الميثاق الوطني العراقي يعقد مؤتمره الثالث لصياغة رؤية إنقاذ وطنية

المدينة نيوز :- أقيمت في مدينة إسطنبول التركية، وقائع مؤتمر برنامج الميثاق الوطني العراقي الثالث، تحت شعار (رؤية وطنية واقعية للحل المنشود وإنقاذ العراق)، بمشاركة نخبة من الشخصيات والقوى العراقية والعربية والتركية.

ويهدف المؤتمر الذي انعقد في 1 تشرين الأول/ أكتوبر 2022، لتسليط الضوء على مشكلة العراق ومعاناة شعبه، ويسعى إلى تفعيل القوى العراقية وتوحيد صفوفها، والتنسيق مع القوى العربية للتصدي للمشروع الإيراني الخطير. وفق الدكتور ثامر العلواني مقرر القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق.

مشكلة النظام السياسي

وخلال إلقائه كلمة المؤتمر قال الشيخ الدكتور يحيى الطائي، مساعد الأمين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق، وعضو الميثاق الوطني، أن حكومات الاحتلال المتعاقبة منذ 2003 داومت عـلى تقسيم العراقيين واللعب على وتر الطائفية.

بدوره أوضح الدكتور مثنى حارث الضاري مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين، ماهية الميثاق الوطني وتجربته خلال 3 سنوات، مبيّنًا أن الميثاق الوطني ليس إطارًا جبهويًا، بل هو معيار جديد للعمل الوطني.

وأكد الضاري أنه لا توجد مشكلة بين أبناء الشعب العراقي، وإنما المشكلة هي في النظام السياسي الذي فرّق بين العراقيين، وهو نظام لا يمكن إصلاحه، والحل يكون في تغييره.

الوحدة ونبذ التفرقة

وأعرب الشيخ العلامة الدكتور عبد الملك السعدي، كبير علماء العراق وعضو الميثاق، في كلمته التي ألقاها بالنيابة عنه، الدكتور ثامر العلواني، عن تفاؤله بهذا التجمعِ الأخويِّ، مؤكدًا أن كتاب الله نصّ على إجراء المواثيق بين الأمة، ومدح مَن التزم بها وذم من نكث.

وأشار الشيخ السعدي إلى أن العراق يمرّ منذ عام 2003، بمصائبَ ونكباتٍ ينوء بها جميع شعبه، ومن أبرزها الاحتلال الأمريكي الذي احتله وسلمه إلى إيران، محذرًا من الاغترار بما يجري بينهم في الإعلام من عداوة مفتعلة.

وأضاف، “لابد لكل عراقي حر لا يؤمن بالتفرقة المذهبية والطائفية أن يأخذ بيد إخوانه الأحرار للوصول إلى شاطئ السلامة والحرية، وأن يتحاشى كل لفظ يشعر بالتفرقة أو المحاصصة المفرقة”.

ودعا الشعب العراق، للتآخي ووحدة القلوب، وترك الحزازات القبلية المؤدية إلى سفك الدماء بغير حق، إلى صيانة الأعراض، والحفاظ على ثروات البلد من الفاسدين والسارقين، وإعادته إلى أهله بالخدمات والرفاهية للمحتاجين والفقراء والأيتام والأرامل؛ ليعود العراق شامخا كما كان، وأن يعود إلى شرع الله تعالى والالتزام به في جميع شؤونه.

عيوب العملية السياسية

بدوره ألقى عضو الميثاق الوطني الأستاذ وليد الزبيدي كلمة المستقلين، جاء فيها أنه كلما كثرت عيوب المشهد كلما سهلت عملية وصفه، ويعرف الجميع، أنه ليس ثمة عيوب أكثر من تلك التي تنطوي عليها العملية السياسية في العراق، بعد الغزو الأمريكي لهذا البلد.

ونوّه إلى أن السرقات في وضح النهار لا مثيل لها في العالم على الإطلاق، فقد تبخرت أموال العراق التي اقتربت من الألفي مليار منذ العام 2003، ونتيجة لهذا السطو الهائل فقد تضخمت ممتلكات وعقارات وأموال اللصوص الكبار والصغار وبأحجام مخيفة، وإذا تحدث المرء عن التخريب فسرعان ما تبرز صور الدمار والخراب في مكان، ومرورًا بملايين اليتامى والأرامل وملايين المهجرين في داخل بلدهم وخارجه، والدمار الممنهج الذي شمل التعليم والصحة والبيئة والصناعة والزراعة وكل شيء.

ويتساءل الزبيدي، من أين تجد إيجابية في منظومة سياسية قبلت بمحتلين غزاة ارتكبوا الجرائم بحق العراقيين، واعتمدوا دستورا يدمر المجتمع ويخربه، ويبث في أجزائه وأعماقه وأطرافه سموم الطائفية اللعينة والفتن.

مقترح مشروع وطني

وطرح آرام قادر رئيس التحالف الوطني في إقليم كردستان العراق مسودة ميثاق المشروع الوطني، تضمنت الخطوط العامة لرؤيتهم للمرحلة الحالية والمستقبلية في العراق.

وأضاف قادر أنه من قراءة الاحداث وتحليلها ومتابعة ما يجري على الساحة السیاسية، فإن العراق مُقبل على التغيير في الوضع السياسي، وينبغي التعاون لإخراج المجتمع العراقي من أزمته الحالية وبقاء العراق فاعلاً في وسطه الإسلامي والعربي والاقليمي والدولي.

ويتكون الميثاق الذي اقترحه رئيس التحالف الوطني من 13 بندًا تهدف إلى تشكيل واجهة عراقية وطنية مدنية تمثل جمیع أطياف المجتمع العراقي، مهمتها الأساسیة والأولی هي العمل على تصحيح المسار الفاسد الذي أدى الى تفكيك وحدة المجتمع.

انهيار الاقتصاد العراقي

وقدّم الأستاذ مكي نزال عضو اللجنة العليا للميثاق عن مؤسسات المجتمع المدني، ورقة بعنوان (الاقتصاد العراقي بين الانهيار وسوء الإدارة)، أكد خلالها أن اقتصاد العراق مرّ بمراحل انهيار متعددة قادتها حكومات الاحتلال المتعاقبة، التي دمرت الصناعة والزراعة اللذان هما عماد الاقتصاد وأساس نهضته، ثم قتلت القطاع الخاص الاقتصاد الرديف للعراق، وأوغلت في تدمير البنية التحتية للبلاد.

وأشار إلى إيقاف متعمد لأكثر من 15 ألف مصنع عراقي عن العمل، وبعضها دمرت بشكل كلي أو جزئي وبعضها سرق ونقل إلى إيران، ومن أبرز الشواهد على ذلك (مصفى نفط بيجي).

وبيّن نزال، جوانب من تبديد الثروات الطبيعية وتدمير الزراعة والنظام المصرفي وتهريب العملة والسطو على مفاصل الاقتصاد الوطني العراقي وتدميره لصالح الاقتصاد الأسود الذي تقوده الميليشيات والأحزاب وترعاه حكومة الاحتلال.

انتهاكات حقوق الانسان

وسلطت الدكتورة فاطمة العاني ممثلة هيئة العلاقات الدولية في بريطانيا، الضوء على نبذة أليمة من مآسي العراق والعراقيين الذين باتوا في جحيم الاحتلال والأحزاب السياسية التي سيطرت على أرواح العراقيين ومقدراتهم.

وبيّنت العاني بأن القوات الحكومية والميليشيات استغلت قانون ما يسمى (مكافحة الإرهاب) لارتكاب أبشع الانتهاكات بحق المدنيين والمدن.

واعتبرت ملف المغيبين من أبشع ملفات حقوق الانسان في العراق، فالتقارير الدولية أثبتت أن عدد المغيبين في العراق ما بين 250 إلى مليون مغيب، وارتفعت بعد عام 2014 بشكل مخيف يكشف حجم المأساة التي يتعرض لها العراقيون. وبدوافع طائفية وعنصرية.

كما تحدثت العاني عن مأساة النازحين وحقوق الأقليات والإعدامات والتعذيب وسوء المعاملة والقمع والتنكيل، وغياب الحرية والأمن وسياسيات التمييز واستقلالية القضاء وغيرها.

مسيرة النضال العراقي

بدوره قال الأستاذ إبراهيم العجيلي عضو اللجنة العليا للميثاق الوطني عن الحزب الشيوعي واتحاد الشعب، إن التحديات التي واجهت تطلعات الشعب العراقي مستمرة منذ عام 2003 عندما دخل الاحتلال الأمريكي البريطاني الإيراني عبر مراحل متعددة.

واستعرض العجيلي مسيرة النضال العراقي منذ المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي، ومرورا بالاحتجاجات السلمية التي قمعت بالحديد والنار، وذهب ضحيتها آلاف الشهداء والمصابين.

وأضاف، بأن الحراك الشعبي السلمي استمر إلى أن انبثقت ثورة تشرين في 1 تشيران الأول/أكتوبر 2019 والتي نعيش اليوم ذكراها الثالثة، وقد انعقد مؤتمر الميثاق في يومها الأغر بدراية، ولاسيما أن أهداف الميثاق الذي أعلن آذار/مارس 2019 قبل اندلاع الثورة هي ذاتها التي أعلنتها الجماهير المنتفضة.

ويلفت العجيلي إلى حجم التضحيات التي قدمها الشعب العراقي على طريق النضال الوطني السلمي، حيث بلغت عشرات الآلاف من الشهداء والمغيبين قسرا، وضعفهم من المعتقلين، فضلاً عن ضحايا الكواتم، والاغتيالات، في ظل انتشار السلاح المنفلت والميليشيات الطائفية.

تدهور الواقعي التعليمي

من جانبها قدّمت الباحثة في الشأن العراقي ثائرة أكرم العكيدي ورقة عن واقع التعليم في العراق وتراجعه الخطير عقب الغزو الأمريكي عام 2003، بعد أن كان قبل الاحتلال من أفضل أنظمة التعليم في المنطقة.

وكشفت العكيدي عن 12 مليون شخص أمي في العراق بحسب تقرير الأمم المتحدة؛ و13% منهم ممن تزيد أعمارهم عن 10 سنوات، و18% من النساء، كما أكدته وزارة التخطيط، كما يوجد 3 مليون ونصف طفل في سنّ الدراسة لا يذهبون إلى المدرسة. بحسب إحصاءات منظمة (يونيسيف) العام الماضي.

ونوّهت إلى افتقار مخيمات النازحين إلى أبسط أساسيات الحياة، ومنها التعليم، حيث وثّقت آخر إحصائية وجود (355,000) ألف طفل من النازحين خارج التعليم بالكلية.

البيان الختامي للمؤتمر

وأكد البيان الختامي للميثاق الوطني، والذي ألقاه الشيخ يحيى السنبل أمين سر مجلس عشائر الثورة العراقية، وعضو الميثاق، أن العملية السياسية وصلت إلى طريق مسدود وفشل ذريع، وتسببت باستمرار مأساة الشعب العراقي وسلب سيادة العراق واستقلاله.

وشدد البيان على أن الحل في العراق يكمن في بناء نظام سياسي حقيقي يعتمد على دستور وطني مكتوب على أسس قويمة، ونبذ الطائفية والإرهاب بكل أشكالهما والتأكيد على ضرورة التعايش السلمي والعمل الوطني الجمعي لبناء الوطن.

واعتبر التظاهر السلمي والعصيان المدني وممارسة الوسائل المشروعة لاستعادة الوطن هو حق أساسي وعنصر جوهري في استرجاع الحقوق المسلوبة، نؤيدها وندعم تطلعات الشعب العراقي.

كما دعا البيان إلى مطالب أساسية أبرزها حل الميليشيات المسلحة ومحاكمة عناصرها وطرد المنظمات الإرهابية من الأراضي العراقية، وإعادة النازحين وأطلاق سراح المعتقلين، ومعالجة مصابي الحروب والاحتجاجات، ورعاية عوائل الأيتام والشهداء، انهاء عمليات التغيير الديموغرافي، وغير ذلك من المطالب.

وكالات