أفق التصعيد الإسرائيلي تجاه إيران

تم نشره الأربعاء 15 حزيران / يونيو 2022 12:52 صباحاً
أفق التصعيد الإسرائيلي تجاه إيران
حازم عياد

لم يتوقف الكيان الاسرائيلي للحظة عن استهداف ايران سواء عبر النشاط الاستخباري او الامني والعسكري. تجلى بغارات جوية وعمليات سيبرانية واخرى للقوات الخاصة داخل الاراضي السورية امتدت الى الحدود العراقية وما وراءها، فبلغت طهران وعلماءها وقادتها العسكريين ومنشآتها النووية.

لم تنجح الجهود الاسرائيلية في كبح جماح الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة عن الانفتاح على ايران في ظل الازمة الاوكرانية، وفي ظل  الانفتاح الواسع لإدارة بايدن على طهران لإحياء الاتفاق النووي؛ انفتاح اقترن بإجراءات تشجيعية عبر تفاهمات افضت للافراج عن مواطنين بريطانيين وامريكان معتقلين في ايران.

ففي العام 2021 افرجت طهران عن اربعة مواطنين امريكيين مقابل إفراج واشنطن عن 7 مليارلا دولار من حقوق ايران المجمدة.
وفي آذار/ مارس من العام الحالي، وعقب اندلاع الحرب الاوكرانية، أفرجت طهران عن مواطنين بريطانيين (الصحفية نازنين زاغري راتكليف، والمهندس المتقاعد آنوشه أشورىفي) مقابل إفراج لندن عن 390 مليون جنيه إسترليني من اموال ايران المجمدة منذ عام 1979.

حالة الهلع والهوس الاسرائيلية تجاه ايران اشتدت بعد تواتر المؤشرات عن اقتراب التوقيع على اتفاق نووي في فيينا، وازداد شراسة بعد اعلان الولايات المتحدة نيتها رفع الحرس الثوري الايراني من قائمة العقوبات.

حالة الاحباط الاسرائيلية تعاظمت بعد الازمة الاوكرانية، وتنامي الحاجة الاوروبية والامريكية للنفط الايراني، بل الفنزويلي، وما يتطلبه ذلك من خفض للتصعيد والتوتر في الخليج العربي والبحر الاحمر؛ لضمان تدفق إمدادات النفط والغاز كمقدمة لتشديد العقوبات على روسيا، أسهمت في تسارع الخطوات لتمرير الاتفاق النووي.

رغم التطمينات الامريكية والمغريات التي قدمتها لقادة الكيان الاسرائيلي، فإن النشاط الاستخباري والعسكري الاسرائيلي في المنطقة، والنشاط والتحركات الدبلوماسية والسياسية الاسرائيلية في امريكا واوروبا لم تتوقف لإقناع امريكا واوروبا بضرورة الإبقاء على العقوبات المفروضة على طهران، والامتناع عن رفع الحرس الثوري من قائمة العقوبات.

الكيان الاسرائيلي للتغلب على المعيقات طرح آليات لتحقيق الاهداف المشتركة لأوروبا وامريكا وشركائهما في المنطقة بضمان تدفق إمدادات النفط، والحد من التهديدات الامنية؛ فإسرائيل نشطت للترويج لمنظومة دفاعها الجوي، ولتحالف إقليمي لمواجهة المسيرات والصواريخ عبر منظومة إنذار مبكر، إلا أن العائق الوحيد المتبقى -بحسب التقرير الذي أعده بن كاسبيت في صحيفة المونيتور- تمثل بالعلاقة المتوترة بين ادارة الرئيس بايدن والمملكة العربية السعودية؛ توترٌ يأمل قادة الكيان بتلاشيه خلال زيارة الرئيس بايدن للسعودية والكيان الاسرائيلي تموز يوليو القادم؛ زيارةٌ لم تكتمل عملية التخطيط لها، بحسب الناطق باسم البيت الابيض.

ورغم نجاح الكيان في كبح جماح اوروبا والولايات المتحدة الامريكة في الاندفاع نحو الاتفاق النووي، فإن الاندفاع الى ما هو أبعد من ذلك باستهداف إيران بضربة جوية تقضي على قدراتها النووية يبدو هدفًا إسرائيليًا بعيد المنال؛ فالمخاطرة كبيرة تتحفظ عليها دول الاتحاد الاوروبي وقطاعات مهمة داخل أمريكا، والعملية العسكرية سيتخطى أثرها الاقليم نحو الباسفيك وشرق اوروبا.

ذلك أن الضربة العسكرية لإيران من الممكن ان تفضي الى وقف تدفق إمدادات النفط والغاز؛ ما يعني دمارًا اقتصاديًا شاملًا في القارة الاوروبية، وفي الولايات المتحدة التي تعاني من تضخم مرتفع يتوقع ان يبلغ نهاية الشهر الحالي 9%، ومنظومة الدفاع الصاروخي والإنذار المبكر وإن كانت ستعيق وصول المسيرات والصواريخ الى الكيان من إيران، فإنها لن توقف التضخم، وانهيار الاقتصاد الامريكي والاوروبي.

كما أن منظومة الإنذار المبكر لن توقف الهجمات الايرانية في الخليج العربي، أو تعيق قدرتها على إغلاق مضيق باب المندب وهرمز.

أمريكا تدرك خطورة التورط في حرب إقليمية في البحر الاحمر والخليج العربي؛ فهي لم تخرج من افغانستان لتغرق في مستنقع اكبر وأعمق يمتد من بحر العرب والخليج الى البحر الاحمر وشرق المتوسط، وحفرة الانهدام والبحر الميت.

التصعيد الاسرائيلي له سقوف وحدود، تبدأ من النقطة التي تتحقق فيها مكاسب لكل من الصين وروسيا من هذا الصراع؛ فالصراع في البحر الاحمر والخليج العربي سيعيق إمدادات النفط من الخليج العربي، إلا انه لن يوقف تدفق إمدادات الطاقة الروسية الى الهند والصين اللتين باتتا اكثر اعتمادًا على النفط والغاز الروسي الرخيص والآمن.

فالصين زادت وارداتها من النفط رغم الإغلاقات المتكررة لبكين وشنغهاي 12%، والهند 4%، وكلاهما رفع حصة النفط الروسي الى اكثر من 16%؛ ما يعني ان الضرر سيلحق باقتصادات الدول العربية الخليجية واوروبا وامريكا فقط.

الكلف سترتفع بمجرد دخول الطائرات الحربية الاسرائيلية الاجواء الايرانية، وسيدفع العرب واوروبا وامريكا ثمن المغامرة الاسرائيلية، وستكون الصين وروسيا والهند ودول البريكس اكبر المستفيدين، ولن يتوقف تدفق النفط الايراني وحده بل سيتوقف معه النفط الغاز العربي أيضًا.

ختامًا..
التصعيد الاسرائيلي مع ايران بلا أفق حقيقي؛ فالمواجهة ستعني خسارة صافية للدول العربية والغرب، وربحًا صافيًا لروسيا والصين؛ حيث ستغرق أمريكا بمستنقع الشرق الاوسط الى مستوى يمنعها من التحرك في الساحة الدولية بالفاعلية التي كانت عليها قبل المواجهة مع ايران؛ فإيران ليست مجرد بئر نفط، بل قوة عسكرية وأيديولوجيا صارمة، فهل تتحول إيران إلى فخ لأمريكا كما تحولت أوكرانيا إلى فخ لروسيا؟ سؤال الاجابة عنه لدى بايدن ومن حوله من مستشارين.

السبيل 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات