" دعوة نجا د لجزار دمشق " هل انفراط العقد يلوح في الافق ؟

تم نشره السبت 17 أيلول / سبتمبر 2011 12:01 صباحاً
" دعوة    نجا د لجزار دمشق  " هل انفراط العقد يلوح في الافق ؟
بشار الاحوازي

  بعدما اندلعت الثورة السورية المباركة في مارس  الماضي  بوجه  نظام  الاسد ،  صدرت  مواقف مختلفة علي الصعيد الرسمي و الحكومات  ازاء هذا الحراك الشعبي السلمي  المطالبة با الحرية و الديمقراطية و حق تقرير المصير .  معظم  المواقف  الرسمية  و الشعبية كانت الي جانب الشعب السوري  و الي جانب مطاليبه  مؤكدة في نفس الوقت علي  حماية المدنيين و ضرورة الاستماع الي مطاليب الشعب السوري التي كانت مطاليبه  في بداية الحراك   تنحصر في الاصلاح  السياسي . لكن  هناك بعض البلدان  غير العربية   بحكم  ترابطها الاستراتيجي  و التحالفات  التي تربطهما بنظام بشار الاسد  ضربت في البداية  بموقف  الصمت ازاء  التوحش الذي  اظهره  النظام السوري  تجاه الاحتجاجات المدنية السلمية و كان تجاوبه مع  مطالبات الشعب من خلال افواه المدفعيات  و  القناصات .

 من هذه المواقف التي كانت تبحر عكس التيار  هي المواقف الايرانية   المتحيزة تماما دون اي خجل و تحفظ الي جانب   بشار الاسد منذ اولي ايام   الثورة السورية الكبري   . فكانت  المواقف الايرانية   ازاء  الربيع العربي و الثورات العربية  تختلف تماما  مع  الحراكات الشعبية في سوريا .

 ايران و علي راسها المرشد الاعلي علي خامنئي  في  تصريحا اولي في مراسيم الصلاة الجمعه  وصف هذه الاحتجاجات  بانها  مؤامرة من قبل الغربيين و الصهاينة   معلنا  عن موقفه ضمنيا وقوف نظامه الي جانب  بشار الاسد و دكتاتوريته .  و جاء موقف المرشد  متناغما مع  وصف بشار الاسد للاحتجاجات  الذي وصفها  با الجرثومة التي  ينبغي القضاء عليها .
 استمر الموقف الرسمي الايراني بهذه النبرة   الي ان سمعنا با الامس  موقفا    مغايرا جذريا عما اعلنه النظام الايراني طيلة  الستة اشهر  السابقة    وقت اندلاع الاحتجاجات في  سورية .

ففي تغييرا لافت   بالمواقف  و التصريحات  دعي  الرئيس الايراني احمدي نجاد  قبل ايام  خلال مقابلة له مع قناة " ار تي بي " البرتغالية   الرئيس  السوري بشار الاسد الي وقف  استخدام العنف الذي اعتمده  كسبيل للتعامل مع انتفاضة شعبه   و  محاورة  المعارضة  ..

 هناك الكثير من الاسئلة  تطرح نفسها علي  المراقب السياسي  منها : ياتري ما الذي دفع  ايران و  رئيسها نجاد الي هذا التغيير الجذري  في المواقف ؟  هل  هذا الموقف  يلمح عن  شيئ ما  في الافق ؟ و غيرها من الاسئلة . نحاول في هذه الاسطر  الاجابة عليها  و ان نربط بين التطورات في الساحة الاقليمية و العالمية  و بين   الموقف الايراني الجديد .


  ياتي هذا التغيير في نبرة المواقف الايرانية  و تخفيف حدة  تحيزها (اقلها علي صعيد التصريحات الاعلامية)  الي  جانب بشار الاسد  بعد تطورات عدة علي  صعيد الوضع الداخل السوري و  الاقليمي و  العالمي  و علي الساحة الايرانية .
 
 اولا  :    با النسبة  الي الصعيد الداخل السوري فا التحركات الاحتجاجية المطالبة باسقاط النظام قطعت اشواط من التلاحم و التكامل بين مختلف  الاطياف السياسية المعارضة في الداخل و في الخارج السوري  و  استكلمت الي حد بعيد   مرجعياتها  الثورية  اذ شكلت مجلسا   وطنيا انتقاليا  مكون من  كافة اطياف المعارضة لقيادة المرحلة الحالية . فهذه الخطوات في  الربيع العربي تعني با المرحلة ما قبل الاخيرة لتهاوي الانظمة الدكتاتورية كما راينا  في ليبيا نموذجا منها . و لا شك ان هذه التطورات  مرعبة و مهددة و مثيرة للقلق لدي الانظمة الدكتاتورية و حلفائها بنفس المقدار، و ما نقلته صحيفة اللوفيغارو  الفرنسية  في عددها الصادر يوم الثلاثاء 1/9/2011   نقلا عن مصادر بارزة في المعارضة السورية حول   لقائات جرت  بين دبلوماسيين ايرانيين مع معارضين سوريين في باريس و فيينا  هو ما يؤكد  هذا القلق الايراني من تهاوي الحليف بشار الاسد قريبا . و جل المراقبين و المحللين فسروا هذه اللقائات بانها  تاتي ضمن سياق التخطيطات الايرانية لمرحلة ما بعد بشار الاسد .


ثانيا : كانت  تصريحات  الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي  الذي حذر ايران  من احتمال توجيه ضربة وقائية لمنشآتها النووية اذا ما اصرت على طموحاتها في المجال النووي .  ولم يذكر ساركوزي البلدان التي ربما تسعى لتنفيذ مثل هذا الهجوم على المنشآت النووية الايرانية، لكن تقارير صحافية تفيد بأن اسرائيل هي الدولة التي علي عجالة من امرها في  ضرب المواقع الايرانية لاعتقادها انها باتت قريبة من حيازة السلاح النووي   . الموقف الفرنسي الاخير يعتبر الاكثر حدة بعد المواقف الاسرائيلية  ضد هذا البرنامج   و يحمل الموقف الفرنسي   في طيأته  رسالة  موجهة الي ايران يقرأها المراقب السياسي بانها تاتي ضمن سياق  رفع  سقف التحذيرات الاوروبية  ضد ايران  بما تتعلق ببرنامجها النووي في  هذا التوقيت الزمني.  و  التهديد في باطنه موجها ضد ايران  لما قد تقوم به من ممارسة  تاثيرها السياسي و نفوذها علي  نظام بشار الاسد و الذي  يمكنها ان تلعب دورا في  التطورات الراهنة   في سورية  و العراقيل التي ستحدثها في  الجهود الاوروبية  و الدولية في ارغام الاسد الرضوخ الي  المطاليب الدولية في التنحي او تغيير نهجه ازاء   حراك الشعب السوري السلمي الثائر بوجه الطاغية .  و الان انتصار ثوار ليبيا و  فراغ الحلف من عملياته العسكرية  التي اشغلته لشهور  يسمح لقادة الحلف الاوروبي ان يقوم  ببعض العمليات العسكرية ضد نظام بشار الاسد فيما اقرت  القادة الاوربيين ذلك .

 

ثالثا  :   فمن باب  المبدا السائد في السياسة بشكل عام و لدي الايرانيون  علي وجه الخصوص  بان  ليس هناك صديقا دائما او عدوا دائما في السياسة فصارت ايران النجادية  تدرس المرحلة  ما بعد بشار الاسد كي لا تتفاجأ  بمشاكل   تاتيها من الخارج فضلا عن الازمات الاقتصادية  و ازمة الخلافات  التي صارت تتأكل  النظام من الداخل .    الي ذلك ايران علي اعتاب انتخابات تشريعية   قد تتخللها  مشاكل امنية  و هناك قلق يساور المسؤولين الايرانيين من  مغبة تكرار احداث مماثلة  مثلما حدثت  في الانتخابات الرئاسية  عام 2009 و الاحتجاجات التي تخللتها علي  نطاق واسع عمت كبري المدن الايرانية . كما ادركت ايران ايضا  بان الاستمرار بهذه النغمات  النشاز و مواقفها المناصرة لجزار دمشق  لا تجني لها الا ويلات  المزيد من العقوبات و المواقف العدائية من الساحة الدولية اذا ما بقيت ايران مصرة عليها  .

 
 فكل  هذه الحسابات  هي الان مطروحة علي طاولة    احمدي نجاد  و المرشد علي خامنئي . و لابد لهم ان يتداركوا الوضع و الضغوطات  المحيطة بايران  اقليميا و عالميا .  كانت المرحلة الاولي  من تغيير  النبرة هو اعلان هذا الموقف  تجاه القضية الاقليمية الاولي  و هي  الثورة السورية  من خلال تغيير  نجاد لمواقفه تلافيا للتطورات و ما ستؤول اليه   في  الشهور المقبلة   في سوريا  و تلافيا الي مزيد  من  المواقف الحادة و ما يمكن ان تعقبها مزيد من  العقوبات او عمليات عسكرية  استباقية  ضد منشأتها النووية   كما  تحدث عنها الرئيس الفرنسي ساركوزي .

رابعا :  موافقة  تركيا مؤخرا على اقامة  نظام رادارات  للانذار المبكر على أراضيها في إطار نظام الدفاع الصاروخي  بهدف مواجهة التهديدات الصاروخية الباليستية التهدد اوروبا و تحديدا  ايران   التي تجرب  بين الحين و الاخر صواريخ  تقول عنها محلية الصنع .  و  اقامة  هذه المنظومة تأتي ضمن  استراتيجية الغرب لاحتواء ايران عسكريا و سياسيا  و كاداة ضغط  لترويض ايران و  نشاطاتها  المشبوهة و الداعمة  دائما للانظمة الدكتاتورية  و  تدخلاتها في  شؤون المنطقة  و مشاركتها في  قمع شعوبها  منها  نظام بشار الاسد.

  ان موضوع نشر  منظومة الرادارات الصاروخية الاوروبية   علي الاراضي التركية   جائت متسارعة في المرحلة الراهنة   قد تكون ايران  نفسها و مواقفها  تجاه قضايا المنطقة  لا سيما  سياساتها  المتعارضة و غير متقاطعة المصالح  مع السياسات  الاوروبية  و الامريكية في المنطقة  و  تحديدا  في سورية التي تصنف ضمن  دول الممانعة ،  هي التي  دفعت  الاوروبيين في التسارع عن اعلان هذه الخطوة  في   المرحلة الراهنه  .   

و تبعا لهذه التحركات الاوروبية  التحذيرية  وجدت  ايران نفسها   تقع  في  محيط    تكون المجازفة  و   يكون  الاصرار  و الاستمرار علي المواقف  السابقة تجاه   القضايا الاقليمية  ، سوريا مثالا  ربما سيجلب لها المزيد من التحركات التحذيرية  من  قبل الاوروبيين و الولايات المتحدة الامريكية و حلفائها  في المنطقة  قد  تكون خارجة عن  نطاق تحملها  و  يصعب عليها  تلافي انعكاساتها  علي الساحة الداخلية الايرانية  الهشة  المتأكلة  و  سياستها الخارجية .

 

 فسارع  النظام الايراني  منذ بدء الاحتجاجات السلمية في سوريا  الي معاضدة الحليف بدئا من  المواقف السياسية المعلنة وصولا الي   ارسال القناصين  و ارسال اجهزة   الاكترونية لمتابعة النشطاء علي مواقع التواصل الاجتماعي و كشفهم ،  الا ان الامواج الشعبية كانت تعلوا هذه  المحاولات القمعية بكثير   الي درجة  اوحت بصاحب القرار في الجمهورية الاسلامية   بان  مسألة تهاوي  نظام  بشار الاسد ، الحليف الاستراتيجي   هي  مسألة وقت ليس الا  و ايامه الاخيرة بدأت تلوح في الافق   و علي ذلك ينبغي التجهيز و الاستعداد لمرحلة ما بعده  و الامساك بالعصي من المنتصف  اي  مغازلة الشعب السوري .
 
فما سمعنا من نجاد  من دعوات وجهها الي صديقة الاستراتيجي بشار الاسد   مقترحا عليه اعتماد الحوار مع المعارضة و ان العنف ليس حلا مناسبا للقضية فهي لم و لن  تأتي ايمانا من نجاد بهذه المبادئ  و تكفينا  الاشارة الي الاحتجاجات الشعبية عام 2009  التي كانت سلمية  من اجل اعلان  رفضها  نتائج الانتخابات الرئاسية المزورة  لكنها   قوبلت بتعامل نجاد و نظامه من خلال  افواه البنادق و الهراوات  الكهربائية و  الاقتحامات الليلية للمنازل   و غيرها  من الممارسات  العنيفة ضد المواطنين الايرانيين .


و لكن هذه  التصريحات نابعة من   الخشية و  القلق  اللتان  تساوران   نجاد و المرشد الايراني   كي لا يفيقوا   صباح ذات يوم  من النوم و  يسمعا الخبر العاجل التالي  من فضائية الجزيرة و العربية  :  

"غادر الرئيس السوري بشار الاسد هو و عائلته و  نوابه و مساعديه  دمشق الي  وجهة غير محددة و  الشعب  السوري  استولي علي القصر الرئاسي  و اعلن  البيان الاول للثورة من هناك  ." .

 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات