«حقُّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها»!

تم نشره الخميس 11 أيّار / مايو 2023 12:08 صباحاً
«حقُّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها»!
سهيل كيوان

كان أصحاب القرار في إسرائيل يخطّطون ويعرفون ما الذي سيحدث بعد التسبُّب في استشهاد خضر عدنان في سجنه الإداري. كانوا يعرفون أنهم يستفزُّون ويتحدّون حركة الجهاد الإسلامي ويدعونها إلى الرّد، خصوصاً أنها كانت قد حذّرت من اغتيال خضر عدنان في سجنه وبأنّها سوف ترد. كانت إسرائيل بدورها جاهزة للردّ على ردِّ الجهاد. السيناريو المتوقع جاهز، رد ورد آخر وهكذا، ثمّ تدخّل المخابرات المصرية وجهات أخرى لوقف التدهور، وعدم توسيع المواجهة، في الواقع هو دفع الطرفين إلى تأجيلها لأيام أو لأشهر أو لساعات.
الاغتيالات تُستخدم لوقت الحاجة، وليست عشوائية، بل هي مدروسة بدقة. جميع قادة المقاومة واقفون في القافلة الطويلة مع سابقيهم من الشهداء، كلهم على قائمة ما يسمونه «بنك الأهداف»، وليس فقط القادة الحاليون، بل كذلك المرشحون من بعدهم لتولّي دور القيادة. الاغتيالات تنفّذ حسب الحاجة واللحظة المواتية، حيث تؤخذ كل حالة في الظرف المحلي والإقليمي والعالمي، وحتى في ما يجري داخل الائتلافات الحكومية، وما يجري داخل الفصائل الفلسطينية نفسها، ومن منها التي يجب ضربها الآن، ومن التي يستحسن تأجيل ضربها.

تُشجع إسرائيل في سياساتها العدوانية مواقف عربية ودولية وفلسطينية، ولكن لا شكّ في أن الموقف الأمريكي، يعتبر أهم المواقف الداعمة للعدوان المستمر

في كانون الثاني/ يناير الأخير، ألمحت وسائل إعلام إسرائيلية بقرب اغتيال قادة من حماس، فذكرَت أن حركة حماس تُخطط لاختطاف جنود لأجل المساومة في عملية تبادل أسرى، لأنّ ما في يدها من أوراق ضعيف، ولا يكفي وسيلة ضغط للتفاوض، وذكرت أن وراء مخطط الاختطاف يقف القياديان في حماس، إسماعيل هنيّة ونائبه صالح العاروري. هذا يعني أن التخطيط جاهز لاغتيالهما بحجة العمل الوقائي، وكان هذا التلميح خلال فترة تصاعد في المواجهات في الضفة الغربية واقتراب رمضان المبارك، إلا أن إضراب خضر عدنان عن الطعام، وتطوّر الحدث بعد استشهاده، دفع إلى تقديم اغتيال قادة من الجهاد، حتى لو كانوا بين أبناء أسرهم من نساء وأطفال. تُشجع إسرائيل في سياساتها العدوانية مواقف عربية ودولية وفلسطينية، ولكن لا شكّ في أن الموقف الأمريكي، يعتبر أهم المواقف الداعمة للعدوان المستمر، حتى صار يبدو أن أمريكا، هي التي تحتاج إلى رضى إسرائيل وليس العكس. الموقف الأمريكي المتكرِّر والمبتذل إدارة بعد إدارة، سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية، يقول «من حق إسرائيل الدفاع عن أمنها وأمن مواطنيها». أي قرار دولي يدين الاحتلال والاستيطان ويعتبره منبع الصدامات وأصلها، ترفضه أمريكا، لأنّ من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها، وفي أحسن الحالات، فإنها تدعو الطرفين إلى الحوار لأجل بناء الثقة والعودة إلى أفق السّلام، وهذا يأتي بعد أولوية حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، حتى لو أبادت أسراً كاملة بينها أطفال ونساء، يكفي أن يكون ربّ الأسرة من قادة المقاومة، ليصبح قتله مع أبناء أسرته حلالاً وبتأييد أمريكي. أمريكا الدولة التي تزعم أنها حامية الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم، ومستعدة أن تشن حروباً وأن تحاصر شعوباً وتدمّر بلدانا بحجة دفاعها عن مبدأ الحرية، تعتبر الاحتلال الإسرائيلي وإفرازاته دفاعا عن النّفس. هذا الدعم المطلق، يمنح إسرائيل القوة المعنوية إضافة للمادية، بأن تفعل ما تشاء في فلسطين أرضاً وشعباً، وأن تتنكر حتى لاتفاقات وقّعتها مع قيادات فلسطينية برعاية أمريكية، هذا يؤكّد من جديد، أن وجهة إسرائيل لم تكن يوماً باتجاه سلام مع الفلسطينيين، وأنها لم تكن في يوم ما مستعدة لتطبيق قرارات دولية، وأنّ كل ما تسعى إليه، هو كسب الوقت واستغلال المتغيّرات الدولية والعربية للاستفراد بالفلسطينيين وتفتيت وحدتهم وتشتيت قواهم لتسهيل القضاء على حلمهم في تقرير مصيرهم. كل الفصائل مستهدفة، حتى أولئك الذي يسدون خدمات أمنية لإسرائيل، حتى العملاء الفلسطينيون يعتبرون أعداء لإسرائيل، فالعميل يحتاج في نهاية المطاف إلى هواء يتنفّسه، وإلى ماء يشربه وإلى أرضٍ يقف عليها بين البحر والنهر، وبهذا يتحوّل إلى عدوٍ لإسرائيل، ويصبح من حقّها أن تدافع عن نفسها. إلا أنها بسياستها والدعم الأمريكي المطلق لعدوانيها تضع الفلسطينيين أمام خيار واحد لا بديل له، من أقصى وأشد المقاومين بأساً إلى أكثر العملاء هشاشة، في مواجهة صدامية مع هذا الاحتلال لعقود طويلة، وجولات أخرى من المواجهات، وقوافل أخرى من الشهداء والضحايا وجداول الدماء، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.
كاتب فلسطيني

القدس العربي 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات