أشعر بالسعادة

تم نشره الخميس 28 تشرين الأوّل / أكتوبر 2021 01:19 صباحاً
أشعر بالسعادة
رمزي الغزوي

تتجلّى حالة الانفصام التي نعيشها في ما أعلنه مركز الدراسات الاستراتيجية قبل يومين، من أن غالبية الأردنيين (74%) لا يعتقدون أن الأردنيين مجتمع سعيد، بينما 65% من الأردنيين يصفون أنفسهم بالسعداء. وإلا كيف يمكنك أن تقرأ هذه المعادلة المتضاربة، إذا لم تأخذ في حسبانك أننا مفصومون، تتلبسنا حالة من ضياع ضائع.

في ذات المسار، أثار هذا الاستطلاع حفيظتنا وبلبل أحاديثنا. فهو يفصح عن أن سكان عجلون أكثر أهل الأردن سعادة. وأن أهل الطفيلة أقلهم في هذا. والمهم أو الأهم، أن بعض أهل عجلون رفضوا بشكل غاضب هذه النتيجة لأنهم يرون أنفسهم في خانة التعاسة، وفي المقالب غضب بعض أهل الطفيلة؛ لأنهم يرون أنفسهم من أهل السعادة.

لا أعرف لماذا حشر مركز الدراسات هذين السؤالين في استطلاع مخصص اصلاً لقياس شعبية الحكومة في عامها الأول. مع العلم أن السعادة لا تقاس بمثل هذه الأسئلة المباغتة المرتجلة، والمبثوثة بين أسئلة تغمُّ البال وتهز البدن، بل لها مؤشراتها العلمية وخبراؤها وموازينها العالمية المعروفة.

على كل، أنا أرى السعادة حالة فردية شخصية، أكثر مما تكون حالة عامة تقيسها أسئلة هاتفية مباشرة. السعادة بنظري قرار شخصي قبل كل شيء، لا ترتبط بالماديات والملذات، ولا بالغنى أو الفقر، بل ربما هي أقرب ما تكون إلى الروحانيات. كما أنني مقتنع تماماً، أن على كل واحد منا، أن يكون وزير سعادة نفسه، خصوصاً في أزمنة الضياع هذه، وألا ينتظر من أحد أن يطبخ له كعكة السعادة، ويقدمها له على طبق بلور مع فنجان قهوة.

في الصف السادس الأساسي شرح لنا معلم العلوم مفهوم الضغط الجوي بأنه وزن عمود الهواء، فوق منطقة معينة، وبسببه نشعر بثقل كبير على طبلات آذاننا، إذا ما نزلنا إلى منطقة منخفضة عن سطح البحر.

في ربيع تلك السنة، اشتركت في رحلة مدرسية انحدرت من جبال عجلون إلى كريمة في الأغوار. ويبدو أنني ألصقت خدي بزجاج شباك الحافلة الدافئ، واندغت متأملاً خضرة الأفق، وبيارات الموز، ونوّار البرتقال، وزهور البسباس؛ فباغتني معلم العلوم: بماذا تشعر الآن يا رمزي؟!. فما كان مني إلا أن قلت بلسان طلق دون تفكير: أشعر بالسعادة.

اليوم، يبدو أنه من الجنون أن تصرح بأنك سعيد، غير شاعر بثقل أعمدة الخواء والغلاء والبلاء على أم رأسك وطبلة أذنك وشبكية عينيك وكريات دمك. والأكثر جنوناً أن تدخل يومك مقرراً أن تعيشه بسعادة، دون أن تلقي بالاً لكل من يتربّص بك، أو بما يواجهك من تحديات وضغوط.

الدستور 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات