومة، لكنّه يُفهم بين السطور، هو أنّ المسودة هي أقصى ما يمكن تحصيله من "معركة" المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

كان لدى الحكومة تصوّر مغاير في العديد من التفصيلات، وتقدّمت الحكومة بالعديد من المقترحات والتوصيات، وللمرة الأولى يخرج رقم رسمي من الحكومة نفسها ليقول أنّ حجم العبء الحقيقي هو.526 % وليس فقط 15 % كما كانت الرواية الرسمية، واعتراف بأنّ هذا إجحاف بحق المواطن.

القيم التي بنت عليها الحكومة مشروعها، وشرحها نائب رئيس الوزراء، رجائي المعشّر، للكتّاب الصحافيين في لقاء سابق، قبل أسابيع، تقوم على ركنين: الأول التحوّل من الاعتماد على ضريبة المبيعات إلى الدخل، وهذا يتطلب تدرّجاً وتمرحلا، والانتهاء ابتداءً من المراجعة الحالية مع الصندوق لحماية الاستقرار النقدي والمالي، والثاني أن تُنفق الأموال التي تحصل من الضريبة على تحسين الخدمات العامة، وهذا ما يجب علينا – نحن المواطنين- أن نلاحق الحكومة فيه ونسائلها عنه.

أجزم بأنّ المسودة الحالية ليست هي التي ترغب بها الحكومة. لكن ليس هنالك أفضل مما كان، فالحكومة وصلت إلى الدوار الرابع بعد أن كان صندوق النقد قد قطع شوطاً طويلاً في التفاهم مع الحكومات السابقة، وحاول المسؤولون إقناع الصندوق بأنّ عليه فقط النظر بالنتائج وليس السياسات، لكنّ "الصندوق" لسبب أو آخر، وربما لأنّه أصبحت لديه قناعة مسبقة أنّنا نريد أن نتهرب فقط من اتخاذ القرارات، رفض كثيراً من الصيغ الحكومية.

صحيح أنّنا من ذهب إلى الصندوق ولجأنا إليه لأنّ شهادته تفتح لنا الأبواب المغلقة والضرورية لإعادة جدولة الديون، وكان لدى الحكومة سقف توقعات مرتفع بإمكانيات تقديم مسودة أفضل بكثير، لكنها اصطدمت بموقف متصلب من الصندوق، وخاضت نقاشات مطولة ومتعددة، ودخلت معه في شد وجذب حتى في لقاءات الفيديو كونفرس (Video Conference) التي كانت تعقد باستمرار معه، وفي المحصلة وصلت المفاوضات إلى هذه المسودة وهي أقصى ما يمكن تحصيله، وقال لنا الصندوق: الخيار لكم بقبول ذلك أو رفضه!

ماذا يعني الرفض؟ الخروج من البرنامج مع الصندوق! وهو خيار تمّت دراسته بالمناسبة بصورة متكاملة، من قبل الفريق الوزاري، وتفحّصوا الخيارات الأخرى، ولو كانت الظروف أفضل ربما كان أنسب. لكن ضمن البرنامج الزمني المحدود والمتاح، وأمام استحقاقات كبيرة قادمة، في ظل الظروف الإقليمية ومعدلات البطالة والتضخم ومحدودية الناتج المحلي الإجمالي، فلم يكن هذا القرار- أي رفض برنامج الصندوق إلاّ مغامرة خطيرة جداً في الوقت الحالي، ومراهنة على الاستقرار الاقتصادي، وبالتالي النقدي والاجتماعي!

بالرغم من ذلك فلا بد من الاعتراف بأنّ أبناء الطبقة الوسطى، ممن يزيد دخلهم الأسري على الـ1400 دينار متضررون بكل تأكيد. وأنا كفرد – من هذه الطبقة- سأكون متضرراً بالرغم من أنني أدفع أقساطا كبيرة على مدارس أبنائي الخاصة، وعلى النقل والصحة، (والقرض السكني بالطبع) وهي خدمات كان يفترض أن تكون مجانية مقابل الضرائب، مع إدراك كل هذه التحفظات الشعبية المشروعة والمحقّة، لكن ما هو البديل المطروح؟ وماذا يمكن لأي حكومة أخرى أن تفعل في ظل الوضع الحالي؟!

المطلوب اليوم بلورة تصوّر واضح لدى القوى الفاعلة من الطبقة الوسطى تجاه الضغط على الحكومة في مجال تحصين المال العام من الفساد، ضمان صرف نسبة كبيرة من الضرائب على تحسين الخدمات ومراقبة ذلك، المطالبة بإصلاح سياسي مواز ومتزامن لإشراك الشعب بالقرارات التي تمس حياته اليومية.

الغد - الاحد 16/9/2018



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات