دراسة حول العمال المهاجرين غير النظامين تلحظ تهميشا وانتهاكا لحقوقهم

المدينة نيوز- برسم الاجابة كان سؤال : من يقرع الجرس ؟ الذي اعتلى ترويسة دراسة استشرافية علمية بعنوان " العمال المهاجرون غير النظامين في الاردن بين التهميش وضرورة الاندماج". فمديرة مركز"تمكين" ليندا كلش تقول ان هؤلاء العمال ذكورا واناثا يتعرضون الى عدد من المشكلات والانتهاكات التي بات الكشف عنها ضرورة ملحة لمعالجتها وفق القانون الدولي الانساني.
وتعرف الدراسة التي اجراها مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الانسان على مدى ستة واعلنت نتائجها اليوم في مؤتمر صحافي، العمال المهاجرين غير النظامين بانهم هم غير المتمتعين بإذن للدخول أو للإقامة أو للعمل مقابل أجر، وهم يعملون في الاقتصاد غير الرسمي، ودخلوا إما عن طريق التهريب، أو تخلفوا لسبب أو آخر عن تجديد وثائقهم الرسمية، عدا عن العاملين منهم بمهن غير مصرح لهم بالعمل في ها في المملكة.
وقالت كلش ان الدراسة هدفت إلى الكشف عن الأوضاع المعيشية الفعلية للعمالة المهاجرة غير النظامية في الأردن والانتهاكات التي تمس حقوقها وحرياتها الأساسية المعترف بها دوليا، من خلال التعرف على خصائص هذه الفئة ديمغرافيا وتعليميا ومهنيا، ومعدلات الأجور ، ومقاربة الدور الرسمية والأهلي في الحفاظ على حقوق هذه الفئة المستضعفة ورعاية مصالحها.
وتم جمع بيانات الدراسة من خلال استمارات خاصة ومقابلات شملت 450 حالة لجأت الى المركز طلبا للمساعدة وبلغت نسبة الذكور منها (79.3%) والإناث (20.7%).
ولاحظت الدراسة عدم وجود نية حقيقية لتصويب أوضاع هذه الفئة من العمال التي ما تزال متروكة "لقدرها وحظها العاثر"، لافتة الى أن التعامل مع العامل المهاجر غير النظامي بصفته مجرما قد يفضي به إلى ارتكاب أفعال محظورة ومحرمة ومن ثم ملاحقتهم ومساءلتهم جزائيا. وقالت انه يتعذر على هؤلاء العمال غير النظاميين فتح حسابات مصرفية، فيلجأون إلى استخدام أوراق مزورة ، كما تلجأ بعض العاملات المهاجرات غير النظاميات إلى تسجيل مواليدهن بأسماء نساء غيرهن ممن يتمتعن بوضع نظامي في الأردن، وهو سلوك معاقب عليه في القانون الأردني ولكنه ارتكب كمحصلة لوضعهن غير النظامي .
ووفقا للخبير للدكتور الموسى فان 30% من أفراد العينة أميون، و فقط 21% منهم حصلوا على التعليم الابتدائي" 6 سنوات"، و84% منهم ل ايعرفون أرقام الطوارئ، أما طرق حصولهم على المعلومات، فقد كان الراديو هو الوسيلة الأكثر شيوعا بنسبة 39% يليه التلفزيون بنسبة 29%، وكانت نسبة الأميين هي الأكثر اهتماما بالحصول على المعلومات .
واضاف ان الدراسة وجدت ان 74.71% من العمال المهاجرين غير النظاميين الذين شملتهم الدراسة يتقاضون دخلاً شهرياً بين (150–300) ديناراً, الأمر الذي يدل على أن رغبة العامل المهاجر في الحصول على أجر أعلى من الحد الأدنى للأجور ولو قليلا، تدفعه إلى أن يصبح غير نظامي من خلال تغيير عمله تغييراً فعلياً لا قانونياً.
كما وجدت الدراسة ان العمال المهاجرين غير النظاميين في الأردن يعانون من استغلال اقتصادي واضح, فهم يعملون ساعات طويلة، اذ ان 78% من العينة تعمل اكثر من 8 ساعات يوميا، و 36.6% لايحصلون على أجرهم بانتظام، بينما هناك 74% لايحصلون على بدل العمل الإضافي. وقالت انه وحتى الذين يحصلون على بدل هذا العمل فانه أقل بكثير مما ينص عليه في قانون العمل.
واشار الى تعرض العمال غير النظاميين وفقا للدراسة إلى معاملة قاسية ولا إنسانية واضحة، "فهم عرضة للاستغلال والتحرش الجنسيين، وعرضة للإذلال والضرب من قبل أرباب العمل ومكاتب الإستقدام؛ خصوصا عمال وعاملات المنازل، كما أنهم بشكل عام عرضة للإتجار بهم لأغراض اقتصادية". وقالت الدراسة ان غالبية الحالات تقع في ظروف العمل الجبري، اذ اظهرت ان 59% من عينة الدراسة تم حجز جوازات سفرهم، وأكثر فئة يتم حجز جوازات سفرهم هي فئة العاملين في المنازل 73%، وأقل فئة العاملين في قطاع الإنشاءات 0% .بالاضافة الى تعرض العمال المهاجرون غير النظاميين في العادة إلى حرمان تعسفي أو غير قانوني من الحرية وهو في الأغلب يكون من خلال القبض عليهم واحتجازهم إدارياً الذي قد يمتد لمدد وفترات طويلة.
وبالنسبة للاناث من العمال المهاجرين غير النظامين وجدت الدراسة ان جزء لا بأس به منهم يعاني من التمييز في مجالات عديدة كالصحة 25%, والنقل 22.5%, والسكن20%, والتعليم. عدا عن افتقار كافة العمال غير النظامين الى ظروف العمل والعيش اللائقة, فالنسبة الأكبر من الحالات المشمولة بالدراسة أكدت أنهم يعملون ويعيشون في ظروف سيئة.
واشارت الدراسة الى معاناة العمال المهاجرين غير النظاميين من تراكم غرامات التأخير عليهم نتيجة عدم قيام رب العمل باستصدار إقامة لهم, أو نتيجة هرب العامل بسبب سوء معاملة رب العمل له أو بسبب الأعباء العمالية وعدم قيام رب العمل بدفع أجوره، فتلجأ السلطات المختصة إلى مطالبة العامل بغرامات التأخير الذي لا سبب له فيه. وقالت الدراسة انه يتم في حالات كثيرة تسفير العامل لتسهيل مهمته في العودة إلى بلده، "وهي ممارسات تنطوي على انتهاكات واضحة لحقوق الإنسان"، حسب الدراسة.
من جهتها، لفتت كلش الى ان أهمية نتائج المسح الميداني للدراسة تنبع من كونها مؤشرات، وليس إحصائيات واقعية لمدى تفشي ظاهرة العمالة المهاجرة غير النظامية وظروف عملهم والانتهاكات التي يتعرضون لها.
واوصت الدراسة بتعديلات تشريعية تكفل حق العامل المهاجر اختيار عمله بحرية، والانتقال من عمل إلى آخر بشكل طوعي وغير مشروط بموافقة رب العمل، ومنح العمال في نزاع مع القانون تصريح عمل وإذن إقامة مؤقتين.
ودعت الدراسة الى التوقف عن الاحتجاز الإداري والاحتجاز التعسفي أو غير القانوني للعمال المهاجرين غير النظاميين؛ والذي قد يمتد في حالات معينة إلى مدد وفترات طويلة، وتعويضهم عن الضرر الذي يلحق بهم من جراء ذلك سواء أكان ضررا معنويا أم ماديا.مشددة على ضرورة النظر جديا وفعليا في اعتماد برنامج متكامل وشامل لتصويب أوضاع العمال المهاجرين غير النظاميين في الأردن.
واوصت الدراسة بتفعيل التفتيش على أماكن وجود العمال المهاجرين بما في ذلك المنازل ، والتحقيق بشكل مستقل وفعال وسريع في الحالات التي يشتبه فيها بقيام أرباب العمل أو مكاتب الاستقدام بإساءة معاملة العمال المهاجرين سواء أكانوا نظاميين أم غير نظاميين و باستغلالهم.وضرورة إعطاء الحق لكل من صاحب العمل والعامل المهاجر بفترة تجربة، وعدم مطالبة العمال المهاجرين غير النظاميين بدفع الغرامات المترتبة عليهم بسبب لا يد لهم فيه، خاصة عندما يكون عدم تجديد الإقامة أو تصريح العمل بسبب رب العمل ذاته أو عندما يكون العامل المهاجر قد ترك العمل لديه نتيجة إخلاله بالتزاماته التعاقدية أو قيامه بإساءة معاملته أو استغلاله.
كما ركزت الدراسة على وجوب الانضمام إلى الاتفاقية الدولية الخاصة بحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم ومواءمة التشريعات المحلية معها وتقديم المساعدة والحماية لهؤلاء العمال من قبل وزارة العمل ووزارة الداخلية والأمن العام، وتعزيز الثقة بين أفراد الأمن العام والعمال المهاجرين بمن فيهم غير النظاميين لدفعهم وتشجيعهم على الإبلاغ عن ما يتعرضوا له من جرائم وانتهاكات جسيمة لحقوقهم الإنسانية مشمولة بحماية النصوص الجزائية في الأردن، وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني في تعزيز وحماية حقوقهم.
ولفتت الدراسة الى ضرورة إعادة النظر في قائمة المهن المغلقة، والتأكد من أن العامل قد اطلع بشكل كامل على عقد استخدامه. وفي الحالة التي يوقع فيها على عقد العمل في الأردن، يتعين عليها أن تتثبت من أن هذا العقد يتطابق من نسخة العقد التي اطلع عليها قبل مجيئه في بلده.(بترا)