باحث مصري يشكك بكفاءة مئات رسائل الدكتوراة للجامعات المصرية
المدينة نيوز - بعد أن استعرض باحث مصري تطور علم الاجتماع في خمس جامعات مصرية يخلص الى "حدوث انتكاسة علمية في الفترة من 1952 الى 1970 والانتكاسة هنا تتعلق بالعلم وليس بتقييم تاريخي لمرحلة لها دور أساسي في تطور المجتمع بصفة عامة" حتى رحيل الرئيس الاسبق جمال عبد الناصر عام 1970.
ويرى أحمد بدوي أن كثيرا من المثقفين "انفعلوا بثورة يوليو 1952 انفعالا سلبيا وانعكس ذلك على العلوم الاجتماعية" ومنها علم الاجتماع وأن المرحلة اللاحقة شهدت نوعا من "التوسع المنفلت في انشاء قسم الاجتماع 1970-1990 والذي أدى الى حمى منح الدرجات العلمية لسد العجز في أقسام علم الاجتماع" مضيفا أنه حدث تساهل في منح الدرجات العلمية على حساب جودة انتاج المعرفة التي كان يجب أن يتسم بها أصحاب هذه الرسائل.
ويقول في كتابه (الابعاد الاجتماعية لانتاج واكتساب المعرفة في الجامعات المصرية.. علم الاجتماع نموذجا) انه حدث "وأد فرص التطور العلمي" رغم ظهور استثناءات يصفها بأنها فردية مبدعة لكن تأثيرها لم يؤد الى نشوء تيار ذي ملامح في علم الاجتماع.
والكتاب الذي سيصدره (مركز دراسات الوحدة العربية) في بيروت كان في الاصل رسالة علمية نال عنها المؤلف درجة الدكتوراه وهو يبحث العلاقة بين البعدين الاجتماعي والمعرفي في المجتمع الجامعي من خلال "المسح الشامل" والتحليل الببليوجرافي لجميع الرسائل المجازة في خمس جامعات مصرية في علم الاجتماع وعددها 666 بين ماجستير ودكتوراه منذ بداية منح هذه الدرجات عام 1948 حتى عام 2005 كما قام المؤلف بتحليل كتب علم الاجتماع التي يدرسها طلاب الجامعة.
ويقول بدوي ان للممارسة العلمية أبعادا اجتماعية اذ ان فهم وتفسير الابعاد الاجتماعية يفيد كثيرا في كيفية انتاج المعرفة واكتسابها مشددا على وجود فجوة معرفية خاصة بالانتاج العلمي وأحد أسبابها أن المهتمين بالجانب المعرفي يتجاوزون "الشرط الاجتماعي" كما أن المتخصصين في علم الاجتماع مشغولون بقضايا اجتماعية نظرية وتطبيقية.
ويرصد الكتاب تجاهلا ملحوظا لمجال علم اجتماع الادب باستثناء دراسات قليلة منها رسالة ماجستير قدمها محمد عبد الحميد محمود عام 1988 لجامعة القاهرة بعنوان (البناء السياسي والادب.. تحليل سوسيولوجي لاعمال يوسف ادريس.. 1952-1970) ورسالة الماجستير لسناء بدوي عام 1991 بجامعة القاهرة عن (التفسير السوسيولوجي لنشأة القصة القصيرة في مصر) بين الحربين العالميتين وحصلت الباحثة نفسها عام 1997 من جامعة القاهرة على الدكتوراه حول (التحولات البنائية وأثرها على التغير الثقافي في المجتمع المصري.. دراسة سوسيولوجية تطبيقية على الافلام.. 1970-1990).
ونال الباحث محمد علي البدوي درجة الماجستير من جامعة القاهرة عام 1990 عن موضوع (الواقع الاجتماعي في الادب المصري.. دراسة سوسيولوجية لبعض أعمال نجيب محفوظ) وحصلت أسماء محمود عبد الرحمن على الماجستير من جامعة بنها عام 2003 عن دراسة عنوانها (صورة القرية في الرواية المصرية).
ومصر الدولة العربية الوحيدة التي درس فيها المجتمع أو بعض شرائحه من خلال الابداع الادبي أو السينمائي.
ويقول بدوي مؤلف الكتاب بعد التحليل الببليوجرافي ان علم الاجتماع لم يتطور في مصر بسبب "مشكلة احتكار الاشراف على الرسائل.. والتهميش الظاهر لبحوث النظرية الاجتماعية في العقد الاخير والتهميش الدائم لمناهج البحث وكلا الميدانين يمثل ضرورة لتطور علم الاجتماع" نافيا وجود استراتيجية للبحث العلمي في هذا المجال.
ويضيف أن كثيرا من الرسائل اعتمدت على مراجع قديمة وأن "مساحة الاستشهاد أكبر من مساحة النص المنتج في غالبية البحوث والمفترض أن مساحة الاستشهاد (يجب أن) لا تتجاوز 30 بالمئة من مساحة النص الكلي" مشددا على أن الافراط في الاستشهاد نوع من اخفاء ضعف الامكانات المعرفية للباحث وأنه لاحظ ظاهرة طمس الحدود بين النص والاستشهاد ودمجهما معا.
ويشدد على أن "التخلف" في الجانب النظري أدى الى ضعف القدرة على تطويع الادوات النظرية في تحليل الظواهر وتفسير النتائج وهذا يدفع الباحث الى التفسير العفوي أو الامتناع تماما عن التفسير تجنبا لكشف تهافت أدواته البحثية.
ويرى بدوي أن هناك ندرة في الانتاج الجديد في علم الاجتماع في الجامعات المصرية وأن الدراسات والمراجع المستخدمة في الكتب التي تدرس في أقسام علم الاجتماع تجعل "الطلاب خارج الزمن العلمي."