خبراء اداريون : اعادة الهيكلة مشروع مهم لتحقيق العدالة

المدينة نيوز - عاد موضوع اعادة هيكلة المؤسسات العامة ورواتب وعلاوات الموظفين يطفو على السطح مجددا بين مشكك في توجه الحكومة نحو تطبيق هذا المشروع مع بداية العام المقبل وبين مطالب باعادة النظر في بعض مكوناته خاصة ما يتعلق برواتب العاملين في المؤسسات المستقلة .
مشروع الهيكلة يمكن ان يقال عنه وفقا لخبراء اداريين مشروع مهم وقد يحقق العدالة بين الموظفين ، لكن المعادلة الاصعب كيف يمكن ان يتم تطبيقه بصورة تؤدي الى تحقيق الهدف المنشود اذا اخذنا بعين الاعتبار ان الوقت لم يعد رفاهية وان الغالبية من الموظفين بدأت بالتخطيط لاحوالها المادية بناء على الهيكلة المقترحة .
ولا يمكن ايضا كما بينوا لوكالة الانباء الاردنية ( بترا ) تجاهل ان نسبة من الموظفين العاملين في المؤسسات المستقلة سيلحقها الضرر بخفض رواتبها كما ان هناك قلقا من تشكيل ضغط كبير على صناديق التقاعد المختلفة جراء رغبة عدد من الموظفين بالاستفادة المبكرة من الزيادة التي ستطرأ على رواتبهم التقاعدية جراء الهيكلة .
منسق برامج اصلاح القطاع العام في وزارة التخطيط سابقا الدكتور خلف الحديد قال: بعض الرواتب تعطى للاشخاص وليس للوظيفة وضمن تقييمات غير واقعية , وللاسف فان ذلك كان يتكرر في حكومات متعاقبة وادى بالنتيجة الى تضخم عال في الرواتب وايجاد ازمة في ميزانيات العديد من مؤسسات الدولة .
واضاف ان الحكومة السابقة حاولت ان تحقق نوعا من العدالة بين موظفي الدولة , فكانت مقاومة التغيير واضحة خاصة من الموظفين العاملين في المؤسسات المستقلة والذين شعروا بان امتيازاتهم التي منحت لهم حق مكتسب لا يجوز التنازل عنه .
الدكتور الحديد وهو استاذ الادارة العامة في الجامعة الاردنية حاليا اشار الى ان خطة تطوير القطاع العام كانت متطلبا اساسيا منذ عام 2000 بطلب من البنك الدولي ، وذلك ضمن برنامج الاصلاح العام الذي تضمن اضافة الى اصلاح الخدمة المدنية واعادة الهيكلة مسارات اخرى وهي اصلاح الادارة المالية واصلاح القضاء والحكومة الالكترونية .
واضاف : كان من المفترض ان تسير هذه المسارات الاربعة بشكل متواز الا ان مقدرة الحكومات على تحسين رواتب الموظفين كانت تصطدم بالكثير من الحواجز خاصة المادية , فجاءت الاجراءات الحكومية والتي اهتمت بشكل خاص باعادة توزيع الرواتب , وكانت العملية اشبه بزيادة رواتب وانقاص اخرى , ولكنها ليست عملية اصلاح اداري شاملة.
الحكومات المتعاقبة انشأت هيئات شبه مستقلة واخرجتها من نطاق الرواتب التي يحكمها نظام الخدمة المدنية وكانت حجتها استقطاب كفاءات عالية ومميزة وبرواتب عالية وغير مبررة , كل ذلك ادى الى تضخم سريع في الرواتب واحدث خللا واضحا في سلم الرواتب كما اوضح الدكتور الحديد .
وقال : لا يمكن ايضا انكار ان جزءا من المديوينة المقدرة ب 17 مليار دولار كان لدفع رواتب الموظفين البالغ عددهم نحو 240 الفا، وكانت بعض الحكومات تلجأ في السابق الى تقليص هذا العدد عن طريق احالة الموظفين الى التقاعد وعدم استحداث فرص عمل جديدة في جدول التشكيلات لكنها لم تكن حلولا ناجعة .
مساعد مدير المعهد الوطني للتدريب زياد عليان قال ان اهم رسالة يجب ايصالها من خلال تطبيق هيكلة مؤسسات القطاع العام هي النية الصادقة في تحقيق العدالة بين الجميع , لكن بعض الاجراءات غير الواضحة تسبب في ايجاد نوع من عدم الثقة في اهمية وجدوى هذا البرنامج الوطني الطموح .
وقال : اعتقد ان الشركاء الرئيسيين في عملية اعادة هيكلة الرواتب ومنهم الموازنة العامة والمديرون الماليون ومديرو الموارد البشرية في جميع الدوائر والمؤسسات المعنية بالهيكلة لم يكونوا متواجدين على طاولة الحوار , الامر الذي تسبب منذ البداية ببعض الغموض .
ورأى عليان ان التباين والخلل ما زالا واضحين وقد لا نصل الى الطموح بتحقيق العدالة المنشودة اذا طبقت الهيكلة وفق ما اعلن عنها اخيرا دون الاخذ بملاحظات الشركاء الرئيسيين .
وقال ان علينا ان لا نتناسى مشكلة فقدان الكفاءات عند التقاعد , اذ ان الفرق الكبير في التقاعد ضمن الهيكلة الجديدة سيشجع العديد من الكفاءات الوطنية على التقاعد المبكر وسيتسبب ذلك باحداث خلل في صناديق التقاعد .
واضاف اننا بحاجة الى دراسة تحليلية اكثر عمقا لاخذ اراء كل الشركاء المعنيين ودراسة العرض والطلب وهو اهم نقطة في موضوع اعادة الهيكلة والاستفادة من قاعدة البيانات الموجودة اصلا في ديوان الخدمة المدنية واجراء حوار وطني يجمع جميع الشركاء في عملية الاصلاح الاداري للوصول الى فهم مشترك وواضح , ولا بد من ان يكون هذا الموضوع اهم عنوان على اجندة وزارة تطوير القطاع العام في المرحلة المقبلة .
وقال عليان ان الوقت لم يعد رفاهية والعمل المطلوب يمكن انجازه اذا تضافرت الجهود من اجل الوصول الى افضل النتائج.
مساعد امين عام ديوان الخدمة المدنية سابقا الدكتور عوني زيادين قال : من حيث المبدأ فالهيكلة ضرورية لان هناك ظلما كبيرا ومكاسب لاشخاص اخذوها دون وجه حق فلا يمكن ان يكون هناك تباين كبير في الرواتب بين موظف وآخر يؤديان نفس العمل في ذات الدائرة او المؤسسة .
واضاف ان المحسوبية والواسطات وظروفا معينة اوجدت ما لا يقل عن 15 بالمئة من عدد الموظفين في مؤسسات مستقلة ممن يتقاضون رواتب عالية ومكاسب غير مبررة .
وزاد : المشكلة ليست في الوظائف والرواتب العالية وغير المبررة فحسب بل في وجود بعض المؤسسات المستقلة غير المبرر وجودها ايضا ، فالغاء وزارة ما وانشاء مؤسسة او اكثر لتقوم بعملها كان خطأ ارتكبته حكومات سابقة واوجد وظائف تم ملء شواغرها في كثير من الاحيان بالواسطة والمحسوبية .
وقال ان سلبيات التمايز في الرواتب اكثر من ايجابياته ومن حيث المبدأ فان الهيكلة يجب ان تشمل جميع المؤسسات والاستثناء يكون للوظيفة وليس للمؤسسة داعيا الى ان يكون الاعتبار لخطورة وصعوبة بعض الاعمال والمهن في المؤسسات بحيث يكون الفارق في الراتب مبررا بحجم الانجاز واهميته وفي ضوء معايير واضحة تمنع الواسطة .
ونوه زيادين الى فئة المتقاعدين السابقين متسائلا ما هو مبرر الحكومة بان يكون راتب الموظف المتقاعد قبل سنة اقل بالنصف على الاقل من راتب زميله الذي سيتقاعد بعد الهيكلة . مشروع الهيكلة اخذ حيزا كبيرا من النقاشات والتفاعلات في الحكومة السابقة والامل معقود على الحكومة الحالية في ان يكون التطبيق اكثر شمولية وعدالة ، ومراعاة الوقت من اجل الصالح العام امر مفروض على الجميع ، خلاصة ما يراه الاداريون لتحقيق الهدف المنشود وهو العدالة والمساواة بين الموظفين .( بترا )