الرواشدة امام مؤتمر وكالات الأنباء العربية : نحن في عهد " ديمقراطية الويب "

المدينة نيوز - بدأت في العاصمة القطرية الدوحة الاثنين اعمال المؤتمر التاسع والثلاثين للجمعية العمومية لاتحاد وكالات الأنباء العربية برعاية وزير الثقافة والفنون والتراث الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري وبمشاركة وفود تمثل "15" وكالة أنباء عربية من بينها وكالة الأنباء الاردنية ( بترا )، لمناقشة عدد من التقارير والدراسات التي تتعلق بتطور وكالات الأنباء العربية وفتح افاق جديدة للعمل العربي الإعلامي المشترك .

واكد مدير عام وكالة الأنباء الاردنية (بترا) الزميل رمضان الرواشدة في مداخلة بالجلسة العامة للمؤتمر الذي يستمر ثلاثة ايام اهمية "الورقة الالكترونية" لعمل وكالات الأنباء في ظل التطور الإعلامي الهائل والتسارع في الاحداث التي تعصف في المنطقة .

ولفت إلى انه تم حديثا اطلاق مصطلح " ديمقراطية الويب" او الشبكة العنكبوتية بسبب الدور المتنامي للشبكة في كثير من احداث العالم، مشيرا إلى ان ذلك كان ظاهراً للعيان في ما جرى في تونس ومصر واليمن وسوريا، وقبلها في احداث ايران، حيث لجأ الناس إلى الإعلام باعتباره الوسيلة الاولى لايصال صوتهم، مستخدمين بذلك كل الوسائل المتاحة .

واشار الرواشده إلى انه كان من الطبيعي ان ترى مواطنا يصور التظاهرات بالهاتف المحمول ويحولها إلى المواقع الالكترونية وللفضائيات العربية التي تسارع إلى بث اللقطات، لافتا إلى ان ذلك افرز مصطلح " المواطن الصحفي" الذي يقوم مقام الإعلامي والصحفي عندما يغيب عن نقل الاحداث وتغطيتها .

وتناول مدير عام وكالة الأنباء الاردنية في مداخلته الدور الكبير الذي لعبته المواقع الاجتماعية في الثورات العربية الاخيرة وفي غيرها من الاحداث التي تدور في "القرية العالمية الإعلامية " الصغيرة، التي اصبح فيها مشاهدة الحدث بالصوت والصورة لحظة وقوعه .

وقارن الرواشده الوضع الإعلامي في ثمانينيات القرن الماضي بالوضع الحالي في عهد " ديمقراطية الويب" مشيرا إلى انه في الثمانينيات من القرن المنصرم دكت مدن بالطائرات وقتل عشرات الالاف من المواطنين، وقمعت مسيرات ووقع ضحايا بكثرة وانتهكت حريات ومورس الاعتقال والتعذيب بحق السياسيين والإعلاميين والمواطنين في دول عربية دون ان يعرف العالم ما جرى، الا بعد فترة طويلة، لان وسائل الإعلام مسيطر عليها، ولم يكن مثل هذا الانفتاح .

واضاف قائلا " لو قام بوعزيزي بحرق نفسه في تلك السنوات لما عرف الناس عنه شيئا، فكم مثل بوعزيزي قد اعتقل وعذب ومات تحت التعذيب في العالم العربي دون شفيع او دون ان يدري بمصيبته أحد "، مشددا على أن الامر الان مختلف، فالقضية اصبحت مثل المتواليات الهندسية وكان الانهيار سريعا واطاح بوعزيزي والحركة الشعبية بكثير من التابوهات .

واكد الزميل رواشده الاهمية الكبيرة لدور المواقع الاجتماعية في عالم اليوم، لافتا إلى انه ليس من السهل القفز عن مثل هذا الدور، فمواقع تويتر والفيسبوك واليوتيوب وغيرها اصبحت محرضات لامحركات بحث فحسب للناس لبث همومهم وشكواهم وقضاياهم .

واوضح ان صورة مواطن يعذب في دولة عربية نشرت على اليوتيوب كان لها وقع الصدمة على المسؤولين، كما ان الدعوات للنزول إلى الشارع كانت تبث عبر الفيسبوك وكان النشطاء يلجأون إلى هذه المواقع لان الإعلام التقليدي عجز عن التلاقي معهم او الوصول اليهم، منبها إلى ان شباب اليوم يجيدون استخدام هذه التقنيات الحديثة بكثرة ومن خلالها يعبّرون عن انفسهم .

ولم يستغرب الرواشده في مداخلته قيام بعض الدول باعتقال المدونين بسبب مدوناتهم الشخصية التي لعبت دوراً كبيراً في إذكاء روح التمرد على السائد، خوفا من تأثيرهم الكبير على الجموع .

 وتم في الجلسة العامة انتخاب مدير عام وكالة الأنباء القطرية احمد سعد البوعينين رئيسا لاتحاد وكالات الأنباء العربية للسنتين المقبلتين تنفيذاً للمادة (11) فقرة (د) من النظام الداخلي للاتحاد .

وقدمت في المؤتمر تقارير تناولت تطور وكالات الأنباء، والقيم الأخلاقية في تغطية أنباء الحروب، وغيرها من المواضيع والقضايا، استهلها رئيس مجموعة " اسويشيتدبرس " البريطانية كلابف ماشال بتقرير تحت عنوان " تطورات وكالات الأنباء في القرن الحادي والعشرين" كما قدم الامين العام للمؤتمر الدولي لوكالات الأنباء السيد اوفه سورنسون تقريرا بعنوان " المؤتمر الدولي لوكالات الأنباء – تبادل المعرفة بين وكالات الأنباء"، وقدم بعد ذلك رئيس وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية رياض الحسن تقريرا بعنوان " الحقول غير المستكشفة بعمل الوكالات العربية " .

وقدم المدير العام لوكالة أنباء الأناضول التركية رئيس منظمة وكالات الأنباء الآسيوية( اوانا) السيد كمال اوزتورك تقريرا بعنوان " العودة إلى القيم الأخلاقية لوسائل الإعلام في تغطية أنباء الحروب "، ومن ثم قدم المدير العام لوكالة الأنباء القطرية السيد احمد سعد البوعينين تقريره بعنوان "قنا الطفل توجه جديد لتطوير قدرات الأطفال في قطر والدول العربية " .

واختتم الدكتور فريد أيار الأمين العام للاتحاد تقديم التقارير التي استغرقت أكثر من ساعتين، بتقرير بعنوان " وكالات الأنباء العربية – تطورها ومستقبلها " .
وفي كلمة افتتح بها المؤتمر اكد وزير الثقافة والفنون والتراث القطري الدكتور حمد الكواري ان حق المعرفة بالشأن العام والمشاركة في صنع احداثه من المطالب الاساسية لشعوب اليوم داعيا إلى اعادة النظر في كثير مما يسمى بـ "المسلمات الإعلامية".

وقال الكواري " ينبغي اعادة النظر بالمسلمات الإعلامية من خلال وضع الخطط والبرامج للنهوض بإعلام واع يقوم على اسس وافكار تتفاعل مع الواقع الجديد وتنطلق به لافاق رحبة وخلاقة".

واوضح ان العامل الرئيس للنجاح هو مواكبة التطورات السياسية والعلمية لافتا إلى ان العصر الحالي يتسم بتعدد الوسائط الإعلامية داعيا إلى الانخراط في هذا العالم وتوفير الطاقات التي تجعل منا فاعلين ومؤثرين واضعين في الاعتبار تجربة الشباب في هذه العوالم وتسخيرها لخدمة تطلعاتهم.

واعرب عن تقديره للدور الذي تقوم به وكالات الأنباء العربية في تطوير العلاقات بين الدول العربية وشعوبها وتعزيز الروابط بين المؤسسات الإعلامية والقاء الضوء على القضايا التي تحظى باهتمام المواطن العربي خاصة في ظل الحاجة الشديدة لثقافة إعلامية تستجيب للحاجات المتنامية في مختلف جوانب الحياة في المجتمعات العربية.

كما القى المدير العام لوكالة الأنباء القطرية احمد البوعينين كلمة قال فيها "ان الاجتماع ال39 لاتحاد وكالات الأنباء العربية (فانا) يسلط الضوء على التضامن الإعلامي العربي واهميته ويبرز الاتحاد كاطار للتعامل مع التحديات المهنية التي تواجه العمل الصحافي وتؤهله للمستقبل من خلال المبادرات والخبرات المتبادلة".

واقترح البوعينين بمناسبة استضافة الدوحة خلال الفترة المقبلة عددا من البطولات الرياضية العالمية تنظيم ملتقى للصحافة الرياضية يتم من خلاله تخريج كوادر صحافية رياضية تسهم في مسايرة التطور والحداثة التي يعيشها الشباب العربي.

ومن جانبه أكد رئيس مجلس الإدارة رئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط والرئيس السابق لإتحاد وكالات الأنباء العربية " فانا" عادل عبد العزيز أن الثورات العربية يجب أن تكون دافعا نحو تجويد أشكال العمل الصحفى كافة وتقديمه فى أيسر صورة وأفضل أسلوب بما يمكننا فى النهاية من إيصال رسالتنا إلى أبناء هذا الوطن والعالم وبما يعكس ما أصبحنا عليه وتكون تطبيقا أمينا لشعارات ثورة 25 يناير.

واشار عبد العزيز إلى أن الظرف الإستثنائى الذى تمر به المنطقة العربية وباعتبار وكالات الأنباء العربية هى رأس السهم فى مشروعنا الإعلامى العربى يترتب عليها عبء نقل ومواكبة رياح التغيير التى تهب علينا فيما سمى بالربيع العربى .

كما دعا وكالات الأنباء العربية إلى مراجعة القرار السابق الذى تم إتخاذه فى مؤتمر إتحاد وكالات الأنباء العربية فى عام 2009 والخاص بعدم توجيه الدعوة لحضور هذه الإجتماعات للوكالات التى لم تتمكن من تسديد حصصها المالية لموازنة الإتحاد لمدة سنتين فأكثر .

وارجع ذلك للظروف الحالية لمعظم وكالات الأنباء التي قد تحول فى أوقات معينة دون تسديد هذه الحصص.

ورأى أن تمثيل جميع الوكالات العربية ولو بصفة مراقب في الظروف التى تمر بها الدول العربية حاليا لهو أمر أكبر وأهم من مسألة تسديد الإشتراكات وتعليق العضوية .

من جهته اكد نائب رئيس اتحاد وكالات الأنباء العربية رئيس مجلس الادارة المدير العام لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) الشيخ مبارك الدعيج الصباح في كلمة له في الجلسة الافتتاحية ان "الاجتماع يحتضن كوكبة متميزة من مسؤولي الاتحادات والمنظمات العالمية اصحاب الخبرات العالية في وكالات الأنباء العربية ما يعطي اهمية كبرى توازي ما في نفوسنا من طموحات وآمال نحو التطور والارتقاء".

وأعرب الدعيج عن أمله في تجسيد التعاون الفاعل والمنشود الذي من خلاله يمكننا تطوير عمل واداء وكالات الأنباء من اجل تحقيق الإعلام الراقي الذي يسهم في التواصل الحقيقي بين الثقافات المختلفة ويعمل على تقارب الشعوب وتحقيق الاستقرار والسلام في العالم.

كما القى الامين العام لاتحاد وكالات الأنباء العربية (فانا) الدكتور فريد ايار كلمة دعا فيها إلى العمل على "ايجاز واف للخبر في دنيا جديدة يتحكم فيها بالمتلقي هوس السرعة وضعف التركيز" إضافة إلى سرعة بث الخبر اذ ليس مقبولا ان تسبق وكالات غربية في اذاعة الاخبار الخاصة بنا".

كما دعا إلى التمكن من تقنيات حديثة اوسع على كل المستويات خدمة لبث الاخبار والتخصص بالشؤون الجوهرية كالبيئة وحقوق الانسان والمال والاقتصاد والاسواق العالمية.

وقال انه يجب "الا نقبل في هذا الزمن المتكيف مع تكنولوجيا المعلومات الا التعامل مع الحقيقةرفضاً للافكار التي تستند إلى المكر والدهاء وعلى الرغبة الجامحة في استغلال الاخرين وذلك ايمانا بمبدأ المصداقية والشفافية والوضوح التام".

ويتناول جدول اعمال الاجتماع ما تم انجازه من دورات تدريبية واجتماعات ومؤتمرات وعقد اجتماعات المجلس الدولي لوكالات الأنباء في الرياض ولندن.

كما يناقش الاجتماع موضوع جائزة أحسن تقرير وأحسن صورة وكيفية تطوير الملف الاقتصادي لاتحاد وكالات الأنباء العربية إلى جانب التطرق للشؤون المالية والتنظيمية وخاصة فيما يتعلق بانتخاب رئيس للاتحاد ونائبيه واعضاء هيئة الامانة العامة والامين العام.

يذكر أن اتحاد وكالات الأنباء العربية (فانا) يضم في عضويته 19 وكالة أنباء عربية وهو أحد الاتحادات التابعة لجامعة الدول العربية ومقره بيروت وقد تأسس في عام 1975 ويهدف إلى توثيق الصلات المهنية بين تلك الوكالات وتأمين أوسع المجالات لتوزيع الأنباء داخل الدول العربية وايصال الأخبار العربية إلى الخارج.

(بترا)