"جثة على الرصيف" عرض مسرحي يزخر بجماليات الفضاء المسرحي والطرح

المدينه نيوز - زخر العرض المسرحي "جثة على الرصيف" الذي قدمته جامعة جدارا الخميس، بالعديد من جماليات عناصر الفضاء المسرحي، بالاضافة الى عمق الطرح والمضمون من خلال تجسيده لعدد من القيم والمعاناة الانسانية التي تنعكس نتيجة الفروقات الطبقية.
العرض المسرحي الذي قدم في ختام ايام مهرجان فيلادلفيا العاشر للمسرح الجامعي العربي، والمأخوذ عن نص للكاتب المسرحي سعدالله ونوس واعده واخرجه الممثل الواعد محمد الجيزاوي بتميز، عبق بتكامل وانسجام مختلف مكونات العرض التي جاءت وفق عناية مدروسة كشفت عن إمكانات وطاقات واعدة لجميع المشاركين فيه.
في استهلالية العرض الذي يعد اولى مشاركات جامعة جدارا بالمهرجان، بدأ بمشهد جمع ممثلين يجسدان شخصيتي مشردين فقيرين يقتاتان على حاويات الاثرياء ويتحاوران حول واقع العيش، ما يلبث ان يموت احدهما وهو يحمي زميله، وفق الرؤية الاخراجية التي جاءت مختلفة عن النص الاصلي، انسجمت مختلف عناصر السينوغرافيا من انساق الشكل الخارجي والاضاءة والموسيقى والمؤثرات الصوتية المختلفة، إضافة الى التشكيل الدرامي والتعبيرات الجسدية وتماسك الاداء، بحيث استطاعت إيصال الصورة والمعنى من خلال دلالاتها المترابطة بشكل واضح ومميز.
في بنائه الدرامي التصاعدي الذي يتشابك فيه المنطوق وإسقاطاته الاجتماعية والسياسية الجريئة، مع المعطيات الاخرى للسينوغرافيا، لم يغفل المخرج من تقديم الامتاع للمتلقي بهدف كسر الرتابة من خلال العديد من المشاهد الطريفة، دون ابتذال، وتوظيف قدرات وتلقائية الواعد عدي حجازي، حيث لم تبتعد عن الكوميديا السوداء ولم تهبط بالاداء او تخرج النص الى حالة التشظي واللاعودة، وهو ما لاقى استحسان الجمهور.
الاداء جاء متماسكا لمعظم فريق العمل وفي مختلف المشاهد، سواء اكان ذلك على الخشبة ام خلف الكواليس من إشراف فني وإضاءة وغيرها، وهو ما جعل المتلقي لا يشعر بالملل ويتابع العرض بعمق وإمتاع، ملتقطا مختلف مفردات الحوار المنطوق وغير المنطوق، مثلما جاء المظهر الخارجي للممثلين معبرا عن الشخوص حيث اسهمت الملابس في تبيان المظهر الاجتماعي والانتماء الطبقي والوظيفي.
راعت الاضاءة السياق المسرحي الكلي بتميز وبشكل لافت من حيث التدرج وتوزيعها والتفاوت في درجاتها ولونها بحسب متطلبات المشهد ودلالاته، منسجمة مع الحوار والنص، فيما حضرت المؤثرات الصوتية بتناغم دون إقحام موسيقي غير مبرر، بحيث شكلت خلفية متوازية مع النص المنطوق وغير المنطوق وساهمت في إكتمال الشكل الابداعي للعرض الذي يعد الحصان الاسود في هذا المهرجان.
ويختتم العرض مشاهده بتداعي الكرسي المرتفع الذي كان حاضرا في بداية العرض ومعبرا عن جبروت الطبقة الاجتماعية الاعلى ومحملا بدلالات سلطوية، وظهور ممثل رابع يقف متحديا وتنعكس على صفحات وجهه اللونين الاحمر والاخضر بشكل متناصف حيث يعد كل واحد منهم متمما للاخر، واللذين يشكلان القاسم المشترك لعدد من الوان الاعلام العربية التي شهدت تغييرا في مختلف نواحي الحياة لا سيما السياسية منها.
(بترا)