تعـــــــدد الزوجات .. قضية كل عصر

تم نشره الخميس 24 تشرين الثّاني / نوفمبر 2011 01:59 مساءً
تعـــــــدد الزوجات .. قضية كل عصر

المدينة نيوز - تعدد الزوجات قضية تنفجر بين الحين والآخر.
التعدد .. ماله وما عليه؟
التعدد بين الجواز الشرعي والتحريم الاجتماعي.
من المعروف أن التعدد كان موجوداً قبل الإسلام، فالثابت تاريخيا أن تعدد الزوجات ظاهرة عرفتها البشرية منذ أقدم العصور .. كانت الظاهرة منتشرة بين الفراعنة، وأشهر الفراعنة على الإطلاق وهو رمسيس الثاني، كان له ثماني زوجات وعشرات المحظيات و الجواري، وأنجب أكثر من مائة وخمسين ولدا وبنتا، وأسماء زوجاته ومحظياته وأولاده منقوش على جدران المعابد حتى اليوم.

رمسيس الثاني.. تزوج بالملكة الجميلة (نفرتارى)، وتليها في الترتيب الملكة ( أيسه نفر ) أو ( إيزيس نفر ) وهى والدة ابنه الملك ( مرنبتاح ) الذي تولى الحكم بعد وفاة أبيه وأخوته الأكبر سنا .

وجمع نبي الله يعقوب بين أختين – ابنتي خاله لابان – هما ( ليا ) و ( راحيل ) وأيضا جاريتين لهما، فكانت له أربع حلائل في وقت واحد، وكان تعدد الزوجات شائعا في الشعوب ذات الأصل السلافى.

وهى التي تسمى الآن بالروس والصرب والتشيك والسلوفاك، وتضم أيضا معظم سكان ليتوانيا وأستونيا ومقدونيا ورومانيا وبلغاريا.
وفي العهد القديم أو التوراة.. فيها نصوص صريحة على إباحة التعدد في دين الخليل إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وشريعة داود وسليمان، وغيرهم من أنبياء بنى إسرائيل – على نبينا وعليهم الصلاة والسلام.

بل إن علماء الاجتماع والمؤرخين، ومنهم "وستر مارك" و "هوبهوس" و "هيلير" و "جنربرج" وغيرهم ، يلاحظون أن التعدد لم ينتشر إلا بين الشعوب التي بلغت قدرا معينا من الحضارة.

وهى الشعوب التي استقرت في وديان الأنهار ومناطق الأمطار الغزيرة، وتحولت إلى الزراعة المنظمة والرعي بدلا من الصيد وجمع ثمار الغابات والزراعة البدائية. ففي المرحلة البدائية من عمر المجتمعات كان السائد هو نظام وحدة الأسرة، ووحدة الزوجة.

أما بالنسبة للكنسية فيقول الدكتور محمد فؤاد الهاشمي: إن الكنيسة ظلت تعترف بتعدد الزوجات حتى القرن السابع عشر.
لقد كان تعدد الزوجات إذن معروفا ومنتشرا في سائر أنحاء العالم قبل أن يبعث النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وكان التعدد مطلقا بلا أية حدود أو ضوابط أو قيود، ولم يكن هناك كما يتضح من الأمثلة السابقة حد أقصى لعدد الزوجات أو المحظيات.

ولم يكن هناك اشتراط على الزوج أن يعدل بين زوجاته، أو يقسم بينهن بالسوية، كما أمر بذلك الإسلام.
وكانت المرأة بالذات هي الضحية والمجني عليها على الدوام، وفى كل المجتمعات كان الزوج يقضى معظم أوقاته في أحضان صاحبات الرايات الحمراء، ولا يعود إلى بيته إلا مكدودا منهك القوى خالي الوفاض من المال والعافية.

وما كانت المرأة تجرؤ على الإنكار أو الاعتراض عليه، وكان الآخر يمضى الشهر تلو الشهر عند الزوجة الجميلة، ويؤثرها على أولاده بالهدايا والأموال الطائلة، ولا تجرؤ الأخرى أو الأخريات ولا أولادهن على النطق بكلمة واحدة إزاء هذا الظلم الفادح.

ومنذ فترة والحديث عن تعدد الزوجات لا ينقطع سواء في جلسات الرجال أو النساء أو في المجالس المشتركة، وفي الغالب يتخذ الرجال موقف المؤيدين مهما اختلفت الثقافات والأعمار فيما بينهم، فمنهم من يتعلل بأنه بذلك يحتذي بالرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه، ويحقق سيرته ويسير على نهجه وينفذ شرع  الله وحديثه، ومنهم من يتذرع بأنه بهذا المسلك يساهم في القضاء على مشكلة العنوسة، وفريق ثالث يعلنها بصراحة أنه يريد زوجة يستعيد معها شبابه.

لأن رفيقة عمره التي أصبحت في مثل سنه أصبحت لا تفي بالغرض وبالطبع ترفض معظم النساء هذه المبررات. ومن ناحية أخرى فإن الممارسة الفعلية لتعدد الزوجات لا تحدث في أغلب الأحيان إلا نادراً. فلمواجهة احتياجات أكثر من زوجة واحدة يتطلب في أغلب الأحيان موارد كبيرة.. وهذا قد يضع تعدد الزوجات صعب المنال للغالبية العظمى من الناس ضمن تلك المجتمعات، فمثل هذه الحالات تظهر في العديد من المجتمعات الإسلامية التقليدية، وفي الإمبراطوريه الصينية.

وفي بعض المجتمعات غالباً ما يكون تعدد الزوجات رمزاً يشير إلى الثروة والسلطة، أما بالنسبة للمجتمعات التي يحظر تعدد الزوجات فإنها تفضل الحفاظ على العشيقة أو الزوجة الواحدة فقط.

وفي تفضيلات اجتماعية للتعدد فقد اكتشف الباحثون أن الزواج بامرأة ثانية يؤدي إلى طول عمر الرجل، وبالاطلاع على إحصائيات أعدتها منظمة الصحة العالمية حول البلدان التي تسمح بتعدد الزوجات والنتائج الإيجابية لذلك ومنها أن عمر الزوج الذي يقترن بأخرى يزداد أكثر من غيره بنسبة 12% ، وذكرت صحيفة الدايلي ميل أن الدراسة التي نشرت في مجلة (نيوساينتست) أشارت إلى أن الرجل الذي يتزوج من أكثر من امرأة يكون لديه عائلة كبيرة يحظى برعاية جيدة من خلالها أثناء فترة الكهولة فيعيش فترة أطول.

يعتبر موضوع تعدد الزوجات من الأمور المثيرة للجدل، والتي ترتبط في الأذهان بكثير من المفاهيم والأفكار والانفعالات النفسية للمرأة والرجل على حد سواء، ولم تعد هناك حاجة إلى المزيد من الدلائل على أن هذا الموضوع قد أصبح في مقدمة اهتمامات الناس في المجتمعات العربية والذي يمكن تصنيفه فنيا بين المسلسلات بوصفه اجتماعي أو كوميدي أو درامي، والذي أثار المناقشات والجدل على نطاق واسع في مختلف الأوساط نظرا لمشاهدته بصورة مكثفة عند عرضه، ونظرا لحساسية الموضوع وهو تعدد الزوجات، وما يتعلق به من حساسيات بالنسبة للزوجات والأزواج أيضا، وذلك بالاضافة إلى جوانب هذا الموضوع الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية والشرعية، وكذلك الجوانب النفسية في مسألة تعدد الزوجات فالآراء متضاربة ومختلفة وتولد نقاشات حادة جدا.

هناك بعض النقاط التي يجب معرفتها بخصوص التعدد والتي تعتبر هامة للموضوع:
- الاهتمام بالحديث والجدل الذي يدور حول تعدد الزوجات حاليا، وهو تحريك لقضية قديمة لها أهميتها للرجل والمرأة على حد سواء، وليس مصادفة أن تطفو على السطح حاليا وتمثل مسألة جادة يجب أن تكون موضع اهتمام ومناقشة موضوعية حتى وان ارتبطت في الأذهان بالطرائف والإيماءات والابتسامات.

- من وجهة النظر النفسية فان المشكلات الزوجية أصبحت تشكل عبئا كبيرا على العلاقات الأسرية والاجتماعية في السنوات الأخيرة، وأستطيع تأكيد ذلك ليس فقط في العيادة النفسية لحالات الاضطراب النفسي في الرجال والسيدات التي تنشأ عن الصراعات الزوجية، ولكن أيضا من خلال الملاحظة ورصد الخلل الذي أصاب علاقات الزواج في المجتمع العربي، ومنها بعض من حالات أصدقاء أعرفهم، وحتى حالات الجرائم الأسرية على صفحات الحوادث في الصحف.

-وهنا نقف أمام الرؤية النفسية لظاهرة تعدد الزوجات وهي ليست حكرا على المجتمعات العربية الشرقية وليست مرتبطة فقط بالثقافة الإسلامية رغم أنها – من المنظور الإسلامي – عمل مشروع، وممارسة لها ضوابطها في القرآن والسنة، وتسمح بها بعض المجتمعات البدائية أيضا كما تسمح بها بعض الطوائف المسيحية مثل المورمون، وفي دراسة نفسية منشورة حول بعض الجوانب النفسية لتعدد الزوجات قمت بها على عينة من السيدات وتم مناقشتها في مؤتمر عالمي للطب النفسي، وكذلك تم نشرها في دوريات علمية وفيها تم عرض الحقائق التالية حول تعدد الزوجات.

تشير الأرقام الى أن ظاهرة الزواج المتعدد ليست واسعة الانتشار في البلدان العربية، وطبقا للإحصائيات المتاحة فإن النسبة في مصر هي 4% من حالات الزواج وتزيد قليلا لتصل إلى حوالي 5% في سوريا والعراق، بينما تصل في دول الخليج إلى نحو 8% لكن هذه الأرقام الرسمية لا تعبر عن واقع الحال حيث توجد نسبة أخرى من الحالات تمثل الزواج غير الرسمي أو غير الموثق الذي يطلق عليه أحيانا العرفي أو السري.

يتراوح الاتجاه والقبول الاجتماعي لتعدد الزوجات في المجتمعات العربية بين التسامح مع الظاهرة وقبولها في دول الخليج إلى القبول الجزئي في أماكن أخرى مثل المجتمع المصري أو الرفض التام والمنع بموجب قوانين ومثل ما يحدث في تونس، ولكن في بلد أخر هو السودان، هناك دعوة رسمية وتشجيع لتعدد الزوجات، ولكن الغالب أن وصمة ما ارتبطت بالزواج المتعدد، ونظرة عامة اجتماعية لا ترحب بتكرار الزواج وتنظر لمن يفعل ذلك على أنه قام بعمل غير مقبول.

ومن الطريف جداً ما قابلناه أثناء التحقيق هذا الرأي للكاتبة "نوال السعداوي" و التي قالت: " إن الأديان التي تبيح تعدد الزوجات نشأت في مجتمع طبقي وعبودي".

وقد دعت فى سياق اعتراضها على قضية تعدد الزوجات إلى إلغائه باعتباره لا يمثل حلاً إنسانياً، كما طالبت بمنح المرأة الحق في تعدد علاقاتها الجنسية مثل الرجل، بدعوى أن ذلك يحقق المساواة بين الجنسين.

وقد بررت موقفها هذا بقولها " لماذا نفرق بين الرجل والمرأة، ونسمح للرجل بأن يقيم علاقات مع أخريات، بينما نمنع المرأة من أن تقيم علاقات مع رجال آخرين؟!! ففي الوقت الذي نمنع فيه المرأة من إقامة علاقات، نطلق العنان للرجل ونسمح له بالزواج على زوجته" كما ترى أن تعدد الزواج فيه تقليل من شأن المرأة ويجعلها في مستوى أدنى من الرجل.

ومن هنا ننتقل إلى نقطة أخرى وهى ماذا يحدث لو لجأت المرأة إلى "الخلع" بدلا من إعطائها الحرية بإقامة علاقات جنسية متعددة، وهل حقا أكثر حالات الخلع أو الطلاق تأتى بسبب لجوء الرجل إلى التعدد؟.

كما أيدت "السعداوي" الزواج العرفي بين الشباب والفتيات، مخالفة الآراء التي تحذر من هذا النوع من الزواج، بسبب عدم تقييد الرجل بشروط تضمن للمرأة حقوقها الشرعية، ولا يتحقق في ظله الاستقرار، فضلا عما يترتب عليه من مشاكل قانونية، مثل الاعتراف ببنوة الطفل الذي ينجم عن هذا الزواج.

وبررت تأييدها بأن الزواج العرفي "يعد حلا لمشاكل الزواج الرسمي، ويكفي أنه تم بتراض من الطرفين وبكامل حريتهما وإرادتهما، فهما اختارا هذا الزواج بحرية"، وعلى خلاف الآراء المعارضة، قالت: "أرى أنه يحقق المساواة بين الرجل والمرأة، فلماذا نقف ضده ونلعنه في كل وسائل الإعلام، فعلينا ألا نناقض أنفسنا وأن نعترف بالحقيقة ولا نخبئ رؤوسنا في الرمال كالنعام"!!!!!
(انترنت)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات