تدخلات الدولة في انتخابات النقابات المهنية بين النفي والواقع .

المدينة نيوز - على الرغم من النفي غير الصريح لعدد من النقابيين بوجود تدخلات أمنية في انتخابات مؤسسات المجتمع المدني وتحديدا النقابات المهنية، إلا أن اغلب النقابيين لا ينكرون وجود ضغوط تمارس هنا وهنا، تصل حد التهديد، لكنها لا تشكل تأثيرا على نتائج الانتخابات.
وبين تناقض المواقف النقابية ومخرجات العملية الانتخابية يقف نقابيون على طرف المسألة دون الخوض في التفاصيل وتحديدا عند انتهاء العملية الانتخابية، الأمر الذي يُخفي خلفه العديد من علامات الاستفهام.
لكن الامر يختلف تماما قبل وأثناء العملية الانتخابية عندما تنتشر الأقاويل فيها كـ"النار في الهشيم" لتنطفئ فجأة وفور إعلان النتائج.
ويجمع نقابيون ومراقبون للشأن النقابي أن صناديق الاقتراع في الانتخابات النقابية ما زالت في منأى عن التزوير او التلاعب.
ففي انتخابات نقابة الصيادلة الأخيرة أكدت مصادر صيدلانية أن جهات أمنية بادرت بالاتصال مع الكثير من الصيادلة للطلب منهم الدعم والتصويت لقائمة معينة، كما تداول الصيادلة معلومات مؤكده تفيد قيام احد الأشخاص المحسوبين على الأجهزة الأمنية بالاتصال بعدد من الصيادلة، طالبا منهم دعم احد المرشحين.
ووصلت حدة الأمر إلى إصدار بيانات، والتلويح بمؤتمر صحفي للكشف عن حقيقة هذه التدخلات.
وفي انتخابات نقابة الممرضين كشفت معلومات عن تعرض أعداد كبيرة من الهيئة العامة لضغوط -الانتخاب احد المرشحين- وصلت حد التهديد بالفصل من العمل حتى الملاحقة والتهديد.
وأكثر من ذلك ففي انتخابات بعض النقابات الكبرى كادت المعركة الانتخابية أن تصل حد الإعلان الرسمي عن وجود اذرع الدولة في كل تفاصيل العملية الانتخابية.
ولكن بالرغم من كل هذه الحقائق والممارسات الا أن الجميع يتفق ان صناديق الانتخابات النقابية ما زالت بمنأى عن التزوير بعكس ما يجري الحديث عنه في الانتخابات النيابية.
نقيب الصيادلة الدكتور محمد عبابنة لم يخفِ وجود بعض الضغوطات التي مارستها أطراف حكومية محسوبة على الأجهزة الأمنية، للتأثير على نتائج الانتخابات، الا انه يؤكد ان هذه المعلومات هي عبارة عن معلومات منقولة شفويا عن بعض منتسبي النقابة.
الأمر الذي يعني، بحسب عبابنة ان هذه الاتصالات او الضغوطات تأتي من باب التهويل والمبالغة، مشددا أن كافة الأطراف قد يتعرضون لضغوط من نوع ما.
وأضاف عبابنة الذي فازت قائمته "قائمة التجمع المهني الصيدلاني" بجميع مقاعد النقابة، انه لم يلمس تأثيرا مباشرا لتلك الضغوطات بل مجرد اقاويل يتناقلها الزملاء وتشتد قبيل الانتخابات بوقت وجيز بينما تختفي عند ظهور النتائج.
يتابع عبابنة بالتأكيد انه "حتى وإن مورست بعض الضغوط على أطراف نقابية لكنها لن تشكل تأثيرا على نتائج الانتخابات نظرا للوعي الكبير الذي يمتلكه منتسبو النقابات وإيمانهم المطلق بالديمقراطية والتعددية. ويصر عبابنة ان منتسبي النقابات المهنية يرفضون أي تدخل خارجي في خياراتهم.
يشير عبابنة الى ان القدرة على التأثير في الوسط النقابي تتمثل بالمصلحة المهنية أولا وتليها المصلحة الوطنية ثم الانتماء السياسي أو الحزبي، أما مسألة الضغوط الخارجية فإن تأثيرها في الغالب يكون محدودا.
الأمين العام لمجمع النقابات المهنية الدكتور فايز الخلايلة يؤكد ان الدولة وأذرعتها سواء من الأجهزة الأمنية او غيرها تتواجد في كل انتخابات.. ولكن التساؤل الأهم من ذلك هل لهذا التواجد أي تأثير؟ ويجيب الخلايلة ان الدولة لم تستطع حتى الآن تغير النتائج أو مجرد التأثير فيها.
وقال الخلايلة: من المؤكد أن أذرع الدولة تتدخل بكل صغيرة وكبيرة في الاردن، وسعت وما زالت تسعى للتدخل في الانتخابات النقابية، ولكن مدى تأثيرها يبقى محدودا، نظرا أن القطاع النقابي يمتلك من الارادة الواعية التي تجعله في استقلال تام وخارج التأثير الحكومي.
وقال الخلايلة ان الشيء الثابت الوحيد هو ان انتخابات النقابات المهنية تتم بنزاهة مطلقة وهي نموذج في ذلك، ولو كان لاجهزة الدولة سلطة لما خرجت نتائج انتخابات النقابات المهنية بهذا المستوى من الشفافية.
إلى ذلك، يقول نقيب المهندسين الزراعيين محمود ابو غنيمة إن تدخلات الدولة في انتخابات النقابات المهنية باتت محدودة وتتم بطرق غير مباشرة. وأضاف أبو غنيمة أن النقابيين من الوعي بحيث يستطيعون رفض أي تدخل، سواء من قبل الدولة أو غيرها، ويؤكد أنه لم يلمس أي تدخل من قبل اجهزة الدولة في انتخابات النقابة، وبخاصة في الفترة الأخيرة.
يعتقد الكثير من النقابيين ان العلاقة بين المجتمع المدني والدولة علاقة تكاملية، إذ لا يمكن احدهما ان يستغني عن الآخر او يكون بديلا عنه، إذ انه لا يمكن ان تقام دولة بدون مجتمع كما لا يمكن للمجتمع ان يستمر بدون هذه الدولة، فالحيز الموجود بين المجتمع والدولة لا بد ان تشغله منظمات المجتمع المدني، باعتبارها صاحبة المصلحة الحقيقية كونها تعبر وتتحدث باسم أعداد كبيرة من فئات لمجتمع. ( السبيل )