الوجه الآخر للصورة

تم نشره الثلاثاء 06 تشرين الثّاني / نوفمبر 2018 01:00 صباحاً
الوجه الآخر للصورة
عريب الرنتاوي

في حمأة الاتهامات والتهديدات المتبادلة بين طهران وواشنطن، وبلوغ اللغة المتبادلة بينهما حداً غير مسبوق من التوتر والتوتير، تغيب عن الاهتمام، مؤشرات تفتح الباب لخيارات أخرى، غير المواجهة والتصعيد، وتُبقي احتمال التوصل إلى توافقات وتفاهمات على الطاولة، إلى جانب خيار التصعيد والمواجهة.
يعود ذلك إلى أمرين اثنين: الأول؛ ويتعلق بالإدارة الأمريكية، التي تدرك بلا شك، أن «تصفير» صادرات النفطية أمراً غير ممكن، وأن شبكة العقوبات التي فرضتها على إيران، «مثقوبة» في أكثر من مطرح، وأن الرئيس ترامب قد يغادر بيته الأبيض، قبل أن ترفع طهران رايتها البيضاء كما قلنا في مقالة الأمس ... لكن آخر ما يريده ترامب وإدارته، هو الدخول في حرب خليجية رابعة ... فما العمل والحالة كهذه؟ وما هي الخيارات التي تتوفر عليها الإدارة في حال بدا أن إيران قادرة على اجتياز استحقاق العقوبات من جديد، كما اجتازته عندما كانت أكثر شمولاً وأشد مضاءً؟
والثاني؛ ويتصل بإيران، التي وإن طغت على خطابها، نبرة التحدي والاستخفاف بالعقوبات والثقة بقدرتها على إلحاق الهزيمة بواشنطن، إلى أن حكومة روحاني، ومن ورائها مرجعية خامنئي، تدركان تمام الإدراك كذلك، أن عبء العقوبات الثقيل يصعب حمله لفترة طويلة من الوقت، وأنه قد يفضي إلى ما لا تحمد عقباه داخلياً على المديين المتوسط والبعيد، وان نفوذ طهران الإقليمي، يواجه تحديات حقيقية، بعد أن بلغ ذروة غير مسبوقة في السنوات الأخيرة.
في ظل هذه «الاستعصاءات» تصدر عن الطرفين مؤشرات يتعين التقاطها وتتبعها ... ترامب أعلن أكثر من مرة، بأنه ينتظر اتصالاً من الإيرانيين للشروع في مفاوضات جديدة، وبلا شروط مسبقة، ضارباً عرض الحائط على ما يبدو بشروط مايك بومبيو الاثني عشر ... والوزير الباسم محمد جواد ظريف، يتحدث لوكالة الأنباء اليابانية «كيودو» عن شرط وحيد لاستئناف المفاوضات مع «الشيطان الأكبر»: مراعاة قاعدة الاحترام المتبادل؟!
في هذه الأثناء، تتوالى المعلومات و»التسريبات» حول مفاوضات غير مباشرة، يقوم بها وسطاء متعددون، منهم سلطنة عُمان، لتدوير الزوايا الحادة في مواقف البلدين ... البعض أدرج «التطور المفاجئ» في علاقات مسقط مع تل أبيب، في هذا السياق، رغم الحديث المتكرر عن وساطة إيرانية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ستمر العلاقات بين البلدين في مرحلة «عض أصابع» مؤلمة، لإيران والمجتمع الدولي والإقليم على وجه الخصوص ... ومن الصعب التكهن بحدوث انفراجة حقيقية وشيكة في هذا الملف ... لكن قد لا يمضي طويل جداً، قبل أن يحدث ترامب استدارة مفاجئة في مواقفه وسياساته، كدأبه دوماً ... إيران، تدرك ذلك، وهي تطلق بين الحين والآخر، من المواقف والتصريحات ما قد يسهل على ترامب استدارته.
آخر هذه التصريحات، ما صدر عن نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، الذي قال فجأة ومن دون مقدمات، أن الوجود العسكري لبلاده في سوريا، ليس أمراً دائماً، وأن بلاده لا تتطلع إلى ذلك ... صحيح أن هذه التصريح جاء في سياق نفي «التعارض الاستراتيجي» بين إيران وروسيا في سوريا وحولها، بيد أنه يصلح كذلك، كرسالة «حسن نية»، يمكن لمراكز الاستشعار عن بعد في واشنطن أن تلتقطها.
أضف إلى ذلك، إن في كل من طهران وواشنطن، من لا يزال يجنح لخيارات التفاوض والحوار، ويرغب في تفادي سياسات الحسم والعسكرة و»تكسير العظام» ... هؤلاء لن يقفوا صامتين، وهم يرون بلديهما ينزلقان نحو قهر هاوية مظلمة ... وهم في مسعاهم هذا، سيلقون دعماً من مجتمع دولي، قد لا يتعاطف مع إيران، بيد أنه لا يوافق ترامب على مواقفه وسياساته العدائية الرعناء.
ثمة وجه آخر لصورة العلاقات الأمريكية – الإيرانية، لم ترتسم ملامحه بعد، لكنه ما زال يطل برأسه من بين ثنايا التصريحات النارية التي تصدر عن كلا الطرفين، وتحديداً عن صقور الإدارتين ومحافظيهما.

الدستور - الثلاثاء 6-11-2018



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات