"حرير".. مبادرة حلاق أردني لإسعاد مرضى سرطان الأطفال

تم نشره السبت 06 آب / أغسطس 2022 10:37 صباحاً
"حرير".. مبادرة حلاق أردني لإسعاد مرضى سرطان الأطفال
مبادرة حلاق أردني لإسعاد مرضى سرطان الأطفال

المدينة نيوز:- أسيرُ ألمٍ وحزنٍ وانكسار، ملّهُ طول انتظار، ابتسامته تُخفي بين ثناياها كلّ الأسرار.

كانت هذه حال الشاب الأردني نهاد الدبّاس، قبل أن يجدَ في مهنته ما يُعينه على نسيان الماضي، وطريقًا يحقّق فيه ذاته، ويجفّف الدمع عن وجناته.

الدبّاس (38 عاماً)، يعمل بمهنة الحلاقة في العاصمة عمّان منذ نحو 23 عامًا، بعدما فرضت عليه ظروف عائلته أن يترك دراسته ويلتحق بصفوف العاملين وهو بعمر الـ15.

** نحو إسعاد الأطفال

لم يكن الأمر بيده، فبعد انفصال والديه وتركه وشقيقتيه في بيت جده لوالدته، وجد نفسه أمام اختبار الصّمود بوجه مشاكل أسرية، حيث أثبت لأمثاله أن كل العوائق تزول أمام الإرادة الصّلبة، وتنكسر على جدرانها مَعاول الهدم وكبح الطموح.

وجد الشاب نفسه فاقدًا لمفاهيم العطف والحنان نتيجة بقائه بعيدًا عن والديه، هائماً في ظُلمات الدنيا، بحثاً عن شيءٍ يعوّضه ذلك، ويُدخل من خلاله السعادةَ إلى قلوب الآخرين.

عثَر نهاد على ضالّته بين يديه، وهي أدوات الحلاقة التي يستخدمها، وبقايا الشعر المقصوص، لتتبلور فكرته عام 2018، وينطلق بها نحو تأسيس مبادرة أطلق عليها اسم "حرير"، تقوم على صناعة "باروكة" من الشَّعر الطبيعي للأطفال المرضى بالسّرطان.

في مكان عمله بمنطقة عبدون وسط العاصمة عمّان، زار مراسل الأناضول الدبّاس، واستمع إلى أبرز تفاصيل مبادرته التي استطاع من خلالها رسم البسمة على شفاه مئات الأطفال من المصابين بمرض السرطان.

قال: "التحقت بعالم التجميل عام 1999، ومنذ ذلك الوقت وأنا على قناعة تامّة بأن هناك آلية معينة أستطيع من خلالها الاستفادة من الشعر دون التخلّص منه، ومساعدة أناس فقدته عُنوة إثر إصابتها بأمراض صعبة، وخاصة السّرطان".

وتابع وهو يُقلّب عدداً من المشغولات أمام طفلةٍ تُدعى مجد بلاسي (16 عامًا) مصابة بسرطان الدماغ: "هذه باروكة الأمل، لكونها شعراً طبيعياً، فهي من تحيي الأمل في نفوس المصابين كهذه الطفلة التي فقدت شعرها بسبب إصابتها بهذا المرض اللعين".

وأضاف "مهنتي ساعدتني على إتقان صناعة باروكة الشعر الطبيعي، التي أحتاج بالعادة من 60 إلى 80 يوماً لصناعة الواحدة منها".

وبيّن قائلاً "خلال 4 أعوام من إطلاق مبادرتي، تمكنت من مساعدة ما يزيد على 400 طفل من ارتداء باروكة الأمل".

وزاد "سعادةٌ كبيرةٌ تغمرني عندما أسمع من ذوي أولئك الأطفال بالأثر النفسي للباروكة، وارتفاع معنوياتهم، فالعامل النفسي يسهم إلى حدّ كبير بالعلاج".

وأردف "يعمل معي عشرات المتطوّعين، ولا ننتظر أجرًا على ما نقوم به، رغم الكلفة العالية لعملية التصنيع، فالباروكة الواحدة تُكلّف ما بين 300 و 800 دينار أردني (422 - 985 دولار أمريكي)".

واستدرك "طيلة تلك الفترة وكلُّ ما قمت به كان قناعةً منّي بضرورة تحقيق مفهومَي العطف والحنان لأولئك الأطفال، وهي أشياء فقدتها في طفولتي".

وأضاف "لم أحصل على أي مبالغ من أحد مقابل ذلك، وأقدّم الباروكة بشكلٍ مجانيّ للمريض، رغم أنني أنفقت كلّ ما أملك، حتى اضطررت لبيع منزلي وسيارتي، ولست نادماً على ذلك، فأمام قوة المبادئ تتلاشى وتزول كلّ المصالح".

** إرادة الحياة

تناول نهاد سببًا آخر كان دافعًا له للخوض في عمله، فارتباطه بخاله الذي كان يصغره بشهر واحد والذي توفّي بمرض السرطان بعمر الـ19، بعد أن فقد شعره جرّاء المرض، عزّزت لديه العمل على مبادرته.

فاضت دموع نهاد دون سابق إنذار، وهو يقول: "فقدت الحنان في طفولتي، فلماذا لا أكون سببًا في تعويضه للأطفال!"

واستطرد "من فقد والديه بعمري عادةً ما يسلك طريق الضّياع، ولكنني حافظت على نفسي، وحملت المسؤولية من صغري، واستطعت أن أملك بيتًا وسيارة وصالونًا خاصًّا للحلاقة".

لم ينسَ نهاد ظروف طفولته، وأراد أن يثبت حبّه للعيش والحياة باختياره أسماء تدل على ذلك لكبرى ابنتيه: فرح ومرح، شقيقات ماسة وكرم وأمير، وكأنه يريد أن يقول: أنا صامدٌ مهما ساءت الظروف.

واختتم بالقول "فرح (13 عامًا) ومرح (12 عامًا) تساعداني في عملي، ومنهما أستمدّ قوّتي ومواجهتي لصعوبة الظروف، فدائمًا ما تقولان لي: أنت تريد وجه الله في مبادرتك، والله لن يخذلك".

ووفق إحصائيات رسمية، يعتبر السرطان السبب الثاني للوفيات بالأردن بعد أمراض القلب والشرايين، وهو مسؤول عن 15.7 بالمئة من الوفيات، حيث يبلغ عدد الوفيات بمرض السرطان سنوياً 3084.

أما الأطفال، فقد بلغت الإصابات عام 2021 نحو 236 لمن هم دون سن الـ15، نصفهم تقريباً دون الخامسة من العمر.

الاناضول



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات