شومان تحتفي بمسيرة وليد سيف أكاديميا ومبدعا وملهما

تم نشره السبت 18 شباط / فبراير 2023 10:13 مساءً
شومان تحتفي بمسيرة وليد سيف أكاديميا ومبدعا وملهما
شومان تحتفي بمسيرة وليد سيف أكاديميا ومبدعا وملهما

المدينة نيوز :- احتفت مؤسسة عبد الحميد شومان بمسيرة الكاتب والشاعر الدكتور وليد سيف ضمن فعالية ضيف العام 2022، اليوم السبت في قاعة منتدى شومان الثقافي، تحت عنوان "وليد سيف أكاديميا ومبدعا وملهما".
والندوة الاحتفائية التي اشتملت على خمس جلسات ورعتها عضو مجلس إدارة المؤسسة الدكتورة علياء بوران، نوه مدير منتدى شومان الثقافي ومدير الجوائز الأدبية في المؤسسة
الكاتب موفق ملكاوي في كلمته في افتتاح الندوة الاحتفائية والتكريمية التي حضرها جمع من المثقفين والمهتمين، بالمحتفى به الدكتور وليد سيف، مشيرا إلى أن مجهوداته الابداعية توزعت على أكثر من مجال وألهم كثيرين من طلبته وأقرانه.
وتحدث في الجلسة الأولى التي حملت عنوان "في الجامعة الأردنية" وأدارها الناقد الدكتور مصلح النجار كل من الدكتور وليد عناتي والدكتورة فريال القضاة والدكتور هيثم سرحان.
وفي ورقته التي حملت عنوان "صفحات من مسيرتي الأكاديمية مع الدكتور وليد سيف" تحدث الدكتور العناتي عن تجربته مع الدكتور سيف حينما كان أحد طلبته في الجامعة الأردنية، منوها بما كان يمتلكه الأكاديمي الدكتور سيف من ثراء المعرفة وتدفق الذاكرة حصيلة سنوات طويلة من القراءة و المراجعة والمناقشة والتفاعل الثقافي والاجتماعي.
كما استذكر العديد من المفارقات والتجارب أثناء مراحل الدراسة الجامعية في البكالوريوس والماجستير والدكتوراة والتي كان فيها الدكتور وليد سيف عونا له في كل مرة، لافتا إلى الفائدة الكبيرة التي جناها من خلال تتلمذه على يده.
أما الدكتورة فريال القضاة التي أضاءت في ورقتها التي حملت عنوان "وليد سيف وتكامل الهويات" على جانب من شخصية الدكتور وليد سيف، مشيرة إلى أن ورقتها يختلط فيها العلمي بالشخصي، واللغة العلمية بالأدبية، ذلك لأنها ورقة معدّة لهدف خاص يغاير ما اعتدنا عليه من كتابة الأبحاث العلمية لغايات أكاديمية صرفة، فهي ورقة تهدف مع الأوراق الأخرى إلى تكريم أستاذنا د. وليد سيف في احتفالية مهيبة رائدة تنظمها وتقوم عليها مؤسسة شومان.
وقالت إن ورقتها تستقيم في أقسام ثلاثة، يقف أولها عند محطات في مراحل حياتها الأكاديمية والعملية أضاءتها بصمات وليد سيف، فيما يستطلع القسم الثاني المحور الأساسي في هذه الورقة متمثّلا في تكامل الهويات في شخصيته وفكره، ثم الانتقال في قسم ثالث إلى جانب تطبيقي نعاين فيه خطاب وليد سيف الفكري كما تمظهر من خلال خطابه الأدبي، وفيه تتجلّى فكرة تكامل الهويّات المتصلة بفكرة طاغية في أعماله المختلفة وهي فكرة "الثنائيات" حيث البحث عن تجادل المعاني وتناظرها بين أبرز ثنائية عند وليد سيف وهي ثنائية "الذات و الآخر" وفكرة "تكامل الهويات" كما يتبدّيان معا في القصيدة الطويلة "البحث عن عبدالله البرّي".
بدوره، قال الدكتور هيثم سرحان في ورقته التي حملت عنوان "وليد سيف طائرًا محكيًّا" إن الإحاطةُ بصورة الدكتور وليد سيف الأكاديميّة والقبضُ على ملامحها التفصيلية ليس باليسير السّهل ولا بالهيّن الـمُمْكن؛ إذ إنَّها صورةٌ تتشظّى في مرايا زملائه وطلبته، غير أنني سأسعى، ما وسعني الأمر، إلى محاولة لملمة تلك الملامحِ والشّظايا والمدلولاتِ لأُعيدَ إنتاج صورةٍ ذهنيّةٍ عن الدكتور وليد سيف كما تَحْضرُ في مُخيلتي التي لا تكاد تنجو من مكائد التأويل وفتنة الذّاكرة ومكر الالتباس بين العلامات وما تُحيل إليه في الواقع الحقيقيّ.
وحدّدُ أربعةَ محاورٍ أساسيةٍ لإعادة إنتاج صورة ذهنية عن الدكتور وليد سيف في محاولة محفوفةِ بالاستذكارِ والاستدعاءِ والتّخييلِ الذّاتيِّ والاستحضارِ والتّداعي، وهي: وليد سيف ضيفًا ومُضيفًا، ووليد سيف ساردًا شفويًّا، ووليد سيف موزّع الهوى، ووليد سيف مُمتطيًا الرّيح.
وفي الجلسة الثانية التي حملت عنوان "وليد سيف الشاعر" وادارتها الروائية الدكتورة شهلال العجيلي، شارك فيها الناقد الدكتور إبراهيم السعافين، والشاعر زهير أبو شايب والناقد والشاعر الدكتور راشد عيسى.
ولفت الدكتور السعافين في ورقته التي حملت عنوان "الصّورة والدّلالة في شعر وليد سيف" إلى أن الصورة في ديوان الدكتور وليد سيف "قصائد في زمن الفتح" قريبة التّناول، والرّمز ممّا هو متداول في أوساط المبدعين والمثقّفين، مشيرا إلى المراوحة بين الصّور الجزئية والصّور المشهديّة أو الكليّة في قصيدة الدكتور سيف " الخروج من المنفى".
ولفت إلى أن وليد سيف إبتعد عن المباشرة في شعره ولكنّه لم يبلغ حدّ الغموض الذي يودي بخلفيّة اللّوحة الشّعريّة.
أما الشاعر أبو شايب قال في ورقته التي حملت عنوان "شعريّة الحنين..قراءات في تجربة وليد سيف الشعريّة" إن تجربة وليد سيف الشعريّة، كما يتّضح لقارئها، ولدت في لحظة الانهيار العظيم الّذي اتّفق على تسميته "النكسة"، ولذا فإنّ كلّ قراءة جديدة لهذه التجربة، وكلّ محاولة للتعرّف على ملامحها ومذاقاتها وخرائطها السريّة ستقود بالضرورة إلى "النكسة" بوصفها نقطة الارتكاز الّتي ظلّت قصيدة وليد سيف مشدودة إليها باستمرار منذ البداية.
وأوضح أنّ (الكتابة) هنا ليست حالة ترفٍ ناجمةً عن فائض الوجود، بل هي حاجةٌ ناجمةٌ عن الوجود القلق المنتقَص الّذي يدفع الذات إلى معاينة العالم بوصفه فضاءً غسقيًّا تتبدّد فيه الأشياء والكائنات والأزمنة والأمكنة وتتحوّل إلى مفقودات معتّقة ومفردسة أحيانًا، لكنّ مذاقها يظلّ على الدوام لاذعًا وواضح المرارة.
وبين انه منذ البداية، اختارت قصيدة وليد سيف لغتها وخطابها وأسلوبيّتها وإيقاعاتها ومقارباتها محكومةً بشرط "النكسة"، وبتلك المرارة الناجمة عن فقدان الوطن. وصار (الموت) ثيمةً رئيسةً فيها يتشكّل حولها معجم كامل من مفردات الغياب والفقد والغربة والرحيل والوداع والفراق والذبول والبعد واللوعة.. إلخ، لافتا إلى انه ليس الموت العاديّ، الّذي تنشغل به القصيدة الوجوديّة، وتجد ما يكفي من الوقت لتتأمّل قدومه البطيء والثقيل، بل ذلك الموت الداهم المباغت الّذي يختطف الأطفال والأشياء والناس الذاهبين إلى الحياة، ولا يلتزم بالزمنيّة، ولا يشكّل ذروةً منطقيّة يمكن القبول بها.
وقال الدكتور عيسى في ورقته التي حملت عنوان "وليد سيف شاعر الانفعال الدرامي" إن الخَلْق الإبداعي أو الذوق الفني العميق عند وليد سيف يقوم في جوهره على ثيمة الانفعال
في رحلتها داخل أفكار القصيدة أو داخل الرؤيا الجوهرية لها، مشيرا إلى أن الانفعال استجابة نفسية ما تجاه موقف معين، وقد يكون سطحيًّا عابرًا ذا وظيفة مؤقتة، وقد يكون عميقًا سابرًا لمؤثرات البيئة الاجتماعية ومشتبكًا مع الوقائع اشتباكًا استشرافيًّا عاليًا. فأما النوع الأول فهو خاص بالعامة من الناس وبالقصائد الضحلة عند الشعراء فقراء الموهبة، وأما الثاني فيأخذ بُعْدًا استراتيجيًّا عند الصفوة من الناس، وعند الخاصة من الشعراء الموهوبين، لافتا إلى أن الانفعال جزء من مكوّنات البنية الشعرية.
وأشار إلى انه بالنظر إلى منجز وليد سيف في مجال المسلسلات التاريخية والدراما التلفزيونية: [الخنساء، وعروة بن الورد، وشجرة الدر، والمعتمد بن عباد، وطرفة بن العبد، وجبل الصوان، وبيوت في مكة، وملحمة الحب والرحيل، والدرب الطويل، وصلاح الدين الأيوبي، وصقر قريش، وربيع قرطبة، والتغريبة الفلسطينية، وملوك الطوائف، وعمر]، فإن هذه المنظومة الكبيرة من الأعمال الدرامية انطوت على احتفالات انفعالية غزيرة جسّدتها الحوارات الخارجية والداخلية في تلك الأعمال المصبوغة برائحة التاريخ.

أما الجلسة الثالثة التي حملت عنوان "وليد سيف الروائي" وأدارتها الناقدة الدكتورة صبحة علقم، شارك فيها الناقدة الدكتورة رزان إبراهيم والناقد الدكتور محمد عبيد الله والناقد فخري صالح والباحثة الدكتورة مها ياسين.
وقالت الدكتورة إبراهيم في ورقتها المعنونة "بنية الشخصية في رواية وليد سيف التاريخية" إن وليد سيف من أولئك الكتاب الذين ساهموا وما زالوا يساهمون في إنارة السلوك البشري الماضي وانعكاساته على الحاضر، ذلك أنه تجاوز بقلمه فكرة استعادة الأحداث التي سجلها التاريخ حول شخصياته الروائية إلى أبعد من هذا بكثير، بل ويصح القول إنه بما يمتلك من مهارات التفكير التاريخي، وبما حباه الله من ذهنية نشطة تفرز وتصنف باقتدار.
وأضافت أنه كان قادرا على إعادة إنتاجها محملة بأبعاد إنسانية ووجدانية عميقة، لتكون وبامتياز وسيلة تعبير قوية عن هذا الكائن المجهول الذي يدعى الإنسان. فإن كان هناك من يردد بأننا قادرون على فهم الأدب من خلال المجتمع، فإننا في نصوص وليد سيف نردد أن بوسعنا فهم المجتمع من خلال الأدب.
واستعرضت في ورقتها شخصيات وليد سيف في روايته التاريخية عبر محاور؛ "الماضي والحاضر" من خلال تحولات الشخصيات.. الاسباب والمظاهر، والانحياز للمهمشين و"ليبيدو" السلطة، وعرض الشخصيات: ما بين الحوارية والمونولوجية
وختمت بأن شخصيات وليد سيف التاريخية كانت قناته التي تعكس صوتا مناهضا للعنف والظلم، ومن خلالها تمكن من تمثيل قطاعات بشرية مختلفة، لافتة إلى أنه استطاع بامتياز تحريك مبادئ إنسانية شمولية تحارب كل عنصرية أو فئوية متعصبة تقتات على العنف، فكانت كتاباته نصيرا قويا لمبادئ العقل والحق، يحركها في ذلك رغبة ملحة في الانتماء لحق الإنسانية والبشر عموما.
بدوره، قال الدكتور عبيد الله في ورقته المعنونة "ملامح السرد الروائي في تجربة وليد سيف" إن التجربة الروائية لوليد سيف جاءت في السنوات الأخيرة تتويجًا لمشروع إبداعي طويل، وإضافة أخرى من إضافات هذا المبدع الذي قدّم في مشواره بصمات لا تمّحي في كل مجال من مجالات إبداعه واهتمامه؛ في الشعر والرواية والسيرة والنقد والدراما التلفازية والمسرح والإعلام والكتابة الفكرية والسياسية، إلى جانب التدريس والبحث والتأليف في مجالات أكاديمية جامعية تتصل باللغويات (اللسانيات) وموسيقى الشعر ونحوها.
وأضاف إن هذه المجالات مهما تبدُ متنوّعة متباعدة، فإنها تجتمع في شخصية جامعة، وفي خبرة عريضة مثل خبرة وليد سيف وشخصيته. وإذا كنا نركّز على تجربته الروائية في هذا المقام فإننا لا نفصلها عن سائر إبداعاته وخبراته، ذلك أنّها في نظرنا جزء من كل، وصيغة فنّية من صيغ كثيرة أراد أن يتخذها سبيلًا لإيصال رسائله الفكرية والثقافية.
واستعرض الأعمال الروائية لوليد سيف في السنوات الأخيرة والمستوحاة من أعماله الدرامية، لافتا إلى انه قد يتساءل القارئ والمتابع عن الدافع الذي يحرّك وليد سيف
في الحرص على تحويل أعماله الدرامية إلى أعمال روائية، بعد أن وصلت بصورتها الأولى إلى جمهور عريض.
ورأى أن سيف وهو القادم من خلفية أدبية وثقافية رفيعة، قد استقر عنده حقيقة جليلة تتمثل في أن الأدب المكتوب أكثر بقاء واستمرارا من أدب الصورة وثقافتها، فبالرغم من انتشار الدراما واتساع جمهورها وشعبيتها الطاغية، فإن تأثيرها ربما لا يستمر طويلا، إذا ما قايسناه بخلود العمل الأدبي وحياته الطويلة المتجدّدة.
وقال إن روايات وليد سيف تتميز بميزة فارقة، ذلك أن معظمها ظهر أولا بصورة مادة سردية معدّة للدراما التلفازية، وكُتبت بصيغتها الأولى لتتوافق مع شروط الكتابة الدرامية،
ومقتضياتها الفنية، وصحيح أن للدراما التلفازية أصولها الأدبية، ولكنها مع ذلك نوع بيني يجمع الأدب بالعرض البصري وبالتصوير والتمثيل وسائر المؤثرات والمتطلبات الفنية،
ولا شك في أن وجود العناصر الأخرى وسياق الكتابة وملابساتها يؤثر في لغتها وطبيعتها ونوعيتها.
ولفت إلى أن العلاقة بين الأدب والدراما علاقة وثيقة، في طبيعتها العامة، وفي طبيعتها الخاصة ضمن تجربة وليد سيف، بل إن الرجل نفسه يعد الأدب منطلقه الأساسي إلى الدراما، وأنه جاء إلى الدراما من بوابة الأدب والشعر، وإذ يعيد هذه الأعمال الدرامية إلى شكلها الروائي، ويعيد بناءها وصياغتها فإنه لا يبعد عن الروح التي أبدعتها وسجلتها بشكلها الدرامي الفني أوّل مرّة.
وتناول الناقد صالح في ورقته المعنونة "التغريبة الفلسطينية: الرواية والدراما" ما يصوره المؤلف وليد سيف، في عمله الدرامي الذائع الصيت، وكذلك على صفحات روايته "التغريبة الفلسطينية"،
الصراع غير المتكافئ الذي دار بين دولة استعمارية عظمى، في حينه، والمقاتلين الريفيين الذين تصدوا بأسلحتهم الفردية لهذه القوة العظمى، التي سعت، منذ بداية انتدابها لفلسطين، إلى إنشاء دولة يهودية في وطن الفلسطينيين وعلى أرضهم. وهو يصور، كذلك، تواطؤ القوات البريطانية مع الحركة الصهيونية المدربة والمدججة بالأسلحة، في مقابل ملاحقة الفلسطينيين، بأسلحتهم الفردية القليلة. وتعرض "التغريبة" سلسلة الأحداث التي تعاقبت على أرض فلسطين، منذ عشرينيات القرن الماضي، وصولًا إلى هزيمة حزيران، ومرورًا بالنكبة الفلسطينية الكبرى التي أدت إلى طرد الفلسطينيين إلى المنافي، وتجريدهم من هويتهم الوطنية، وعيشهم في مخيمات ذاقوا فيها أهوال الذل والمهانة، والفقر، والعوز.
وقارب في ورقته بين العمل الدرامي "التغريبية الفلسطينية" وروايتي التغريبة الفلسطينية، الجزء الأول: أيام البلاد، والجزء الثاني: حكايا المخيم"5"، لافتا إلى أنه رغم التطابق بين المسلسل والرواية، المأخوذة عن نصه المكتوب، فإن قارئ العمل الروائي سوف يجد نفسه منشدًّا إلى هذا العمل السردي، الخطي، الذي تتوالى أحداثه، حسب سياق زمني يبدأ من الماضي ويتجه نحو المستقبل. لا تجريبَ هنا، لا انتقالات زمنية، لا عودةَ إلى الماضي، ثم ارتدادٌ إلى الحاضر المكلوم المهزوم. وهو ما يجعل هذا النص تقليديًّا في حبكته، واستخدامه للأمكنة وصيغ الزمان، وكذلك ظهور صوت المؤلف.
بدورها قدمت الدكتور ياسين إضاءة على الدراما التلفزيونية "التغريبة الفلسطينية" لوليد سيف، لافتة إلى أن شخصيات العمل/الرواية ليست مجرد شخصيات أرخت تفاصيل القضيةِ؛ فعلى الرغمِ من بساطةِ القصصِ الموجودةِ في العملِ الدراميِّ إلا إنّها تحملُ عمقًا كبيرًا يسفرُ عن إيجادِ إجاباتٍ للكثيرِ من التناقضاتِ والوقائع. ورغم أنّ قصةَ التغريبةِ مُكرّسةٌ لترويَ معاناةَ الناسِ بينَ الاحتلالِ واللجوءِ إلا إنّها حملتْ معها الكثيرَ الكثيرَ من التحليلاتِ لقضايا اجتماعيةٍ ناتجةٍ عن الاختلافاتِ في الجوانبِ الإنسانيةِ، وكل هذا جاء عن طريقِ حواراتٍ قرويةٍ بسيطةٍ بعيدةٍ عن التكلف.
ونوهت بأن الكاتبُ خاطب بأسلوبِه السلسِ المشاهدَ العاميَّ البسيط َوالباحثَ المتعمقَ فكان لهذا الأسلوبِ السهلِ الممتنعِ أثرُه في أن تتغلغل أحداثُ المسلسلِ في كلِّ بيتٍ.
أما الجلسة الرابعة التي حملت عنوان "معالجة التاريخ" وادارها الكاتب مفلح العدوان شارك فيها كل من الدكتور تيسير أبو عودة والمهندس جهاد إبراهيم والدكتور يوسف حمدان وعبر تقنية "الزووم" الدكتورة لينة عوض .

وسبر الدكتور أبو عودة في ورقته المعنونة "بيت التاريخ: الوعي الآيدولوجي والجمالي في رواية التغريبة الفلسطينية"، أغوار تحولات "فلسطين" التاريخ والنوستالجيا والثورة والمخيم والمنفى والأرض والذاكرة في رواية وليد سيف "التغريبة الفلسطينية"، وذلك من خلال تتبع صورة فلسطين التاريخية واستعارة "بيت التاريخ" الثقافية والوجودية والمتخيلة قبل النكبة في ثلاثنييات القرن الماضي مرورا بعصر الثورة الفلسطينية، وما بعد انجلاء شبح الحكم العثماني، وفترة الانتداب البريطاني وصولا للنكبة وانتهاء بالنكسة عام 1967.
وقال لست هنا في صدد تتبع الجذور التاريخية لفلسطين البلد، فهي ضاربة في التاريخ منذ العصر البيزنطي، والروماني والفارسي والإسلامي، ولكني أسعى في هذه الورقة لسبر أغوار صورة فلسطين التاريخية والسردية ما قبل النكبة، وما آلت إليه هذه الصورة في المخيال الفلسطيني الثوري، وتحولات المخيم والمنفى، وتجليات استعارة "بيت التاريخ" في رواية "التغريبة الفلسطينية".
أما المهندس إبراهيم فتناول في ورقته التي حملت عنوان "فلسفة التاريخ في أعمال الدكتور وليد سيف" إذ قال يمكن لكل من تابع أعمال الدكتور وليد سيف الفكرية (وليس فقط الدراما التاريخية) أن يستشف منها أهمية الثنائيات المتعارضة في تفكيره وضرورة التعامل معها كقوة خلاقة وليس كمنصات وُثوب من جانب لآخر حسب ما تقتضيه الحاجة، ففي مقالة له نشرت في مجلة العربي الجديد تحت عنوان "في قلب الظلام" (ولا تخفى هنا رمزية العنوان حيث يحيل إلى رواية بنفس الاسم لجوزيف كونراد تتمحور حول ثنائية التعاطف الإنساني والانتماء الحضاري الإثني).
وأشار إلى أن الدكتور سيف ينتقد الضحالة المفرطة التي يتعامل فيها أدعياء الثقافة مع آلية تفاعل الثنائيات وعدم إدراكهم أنها بحد ذاتها آلية خلاقة أو شرط للتطور (كما يقول هيغل) لا ينفي أحدها الآخر بل يتفاعل له في سياق تطوري يؤدي في النهاية إلى تراكم المعرفة ومن ثم زيادة مساحة الحرية.
وعرض لفلسفة الظاهراتية، مشيرا إلى أن الدكتور وليد سيف وإسوة بالظاهراتيين فإن المعلومات بذاتها (أو بشكلها الفج) لا تشكل بالضرورة "بناء معرفيا" حتى يتم احتواؤها ضمن منظومة الوعي المعرفي البشرية.
وأوضح أن العقل البشري وبشكل لا واع يقوم في الغالب بإعادة قولبة المعلومات وتشكيلها بشكل يتفق مع قناعته المسبقة ومرجعياته الخاصة ابتداء من مرحلة استقبال المعلومة إلى مرحلة إعادة إنتاجها، مشيرا إلى أنه لعل كثير ممن تتبعوا أعمال الدكتور وليد سيف قد لاحظوا فيها تلك الجدلية المستمرة بين ما اصطلح على تسميته "واقعا موضوعيا" (إذا صح التعبير) ورؤية شخوص العمل الفني لهذا الواقع (أو ما ينبغي عليه أن يكون).
ورأى أن وليد سيف تأثر كثيرا بالمفكر ميشيل فوكو أحد أعمدة المدرسة البنيوية في الفلسفة وعلم النفس واللسانيات وتاريخ الفكر، مبينا أنه يمكن استخلاص تأثر الدكتور سيف به ضمن محاور مفهوم السلطة، وفلسفة اللغة، وللعلاقة التفاعلية بين السلطة والمعرفة التي تمتد من اللغة والخطاب. فالتاريخ ليس حقيقة ثابتة واحدة ساكنة، إنما تتجدد القراءة لها من وقت لآخر وتختلف التأويلات أو القراءات أيضا باختلاف مستوى الوعي والمرجعيات الثقافية والعقدية.
وخلص بأن أعمال وليد سيف تتميز بالتجانس والانسجام الفكري وهو ما يمكن أن يكون من أصعب المهام حين يقترن بتنوع وغزارة الثقافة ومصادرها، وبالتوازن الدقيق بين الفكرة والحدث أو المثال والواقع.
وقال الدكتور حمدان في ورقته المعنونة "تمثيل التاريخ في أعمال وليد سيف الدراميّة: الرؤية والمنهج" إن هذه الورقة تحاول تحديد مجموعة من الأساسيات الناظمة لتناول التاريخ في أعمال الدكتور وليد سيف الدراميّة، وتبحث في المنطلقات المنهجيّة في معالجته الأحداثَ والمراحلَ المختلفة في التاريخ من خلال مجموعةٍ من أعماله الدراميّة.
وبين أنها تنطلق من أنّ هذه الأعمال ترتكز على مسارات راسخة وقواعد ثابتة يمكن التماسها والتمثيل عليها من أعمال وليد سيف المختلفة، سواء تلك الأعمال المتعلّقة بشخصيّات محدَّدة، أو بأحداث وحقب تاريخيّة كبرى، في التاريخ القديم قبل الإسلام وبعده، أو الحديث المتمثّل بالتغريبة الفلسطينية.
تحاول هذه الرؤية، بحسب الدكتور حمدان، جمع هذه الأعمال بحثاً عن طبيعة الوعيّ بالتاريخ وحركته، وهي طبيعة كليّة تقوم على فهم السيرورة الإنسانيّة بشكلٍ خاضع لشروطٍ جوهريّة في حركة التاريخ وفي توجيه الاختيارات والمقاربات وبناء المخيال التمثيليّ لها، باعتبار أنّ هذا الاختيار والبناء ليس قائماً فقط أساساً على ما يسمّيه هايدن وايت "الاختيار الأخلاقيّ،" وإنّما أيضاً "السلطة الأخلاقيّة للرواي.
وبين أن أعمال وليد سيف الدرامية تتصف بالمحافظة على الإطار العام للفكر العربي والإسلامي، فقد تبنّت المنظور الراجح والغالب في التاريخ العربيّ والإسلاميّ، وقد ظهرت الشخصيّات المركزيّة في هذا التاريخ مركزيّة وإيجابيّة وفاعلة، ولم يخرجها وضعها في إطار من الأحداث التي تفسِّر أفعالها وآراءها وعلاقاتها عن مركزيّتها وفاعليّتها.
وقال إنه يبرز في أعمال وليد سيف الدراميّة المختلفة اتّخاذه الأشياء رموزاً، تنتمي إلى المرحلة التاريخيّة المُعالجة وتولد من سياقها، وتمثّل، في الوقت نفسه، مسألة جوهريّة في الشخصيّة التي تقدّمها، أو العصر الذي برزت فيه، فقد تكون انعكاساً للدواخل النفسيّة أو لما يدور في الحراك العام للأحداث والمراحل. وقد تحتفظ هذه الأشياء برمزيّتها على مدار الأحداث أو قد تنقلب إلى ضدِّها الذي كانت عليه في مبتدأ الأمر، مستعرضا عددا من الأمثلة في مشاهد من مسلسلات "عمر" و"التغريبة الفلسطينية" و"صقر قريش" و"ربيع قرطبة".
أما الدكتورة عوض التي قدمت مداخلتها عبر تقنية الزووم لتواجدها في دولة الإمارات العربية المتحدة تناولت شخصية "بدر" مولى عبدالرحمن الداخل في مسلسل صقر قريش بالتحليل والقراءة المعمقة، مشيرة إلى أن هذه الشخصية هي نموذج من النماذج الأولية لأسلوب وليد سيف في بناء الشخصيات.
وبينت أن شخصيات وليد سيف هي حلة تخلق لافتة إلى أن لدى الدكتور سيف في شخصياته تلك الاحتفاء بالمهمشين والفقراء.
وأكدت أن الشخصيات لدى وليد سيف هي وليدة لحظتها وتغلب عليها السمة الملحمية.
أما الجلسة الخامسة والأخيرة والتي حملت عنوان "شهادات" وأدارتها الدكتورة أماني سليمان وشارك فيها الدكتورة سهير سيف والدكتور وليد الشرفا والكاتب زياد سلامة والدكتور خليل الزيود استعرضوا فيها تجاربهم الشخصية مع الشخصية المحتفى بها الدكتور وليد سيف.
وفي ختام الندوة الاحتفائية والتكريمية قدم من جهته الدكتور وليد سيف الشكر لمؤسسة عبد الحميد شومان ولجميع المشاركين في الندوة .
ولفت الدكتور سيف في كلمته إلى أن المبدع يسعى دائما إلى سيرورة العمل الابداعي ، مشيرا إلى أن كل نص ابداعي يخلق شرط الإمكان لنصوص جديدة.
وعبر عن فخره واعتزازه بالباحثين والنقاد المشاركين بالندوة والذين كانوا سابقا من طلبته في مستويات الدراسة الجامعية المختلفة في الجامعة الأردنية .
--(بترا)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات