كيف يتوازن العرب في الإقليم..!

تم نشره الأحد 30 حزيران / يونيو 2019 12:37 صباحاً
كيف يتوازن العرب في الإقليم..!
علاء الدين أبو زينة

ربما لا یوجد إقلیم في العالم أكثر تعقیداً من الشرق الأوسط. وسوف یحتاج تحلیلھ إلى مؤسسات وبرمجیات ولیس أفرادا، خاصة وأن التحلیل المتحرر من الانحیازات والعواطف سیكون نادراً، بالإضافة إلى أن الصورة أكبر من أن تشملھا نظرة بعینین بشریتین. ومع ذلك، قد یفكر المرء ُ في ما یفترض أن یكون بدھیات أیدھا تراكم الخبرة؛ منھا أن العالم محكوم بقانون التنافس أكثر من التعاون. إذا كان الأمر كذلك، فإن الدول والكیانات –والأفراد- معنیون بالبحث عن سبل التفوق في ھذه المنافسة المفروضة، كمسألة تكیف مع قانون الطبیعة السائد، ”البقاء للأصلح“، وبغض النظر ُ عن حسن النوایا. ولعل أسوأ أداء في لعبة تنافس بھذا المستوى ھو ذلك الذي یجعل الآخرین یتنافسون علیك، ویخوضون معاركھم في فنائك، وبحیث لا تكون طرفاً في منافسة بقدر ما تصبح مجرد تفصیل وأداة في منافسات الآخرین. ُیفترض، نظریاً، أن یكون العرب ھم الطرف الذي یصعب أن تنافسھ الأطراف الأخرى في الإقلیم. فھم یشكلون، من حیث الكتلة السكانیة، والامتداد الجغرافي، وتنوع الموارد البشریة والطبیعیة، وعوامل الوحدة الثقافیة واللغویة والعقائدیة، أكبر وحدة في الإقلیم على الإطلاق ُ ھم جعلوا –أو جعلوا من أنفسھم، لا فرق- ذلك التفصیل الصغیر والجسد وبفارق جید. لكنَّ الضعیف الذي یتطفل علیھ الآخرون ویخوضون حروبھم فیھ. لا یجوز بعد ذلك أن یستمر العرب في لوم جیران الإقلیم على تنمرھم علیھم ودوس حیاضھم. ولن تنفع في معالجة ذلك دعوات العاجزین، أو الخطابات المتشنجة والعصبویة –وبالتأكید لیس جلب منافسین خارجیین أكثر لؤماً لتوفیر الحمایة، بینما یتم في الحقیقة منحھم مساحات عربیة مجانیة یكرسون فیھا ھیمنتھم ویزیدون من إضعاف قدرة أصحاب البیت على المناورة والمنافسة. ُ ینبغي أن ینظر إلى سلوك بقیة الأطراف في الإقلیم واستقوائھم علینا من ھذه الزاویة. وبغض

النظر عما إذا كانوا یلحقون بنا ضرراً لمصالحھم وأفضل استخدام لأدواتھم، ولا یتعاملون بالعواطف والإنسانیات. إنھم إذا لمحوا ثغرة أو أرضاً منخفضة، ورأوا في أنفسھم الإمكانیة للسطو علیھا وتعظیم ممتلكاتھم ومواردھم بھا، فسوف یفعلون بلا تردد. بل إن مقتل المنطقة العربیة ھي أنھا محكومة ھي نفسھا بمنطق المنافسة الذي تمارسھ الكیانات القطریة العربیة ضد بعضھا البعض، لتصبح كلھا أرضاً واطئة. ُ یحتل التوتر بین إیران وأمیركا –وبما یتجاوز مسألة القضیة الفلسطینیة، ولو أنھ یستخدم لتحییدھا- صدارة المشھد في الفترة الأخیرة. ومن الجدیر حقاً تأمل تعامل رئیس القوة المھیمنة في العالم، الولایات المتحدة، مع العرب من جھة، ومنافسھم الجدید، إیران، من جھة أخرى. مع العرب، ثمة خطاب ازدرائي وعلاقة سائلة بینھم وبین أمیركا. إنھم تارة حلفاء، وتارة طلاب ِ حمایة، أو أنھم النقیض القیمي لما تمثلھ أمیركا، وأنھم یجب أن یدفعوا إتاوات، ویجب أن یساعدوا خطط أمیركا –والكیان الصھیوني العدو- ضد رغبات ومصالح شعوبھم وضد القوانین الإنسانیة والدولیة، حتى یحتفظوا بھذه العلاقة التي ما كان ینبغي أن تكون بھذه الشروط. َ . أنت ُ تضربني وتھددني، لكنني أستطیع أما مع إیران، فالأمر سجال، فیھ صوتان ولیس واحداً ُ بما یتاح لي. وحتى في عز التوتر القائم الآن بین أمیركا وإیران، یتحدث َ أن أضربك أیضاً ترامب عن التفاوض، ویتراجع عن ضربة عسكریة بعد أن أعلنت إیران أنھا لم تجبن عن إسقاط ّ طائرتھ المسی َ رة. وبینما لا تتردد الولایات المتحدة في ضرب كل من یعارضھا، فإنھا تتوقف ُ وتفكر حین یتعلق الأمر بإیران، وتحسب الاحتمالات والأضرار التي لا بّد منھا حتى لو ُ انتصرت في النھایة. ھناك إذن كلفة. والكلفة توجب الھیبة. طریق العرب إلى المنافسة بدل الاستمرار في موقف الضحیة، واضح. لن یفیدك أن تصرخ على جارك وتتوقع أن تردعھ بالصوت العالي، أو أن تستأجر علیھ أحداً ینھب مالك حتى یحمیك. إن إیران –وحتى الكیان الصھیوني الصغیر- یحاولون أن یتصرفوا كأمم –حقیقیة أو مختلقة- ولیس كإقطاعیات وفصائل متعادیة مأزومة الدواخل. والعرب، في المقابل، یصرون على التصرف كأمم وعلى تحریض التناقضات حتى أصغرھا حتى في القطر نفسھ. والأنظمة ِّ التي تعتقد بأنھا تحمي نفسھا بھذه الطریقة لیست لھا أي فرصة في المنافسة، ولن تمكن العرب من التوازن في الإقلیم.

الغد- السبت 29-6-2019



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات