1600 أسير في جميع سجون الاحتلال يبدؤون الثلاثاء اضراباً مفتوحاً عن الطعام

المدينة نيوز - يبدأ الآلاف من الأسرى في سجون الاحتلال، الثلاثاء (17/4) والذي يصادف يوم الأسير الفلسطيني، إضراباً مفتوحاً عن الطعام، وذلك بالتزامن مع أوسع حملة تضامن معهم في الأراضي المحتلة وخارجها.
ويُجمع مختصون بشؤون الأسرى على أن الإضراب سيكون بمثابة أخطر المراحل وأكثرها حسماً في تاريخ الحركة الأسيرة منذ عشرات السنين، في محاولة لتغيير موازين القوى لصالحهم بالضغط على إدارة مصلحة السجون بتلبية مطالبهم التي تتمثل بوقف عمليات اقتحام الأقسام والاعتداء عليهم ووقف الأحكام الإدارية وكسر العمل بقانون "شاليط" والذي يحرم أهالي أسرى قطاع غزة من زيارة أبنائهم منذ عام 2007.
وقد سبق تلك الخطوات التي يستعد جميع الأسرى في السجون لتنفيذها، إعلان عدد منهم الإضراب المفتوح عن الطعام منذ عشرات الأيام، وبلغ عددهم نحو ثمانية أسرى كان من بينهم الأسير "محمود كامل محمد السرسك" البالغ من العمر (25 عاماً) وهو الوحيد من قطاع غزة، و الذي اعتقل في يوليو/ تموز 2009 على حاجز بيت حانون (ايرز)، وهو في طريقه للالتحاق بنادي شباب بلاطة الرياضي الذي تعاقد معه للاحتراف، حيث كان يلعب سابقاً لنادي خدمات رفح وهو أحد لاعبي المنتخب الوطني لكرة القدم.
وأمضى السرسك 27 يوماً من الإضراب عن الطعام حتى الاثنين (16/4) ، ويقول شقيقه الأكبر عماد، "محمود لم يدخل بعد المرحلة الأخطر على حياته في إضرابه عن الطعام، وهو يعاني من صداع متواصل وحالة نقصان في وزنه، وقد علمنا منذ أيام أنه نقل للعزل الانفرادي مع المعتقلين الجنائيين الإسرائيليين للضغط عليه لفك الإضراب، ومع تدهور حالته الصحية نقل للعيادة الطبية في المعتقل، ثم أُعيد للزنازين"، مشيراً إلى أنه تنقل بين عدة سجون آخرها في نفحة، وتعرض مراراً وتكراراً لضغوطات كبيرة من قبل المخابرات الإسرائيلية للإفراج عنه مقابل تزويدهم بمعلومات أمنية.
وأضاف في حديث خاص لـ : منذ بداية اعتقال شقيقي ونقله لسجن عسقلان، واعتباره مقاتلا غير شرعي، تم الضغط عليه من قبل ضباط في المخابرات الإسرائيلية أكثر من مرة للحصول على معلومات أمنية، ورفض التعاون معهم وأوضح لهم أنه لاعب كرة قدم فقط وليس له أي علاقة سياسية أو تنظيمية بأي من الفصائل الفلسطينية، وعلاقته سطحية بالجيران وكل تركيزه فقط في لعب كرة القدم وخدمة الأندية والمنتخب الفلسطيني الذي يلعب معه.
وتابع "منذ بدء معركة الأمعاء الخاوية في السجون والتي بدأها الأسير خضر عدنان من جنين وتبعته الأسيرة هناء الشلبي، بدأ الأسرى المضي على خطاهم وكان أحدهم شقيقي، الذي أعلن إضراباً مفتوحاً عن الطعام رفضاً لسياسة احتجازه دون تهمة أو محاكمة مع استمرار الضغوط عليه من قبل المخابرات، مشيراً إلى أن عائلته لم تلتق أو تتصل به منذ اعتقاله، وأنها تعرف أخباره عن طريق المؤسسات الحقوقية، معرباً في الوقت ذاته عن تخوفه من تدهور الحالة الصحية لشقيقه خلال الأيام القليلة المقبلة في ظل استمراره في الإضراب عن الطعام.
ويعتبر الأسير محمود السرسك الأسير الوحيد في سجون الاحتلال الإسرائيلي حالياً الذي يواجه تهمة مقاتل غير شرعي، واعتقل على إثرها لمدة 6 أشهر، ليتم تمديد اعتقاله 5 مرات بعد رفض المحاكم العسكرية الإسرائيلية الإفراج عنه وذلك لزعمهم بأنه يشكل خطر على أمن الإسرائيليين.
وكان قد أفرج عن ثلاثة مواطنين فلسطينيين من عائلة "عياد" من سكان حي الزيتون جنوب مدينة غزة، منذ عام ونصف، بعد اعتقالهم لأكثر من عامين بتهمة "المقاتل غير شرعي".
ويقول "موفق حميد" مسئول لجنة العلاقات العامة في مؤسسة الأسرى والمحررين - حسام- أن قانون المقاتل غير الشرعي يشابه الاعتقال الإداري للمعتقلين، وقد تم اعتماده تحت إطار قانون "شاليط" الذي أصدرته سلطات الاحتلال منذ أسر المقاومة الفلسطينية للجندي جلعاد شاليط.
ويخوض الأسرى معركة "الحرية" المقبلة، التي شق الطريق إليها الأسرى الثمانية المضربون عن الطعام منذ أكثر من شهر، وهم يواجهون أعتى قوة عسكرية بأمعائهم الخاوية.
وأكد "حميد" أن الإضراب عن الطعام الذي سيخوضه الأسرى الفلسطينيون الثلاثاء المقبل في كافة السجون الإسرائيلية، سيشكل مرحلة إجماع وطني داخل السجون وخارجها وتوحيد الكل الفلسطيني بهدف نصرة الأسرى في خطواتهم النضالية، بعد الظلم الذي تعرضوا له منذ صفقة وفاء الأحرار.
وأضاف "إن إدارة مصلحة السجون اعتبرت أن الأسرى حققوا انجازات كبيرة بنجاح صفقة شاليط، ولذلك أرادت أن تحبط معنوياتهم وأن لا تسجل لهم هذا الانتصار فعملت على سلسلة من الإجراءات القمعية بحقهم، وبدأت حملة عقوبات جماعية كما حصل في سجن مجدو وريمون كما حرمت الكثير منهم من إدخال الكنتينة الخاصة بهم، وعادت لاعتقال أسرى تم تحريرهم خلال الصفقة بمزاعم أمنية مختلفة".
وأسهب "إن كل هذه الأعمال الاستفزازية بالإضافة لمنع أهالي أسرى قطاع غزة من زيارة أبنائهم، كانت أسبابا أساسية في توحيد المواقف داخل السجون والبدء بالإضراب عن الطعام لتحقيق خمسة أهداف إستراتيجية تتمثل بإعادة برنامج زيارة أهالي القطاع بعد انقطاع دام أكثر من 5 أعوام، وإنهاء العزل الانفرادي، وإلغاء قانون شاليط وما ترتب عليه كمنع عدد كبير من الأسرى من حقوق التعليم وعدم مشاهدة بعض القنوات العربية وعدم السماح بإدخال بعض الأدوات الكهربائية التي تستخدم لأمور حياتية، بالإضافة لزيادة عمليات التفتيش الليلي والتفتيش العاري والقمع من أجل إذلالهم، ومطالبتهم بوجود هواتف ثابتة للتواصل مع أهاليهم".
وكشف مسئول العلاقات العامة في مؤسسة الأسرى والمحررين - حسام - في حديثه عن رسالة وصلتهم من داخل السجون تؤكد فشل المفاوضات التي بدأتها إدارة مصلحة السجون من أجل وقف الإضراب، مشيراً أن هذه المفاوضات وصلت لطريق مسدود وأن الإضراب سيبدأ في موعده.
وأوضح: لقد طالب الأسرى خلال رسالتهم أن تتوحد جميع الفصائل خلفهم وأن تكون هناك خيمة اعتصام واحدة لكل أطياف شعبنا، مبيناً أنه تم التواصل مع وزارة الأسرى في غزة وتم مطالبتهم باسم فتح في السجون وخارجها على أن تكون جميع الجهود موحدة تحت العلم الفلسطيني، معرباً عن أمله في أن ينتصر الأسرى بمعركتهم.
ولم يخف حميد قلقه الشديد من وقوع شهداء في صفوف الأسرى في حال رفضت إدارة السجون التجاوب مع مطالبهم وهو ما تؤكده المؤشرات حتى اللحظة، مشيراً إلى أن الوضع في السجون سيكون على حافة الهاوية وربما تندلع انتفاضة ثالثة جديدة تحت اسم "حرية الأسرى" الذين بدأت قضيتهم تتفاعل في الوطن وخارجه.
من جهته قال الأسير المحرر رامز الحلبي والذي قضى بالسجون الإسرائيلية 11 عاماً، أن الأسرى سيحاولون تحقيق أي انجازات ممكنة خلال معركتهم المقبلة التي ستكون على أشدها وربما تشهد توتراً يتصاعد ويتطور في المواجهات مع قوات الاحتلال.
وتوقع الحلبي في حديث خاص لـ أن تقوم إدارة مصلحة السجون بقطع كل الاتصالات مع الأسرى خلال الأيام المقبلة في محاولة لإحباط أي تفاعل معهم، مؤكداً أن الأسرى معنوياتهم عالية ومستعدون لخوض الإضراب وتقديم كل التضحيات من أجل تحقيق إنجاز كبير يخفف من معاناتهم التي لا تتوقف.
هذا ويستعد المواطنون في قطاع غزة والضفة الغربية، لأوسع حملة تضامن مع الأسرى في السجون الإسرائيلية، وأعلنت عدة منظمات حكومية وأهلية والفصائل الفلسطينية عن برامج لفعاليات موحدة وأيضاً فردية للتضامن مع الأسرى ودعم قضيتهم حتى تحقيق إنجازات تتيح لهم أبسط الحقوق الإنسانية، كما تشهد العديد من الدول العربية فعاليات تضامنية مع الأسرى، ذلك في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس التونسي "المنصف المرزوقي" استضافة بلاده لمؤتمر دولي وحقوقي حول قضية الأسرى خلال الأشهر القادمة وتشكيل لجنة عليا فلسطينية تونسية لوضع الترتيبات لذلك، وتشير تقديرات حقوقية أن نحو 7 آلاف أسير فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال، موزعون على 22 سجناً ومعتقلاً إسرائيلياً. (القدس)