حكم غير مسبوق في دبي .. فرض الدية الشرعية على امرأة قتلت جنينها بـ"حادث سير"

المدينة نيوز - غرّمت محكمة المرور في دبي امرأة 2000 درهم، وألزمتها بدفع ديّة شرعية، مقدارها 20 ألف درهم، بعدما تسببت في وفاة جنينها في رحمها، إثر حادث سير، ودانتها المحكمة بتهمة «القتل الخطأ»، في جلسة ترأسها، أمس، القاضي الدكتور أحمد حسن المطوّع.
ويعدّ الحكم الأول من نوعه، ورأت المحكمة في قرارها وقف تنفيذ العقوبة لثلاث سنوات، تبدأ من أخذ الحكم الصفة القطعية، وألزمتها بدفع الديّة لورثة الجنين عن تهمة «تسبّبها بالخطأ في إصابة جنينها بأذى جسماني ووفاته».
كما أن «المحكمة ارتأت، نظراً لظروف المتهمة، وشدة الضرر النفسي، والآلام البدنية التي تعرّضت لها جرّاء فقدها جنينها، وقف عقوبة الغرامة المحددة بـ2000 درهم، كون الضرّر الناتج عن الحادث درساً لها».
وكانت الأم (س. م)، لبنانية، وعمرها 27 عاماً، تسير بمركبتها في أكتوبر الماضي على شارع الإمارات في دبي، وهي حامل في شهرها التاسع، من دون أخذها الحيطة والحذر اللازمين في أثناء القيادة، وعدم تركها مسافة كافية بينها وبين مركبة أخرى أمامها، ما أدى إلى صدمها من الخلف. وبسبب قوة الاصطدام، انحرفت المركبة الثانية يساراً، واصطدمت بمركبة أخرى، وواصلت الأولى بقيادة المتهمة اندفاعها إلى الأمام واصطدمت بمركبة أخرى، متسببة بخطئها في إصابة جنينها بأذى جسماني بليغ بانفصال المشيمة ووفاته، وفقاً للمحكمة.
وجاء في حيثيات الحكم أن «الدليل استقام على صحـة الواقعـة وسلامـة إسنادها إلى المتهمـة، وثبـوت خطئها في الحـادث، ما ورد في محـضر البـلاغ المـروري، والتقرير الطبي وشهادة الطبيبة في تحقيقات النيابة العامة».
وأوضحت المحكمة أنه «بحسب التقرير الطبي، كانت المتهمة حبلى في الأسبوع الـ39 من الحمل، وتم إجراء عملية قيصرية لها لوفاة الجنين في رحمها نتيجة انفصال المشيمة»، وأشارت إلى أن «الطبيبة في مستشفى الوصل شهدت أن المتهمة أعطيت موعداً للولادة بعد الحادث بأربعة أيام، وأن الجنين توفي في رحمها نتيجة انفصال المشيمة عنه، جرّاء الحادث المروري الذي تسببت فيه».
وتابع القرار أن «المحكمة لم تأخذ بإنكار المتهمة للتهمة المسندة إليها في جلسة المحاكمة»، وحيث إن «القوانين الوضعية خلت من حكم في مسألة معينة، وجب الرجوع في ذلك إلى أحكام الشريعة الإسلامية»، بحسب المحكمة التي أكدت أن «الديّة وفقاً لأحكام الشريعة عقوبة أصيلة للقتل والجرح شبه العمد والخطأ، وهـي باعتبارها عقوبـة لا يتوقف الحكم بها على طلب الأفـراد، كما أنها ذات حـدّ واحد، فليس للقاضي أن يزيـد عليها أو ينقص منها، فمقدارها حـدّ ثابت لكل جريمة».
وأورد القرار أنه «لما ثبت للمحكمة أن المتهمة هي مَنْ تسببت بالخطأ في الحادث، وقد توافرت رابطة السببية بينه وبين وفاة الجنين الذي كان حياً في بطن أمه، تقضي المحكمة بالديّة الشرعية لورثة الجنين، وهي عُشر ديّة أمه وتقدر بـ20 ألف درهم، عملاً بنص المادة الأولى من القانون رقم (9) لسنة 2003 التي حددت مقدار الديـّة الشرعيـة للمتوفى خطأ من الأشخاص بمبلغ 200 ألف درهـم، والديـّة المقـررة شـرعاً للجنين في بطن أمـه هـي «الغرّة» وتقـدر بعٌشر ديّـة أمه لكونه كائناً حياً».
وأفاد رئيس نيابة السير والمرور في دبي، المستشار صلاح بوفروشة الفلاسي، بأن «النيابة تعاملت مع المتهمة بطريقة إنسانية، كونها أُماً لم تتعمد وفاة جنينها، في الوقت الذي «لم تتأخر فيه عن تحريك الدعوى ضدّها التي تولاها وكيل النيابة يوسف الزرعوني، وإحالتها إلى القضاء لأجل حماية الأجنة نفسها» على اعتبار أن «النيابة العامة تتطلع إلى مفهوم المخالفة نفسه».