الوزير الشريف يقر بعدم قدرة الحكومات على حجب الاخبار وانحصار سيطرتها على كيفية نقلها

المدينة نيوز - أمين المعايطه- قال وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال الدكتور نبيل الشريف ان الاعلام الاردني حقق في السنوات الاخيرة قفزات هائلة في المجالات كافة واصبحت وسائله حاضرة ومؤثرة في ظل الدعم الهاشمي الموصول واللامحدود له .
واكد ان جلالة الملك عبدالله الثاني ومنذ توليه سلطاته الدستورية هو الداعم الاول لحرية الصحافة وأتبع الاقوال بالافعال على ارض الواقع.
وأضاف الشريف في محاضرة القاها اليوم الاربعاء في حفل اختتام الملتقى الاعلامي الاول بجامعة مؤتة بعنوان "الاعلام الاردني بين الامس واليوم" حضرها رئيس الجامعة الدكتور عبدالرحيم الحنيطي وعدد من المسؤولين في محافظة الكرك وطلبة الجناحين المدني والعسكري فيها، ان الرؤية الملكية السامية للاعلام تعد مرجعا اساسا ومنارة ملهمة تحدد معالم الطريق لبناء نظام اعلامي حديث يشكل ركيزة لتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تتماشى وسياسة الانفتاح التي ينتهجها الاردن لمواكبة التطورات الاعلامية التي يشهدها العالم.
وأشار الى ان رؤية جلالة الملك تركز على ضرورة بناء إعلام الدولة الحديث على أسس متينة اهمها تشجيع التعددية واحترام الرأي والرأي الاخر في مناخ من الاستقلالية والحرية المسؤولة، والتعبير عن الوطن بكل فئاته واطيافه وعكس ارادته وتطلعاته، وممارسة اداء اعلامي يقوم على المهنية والتميز والابداع والحرية المسؤولة، ودعم استقلالية المؤسسات الاعلامية واداراتها، والارتقاء بالبعد المهني للعمل الاعلامي، والاخذ بالمتغيرات التقنية والفنية التي يشهدها العصر.
وبين ان الرؤية الملكية للاعلام تتلخص في تحديد دور الاعلام في المجتمع من حيث ترتيب اولويات المجتمع واهتماماته، وبناء المعرفة وتشكيل الاتجاهات والممارسات، وبناء ثقافة مجتمعية تساعد على تنظيم حياة الناس والتعامل المجتمعي بالشأن العام، والدفاع عن حقوق الانسان، وتشكيل صورة الوطن داخليا وخارجيا، والقيام بالدور الرقابي في اطار من الحرية المسؤولة والمهنية العالية والمصداقية.
وقال الوزير ان جلالة الملك حدد في هذه الرؤية المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق الاعلام ليكون شريكا اصيلا في عملية البناء والتنمية، مؤكدا ان جلالته يعول على دور فاعل واساسي لوسائل الاعلام كي تكون رديفا للجهد الوطني الذي يقوده جلالته والرامي الى صيانة الغد الافضل الذي يجني المواطن ثماره لتعزيز قوة الاردن ومنعته وتمكينه من مواجهة التحديات بصلابة وثقة.
ولفت الى ان وسائل الاعلام الاردنية حققت الكثير من الانجازات على صعيد الارتقاء الى الرؤية الملكية الا ان ثمة تحديات ينبغي العمل على تجاوزها لبناء الإعلام الذي ينشده جلالة الملك والذي من شأنه ان يعزز مساهمته في صياغة المستقبل الواعد الذي ينشده الاردنيون جميعا.
وحدد الدكتور الشريف اهم التحديات التي تواجه الاعلام ومن ابرزها تحدي الحرية والمسؤولية حيث كفل الدستور حرية الرأي والتعبير للمواطنين بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بما لا يتجاوز حدود القانون، كما اعطى الحرية للصحافة والطباعة ضمن القانون، لافتا الى ان الحرية هي الاساس الذي يستند اليه الاعلام وان الصحافة لا يمكن ان تزدهر وتؤدي دورها المنشود الا اذا كانت الحرية هي الارضية الخصبة التي تنطلق منها.
وأكد اهمية تسييج الحرية الصحفية بسياج من المسؤولية من خلال القوانين والجسم الصحفي نفسه، ومراعاة تقاليد المهنة وسن القوانين التي تردع كل مخالف، لافتا الى انه ليس من مصلحة الاعلام التجاوز على الحريات وتشكيل بيئة معادية لان ذلك يهدد الصحافة الاردنية.
وأشار الى حرص الحكومة وايمانها بالدور الكبير الذي تقوم به الصحافة من خلال لقاءاتها المتعددة مع الاعلاميين والصحفيين ومسؤولي المواقع الالكترونية وتأكيدها ان اي ضوابط للعمل الصحفي ينبغي ان تنبع من داخل الجسم الصحفي، مؤكدا ان مواثيق الشرف الاعلامي التي يتوافق عليها الصحفيون هي الوسيلة الانسب للتأكيد على بعد المسؤولية في العمل الاعلامي.
وقال الشريف ان التحدي الثاني الذي يواجه الاعلام هو التقدم التقني وعملية تطوير امكانات العنصر البشري، مؤكدا اهمية مواءمة الانجازات التقنية مع الاستثمار في تطوير إمكانات وقدرات العنصر البشري الذي يقوم عليه العمل الاعلامي.
واشار الى انه لم يتم الاهتمام بالتدريب والتطوير بالقدر الذي تحقق للجانب التقني، موضحا ان هذه الفجوة بين الاداء التقني المتقدم والاداء البشري الذي يحتاج للكثير من الدعم هي واحدة من اهم التحديات التي تواجه الاعلام الاردني.
واضاف ان جلالة الملك قدم اكثر من مبادرة لدعم التدريب الصحفي وأكد في اكثر من مناسبة اهمية الاستثمار في التدريب واعلن دعمه الكامل لانشاء صندوق للتدريب الصحفي في نقابة الصحفيين.
واكد الشريف ان ذلك يعكس اهتماما غير مسبوق من جلالته برعاية العمل الاعلامي والحرص على انطلاقه نحو آفاق جديدة واعدة على ارضية صلبة من الاداء البشري المميز والامكانات الفنية المتطورة.
وتابع ان التحدي الثالث الذي يواجه الاعلام يكمن في المتغيرات والانماط الاعلامية الجديدة، لافتا الى ان الازمة الاقتصادية العالمية القت بثقلها على كل القطاعات وكان لها اثار سلبية على معظم مناحي الحياة.
وقال ان الاردن لم يتأثر كثيرا بهذه الازمة بفضل السياسات الاقتصادية الحكيمة التي انتهجتها الحكومة وجنبت القطاعات الانتاجية المختلفة الاثار السلبية لتلك الازمة التي عصفت بالعالم ،لكن الازمة ادت الى تغيير انماط الاستثمار الاعلامي حيث ابتعد معظم المستثمرين عن المشروعات الاعلامية عالية الكلفة لصالح الاستثمارات الصغيرة، فامتلأ الفضاء بمحطات الاذاعة والتلفزة وتراجعت محطات الاذاعة والتلفزة الضخمة ذات الكلف العالية وظهرت المواقع الالكترونية وهي ابرز مظاهر ما يسمى بالاعلام الجديد الذي يتميز بالانية والتفاعلية، مشيرا الى ان هناك سؤالا منطقيا يطرح حول انقراض الصحافة المكتوبة واخلائها الساحة لصالح الصحافة الالكترونية.
وبين الشريف ان امام الصحافة الاردنية سنوات اخرى لتواصل رسالتها ،لافتا الى ان الخطرما يزال قائما على الصحافة الورقية بشكل عام، لكنه لا يدعو للفزع بل يجب ان يدفع القائمون عليها الى اعداد الخطط والدراسات التي تمكنهم من مواجهة كل الاحتمالات.
وحدد الشريف التحدي الرابع بـ "الاعلام بين المحلية والعالمية"، ،مبينا ان وسائل الاعلام المحلية كانت هي المسيطرة على الخبر المحلي بشكل كامل، اما الان فقد رفعت وصايتها المطلقة على الخبر واصبح الكل شريكا فيه في زمن العولمة وتهاوي الاسوار ولم تعد تملك مطلق الحرية في التصرف حتى داخل الحدود الاقليمية ما ادى الى سقوط الرقابة كمفهوم.
واضاف ان الحكومات لم تعد قادرة على حجب الاخبار والمعلومات وانحصرت خياراتها في كيفية نقل المعلومات للناس قبل غيرها لانها ان لم تفعل فان الخبر سينتشر ولكن بطريقة قد لاتعجبها او ترضيها الامر الذي ادى الى ظهور الناطقين الرسميين باسم الحكومات والوزارات والمؤسسات.
وعرض مضامين الصحف ووسائل الاعلام في عشرينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا، لافتا الى ان المضامين ركزت في ذاك الوقت على موضوعات محاربة الاستعمار والانتداب والمطالبة بالاعفاء من الضرائب والدعوة الى الاستقلال وتوجيه النقد للحكومات، والاهتمام بطرح الاراء الفكرية والسياسية، بينما تميزت صحف الخمسينيات بالمضامين السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية ووحدة الضفتين واستشهاد الملك المؤسس في القدس ودعم القضية الفلسطينية ومعالجة قضايا المواطنين.
وردا على مداخلات واسئلة الحضور اكد الشريف ان القضاء داعم للحريات الصحفية وان الحكومة لم تحرك أي قضية ضد الصحفيين وذلك بفضل توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني بمنع توقيفهم ، مؤكدا ان الهدف من ذلك ليس تمييز الصحفي ولكن لاعطائه هامشا من الحرية.
واضاف ان التلفزيون الاردني لديه كفاءات بشرية مدربة الا ان هناك بعض المشكلات التي تعيق التطور في هذا الجهاز لكن الارادة موجودة لمحاولة تغيير هذا الواقع ، مؤكدا ان الاعتراف بوجود المشكله هو بداية لحلها.
وعبر الشريف عن اسفه كون مصادر الاعلام العربي هي مصادر اجنبية وتعمل على تشكيل قناعات الناس في العالم كله، ووصف ذلك بالخطير والمقلق للغاية، داعيا الى ضرورة وجود وكالات انباء عربية قادرة على نقل الخبر بكل شفافية ونزاهة وحرية.
واعرب عن امله ان لا تكون علاقة الاعلام العربي بالاعلام الغربي علاقة تبعية حتى لا نكون محكومين بالانماط الغربية في الاعلام بل الاعتماد على النمط الاعلامي الذي يخدم العالم العربي بشكل خاص والعالم بشكل عام.
من جانبه اشاد رئيس جامعة مؤتة بالدور الذي تقوم به وسائل الاعلام الاردنية في توعية المواطن واطلاعه على اخر المستجدات في العالم والمحافظة على ترسيخ الثوابت الوطنية .
وكرم الدكتور الشريف على هامش المحاضرة عددا من المبدعين والمتميزين من خريجي الجامعة ممن لهم بصمات في الانجاز الوطني، كما قدم الدكتور الحنيطي درع الجامعة للدكتور الشريف تقديرا لجهوده المميزة في المسيرة الاعلامية .