الجدة ام علي تتكيء على تراث لا ينضب وتحلق نجمة في ليالي القلعة

المدينة نيوز- تنطلق "ام علي" كل يوم مع صباحات الندى الاولى من قريتها سوف في محافظة جرش لتطوف في قرى المحافظة تبحث عن مكنوناتها الخبيئة متكئة على تراث لا ينضب، تجلبه معها وتحلق نجمة بين النجوم التي تضيء فضاءات ليالي القلعة.
تحمل ام علي الجدة التي تشربت بشرتها سمرة تراب الوطن، هوية تراثها الوطني المخضب برائحة الشيح والزعتر، كما تحمل قلائد وحلي ومشغولات يدوية ومنسوجات حاكتها عيون صبايا اكتحلن بليالي الوطن القمرية وتطيبن بنسائم اريافه وبواديه، لتعرضه كل ليلة ضمن فعاليات ليالي القلعة في عمان متخذة العتبة الاولى على مشارف ساحة الفعاليات محطة لها، كانما تدعو المارين بها ان يتدثروا بعبق الجدات وعرق الاجداد قبيل استكمال المسير الى الفعاليات الاخرى.
استطاعت ام علي ان تقهر ظروف مالية صعبة وتغلبت على ضيق ذات اليد ، تقول انها انطلقت بمشروعها هذا بتسويق المنتجات التراثية قبل اعوام براسمال مقداره 30 دينارا، لتقوم فيما بعد بتزويج ابنائها الاربعة من دخلها المتآتي من هذا المشروع الصغير وبعد العديد من المشاركات في فعاليات ومهرجانات.
وحول مشاركتها في فعاليات ليالي القلعة اشادت ام علي بالفعاليات وانها ملتقى للفرح لاسيما في شهر رمضان الفضيل، مثمنة جهود القائمين على الفعاليات لا سيما وزارة السياحة والاثار وجمعية سكان حي جبل عمان القديم (جارا) التي تشكل هي احد العناوين الرئيسة في فعالياتها "سوق جارا" الذي ينظم في احد شوارع الحي كل يوم جمعة.
ولفتت ام علي الى انه رغم ضعف الاقبال من جمهور فعاليات القلعة على اقتناء ما تعرضه من اعمال المنتج الحرفي والمشغولات اليدوية من النسيج والصدفيات والقلائد والاواني ، فهي تعمد الى دعوة مرتادي الفعاليات الى الاطلاع على هذه المنتجات ايمانا منها بضرورة التعريف بالمنتج التراثي تاكيدا على ابقاء التواصل بين الحاضر والماضي بكل تلاوينه التراثية.
واشارت الى انها بالاضافة الى مشاركتها الدائمة في سوق جارا شاركت في العديد من الفعالبات لا سيما التي اقيمت اخيرا في ام قيس ومهرجان جرش الاخير، منوهة بان افضل مشاركاتها كانت بالفعاليات التي تنظمها مؤسسة نهر الاردن، ومؤسسة نور الحسين التابعة لمؤسسة الملك الحسين.
امين سر جمعية "جارا" حسان النسور قال ان تجربة الجمعية في سوق جارا ومشاركتها في دعم المجتمع المحلي بحي جبل عمان ساعدتها في سعيها لاقامة فعاليات خارج الحي وكانت مشاركتها فاعلة بتنظيم ليالي القلعة بالتعاون مع وزارة السياحة وامانة عمان الكبرى.
واضاف النسور ان الجمعية ساهمت باعطاء الفرصة لاهالي القلعة بالمشاركة في هذه الفعاليات، منوهة بمشاركة احدى سيدات المجتمع المحلي في محافظة جرش "ام علي" التي بحسب وصفه تعد " احد الرموز الرئيسة" في مختلف الفعاليات الثقافية والسياحية التي تقام في المملكة . واكد ان الجمعية تهدف من خلال المشاركة في الفعاليات التي تقام خارج حي جبل عمان الى تشجيع السياحة الداخلية، مبينا انها قامت بنقل بعض المشاركين في سوق جارا الى موقع فعاليات ليالي القلعة لاضفاء صبغة كرنفالية على هذه الفعاليات اضافة الى عرض منتجات غذائية محلية وتراثية مصنعة يدويا .
ولفت الى ان هذه المنتجات تساهم بدعم المنتج المحلي وتشجيع السياحة الداخلية والخارجية وذلك لتميز معروضاتها، مشيرا الى انه سيتم اعادة افتتاح سوق جارا كالمعتاد يوم الجمعة الموافق في الثاني من ايلول المقبل خلال عطلة عيد الفطر السعيد.
الفنانة مكادي نحاس التي شاركت في احدى ليالي القلعة قالت ان هذه الفعاليات تعد مبادرة عظيمة من القائمين عليها وذلك باستخدام هذا الموقع التاريخي المهم والمطل على قاع المدينة وقلب عمان النابض.
وشددت الفنانة نحاس على ضرورة ابراز الاغنية الاردنية لا سيما التراثية منها ضمن الفقرات الفنية في الفعاليات خاصة تلك الاغاني التي تحمل بعدا وجدانيا لافتة الى اهمية تسويق الاغاني التي تعكس ثقافتنا ومعيشتنا وتعبر عن بيئتنا المحلية.
واعربت الفنانة نحاس عن املها باستمرار هذه الفعاليات كل عام، داعية الى تكرار مثل هذه الفعاليات في مواقع اثرية وتراثية اخرى في مختلف مناطق المملكة مع اهمية التنسيق بين مختلف الفعاليات والمهرجانات على امتداد الوطن بحيث لا تتقاطع مع بعضها البعض زمنيا.
وعلى ذات الصعيد ، اشاد رئيس نادي القلعة هلال السعدي بفعاليات ليالي القلعة ودورها في تنمية المجتمع المحلي، وقال انها وفرت فرص عمل لنحو 20 شابا من ابناء جبل القلعة كما قدمت وزارة السياحة مواقع دون مقابل لـ 3 عربات في موقع الفعاليات تعود لبعض الاسر العفيفة من اهالي الحي لعرض بعض منتجاتها من السلع.
وطالب السعدي بمشاركة عدد اكبر من اهالي الحي بفعاليات ليالي القلعة مما يساهم في دعم وتنمية المجتمع المحلي لا سيما ان العديد من اهالي الحي من اصحاب الدخل المحدود مشيرا الى انه تم التنسيق بين وزارة السياحة والنادي على المشاركة بتنظيم فعاليات ليالي القلعة السنة المقبلة ، لافتا الى ضرورة حل مشكلة الازدحام المروري في هذه الفعاليات وتوفير مواقف لسيارات الزوار.
من جهته قال مدير المدينة في امانة عمان الكبرى المهندس هيثم جوينات ان ليالي القلعة انطلقت من فكرة استخدام اهم مواقع عمان السياحية لتحقيق تنمية المجتمع المحلي في الحي، مشيرا الى ان كلفة البنية التحتية التي تم توفيرها في موقع جبل القلعة وصلت الى 2 مليون دينار.
وبين المهندس جوينات ان تجربة ليالي القلعة تعد باكورة التعاون مع وزارة السياحة لاحياء حراك ثقافي لا سيما في شهر رمضان المبارك، مشيدا بتفاعل الجمهور الكبير مع الفعاليات حيث بلغ نحو الفي شخص يوميا.
واكد ان موضوع الازدحام المروري ستتم معالجته مستقبلا بحيث يتم تخصيص حافلات على نظام التردد تنطلق من الساحة الهاشمية ومجمعي رغدان والعبدلي لنقل الزوار من والى الفعاليات في جبل القلعة.
وايد المهندس جوينات وجود سوق حرفي دائم في جبل القلعة، داعيا وزارة السياحة والاثار الى التعاون مع الامانة بهذا الخصوص.
وقال ان الامانة لديها مسؤولية اجتماعية تعيها تماما واهم نقطة في ذلك التنمية الاجتماعية والثقافية والتعاون مع السكان على اعتبار ان المدينة بشر وليست شجر وحجر فقط، مشيرا الى ان للامانة دور في التنمية الثقافية واقامة فعاليات ونشاطات تنمي الجانب الثقافي للمواطن العادي وللسكان فيما تعنى وزارة الثقافة بتنمية الجانب الثقافي الابداعي لدى المثقفين.
واوضح المهندس جوينات ان الامانة تعمل على اقامة النشاطات من خلال لجان الاحياء، مشيرا الى تعاونها مع جمعية سكان حي جبل اللويبدة وقريبا جمعية سكان حي جبل القلعة تحت التاسيس.
ولفت الى ان الامانة تدعم تاسيس جمعيات للاحياء السكانية في عمان بهدف اقامة فعاليات ونشاطات فنية وثقافية تعمل على تنمية المجتمع المحلي، لان الامانة تستطيع من خلال هذه الجمعيات معرفة احتياجات ومطالب السكان وبالتالي وضع الخطط المطلوبة لذلك.
بدوره قال مدير المواقع السياحية في وزارة السياحة شرحبيل ماضي ان الوزارة تسعى الى تعميم فكرة ليالي القلعة على جميع المواقع السياحية والاثرية لما لها من اثر ايجابي على تنشيط الحركة السياحية بشكل عام والسياحة الداخلية بشكل خاص، مع الاستفادة من التجربة الناجحة في ليالي القلعة .
وبين ان وزارة السياحة قامت منذ بداية فصل السياحة الصيفي بتنظيم عدد من الفعاليات في عدد من المواقع السياحية والاثرية في معظم محافظات المملكة بالتعاون مع الجهات المختلفة لاقامة ليال سياحية فنية وتراثية لزوار هذه المحافظات وابناء المجتمعات المحلية فيها.
وقال ان الوزارة تعمل على وضع برنامج لتنشيط حركة السياحة الداخلية على مدار العام وايجاد فعاليات للحد من الفصلية السياحية واعتبار العام كله عاما سياحيا، مشيرا الى ان الوزارة قامت بالاعداد والاشراف على العديد من البيوتات التراثية التي تم ترميمها مثل بيت ابو جابر الذي تم تحويله الى متحف السلط الشعبي وبيت علي خلقي الشرايرة الذي يتم العمل فيع ليكون مركز انطلاق الحركة السياحية لاقليم الشمال بالاضافة الى بيت النابلسي في اربد والذي تعمل بلدية اربد على تحويله الى متحف بالتعاون مع وزارة السياحة وجعله منتجا سياحيا جاذبا.(بترا)