تكتيكات جديدة للجيش الحر " الحصار لكسب أرض "

تم نشره الأربعاء 24 تشرين الأوّل / أكتوبر 2012 12:32 مساءً
تكتيكات جديدة للجيش الحر " الحصار لكسب أرض "

المدينة نيوز - ينادي عبد الله من سطح مبنى على جنود الحكومة السورية الذين يختبئون في معسكر على قمة تل قائلا إن وحدته من مقاتلي المعارضة تحيط بهم ويهتف بهم "انشقوا.. انشقوا. نعد بالحفاظ على سلامتكم".

ويأتيه الرد سريعا وابلا من الرصاص فينحني محتميا بسور السطح.

كان هذا مشهدا من الأحداث قرب حافة محافظة إدلب على مرمى حجر من الحدود التركية.

ويحاول مقاتلو المعارضة الذين يسعون للاطاحة بالرئيس بشار الأسد في تغيير لأساليبهم السيطرة على بلدات ومواقع عسكرية في المنطقة الحدودية الفقيرة في محافظة ادلب من خلال محاصرتها وتجويع جنودها كي يستسلموا.

وبعد وابل الرصاص يعيد عبد الله الكرة محبطا "أقسم لكم. انشقوا ولن نقتلكم". ثم تخترق طائرة ميغ حكومية السماء قادمة من فوق قمة جبل لالقاء قنبلة على بلدة سلقين القريبة ويهز انفجارها المدوي الوادي.

وفي حواري قرية العلاني التي تتناثر فيها القمامة وطلقات الرصاص يتألم عبد الله ورفاقه للكارثة التي لا بد لحقت بسلقين على بعد بضعة كيلومترات.

وهم يحاصرون جنود الحكومة الذين يعسكرون على قمة التل في مجموعة خيام بيضاء لا ترى الا بصعوبة من وراء الاشجار وينتظرون.

وقال أنس الزير قائد كتيبة يوسف العظمة التي ينتمي اليها عبد الله "في المعسكر 150 جنديا. نحن نقطع عنهم امدادات الطعام والسلاح منذ اربعة ايام الان. وعندما نشعر أنهم أصبحوا ضعفاء بدرجة كافية سيكون بمقدورنا ان نذهب ونقتحم المعسكر ونأسرهم".

وكان القائد يتحرك هنا وهناك متكئا على عكازين وهو يصدر الاوامر وساقه مضمدة لاصابته بجروح في معركة سابقة. وقال إن تكاليف هذه الاستراتيجية أقل كثيرا مما كان مقاتلوه يتعرضون له من قبل.

وأضاف "سقط لنا ثمانية شهداء فقط في الحصار الاخير".

وبدأت الانتفاضة المناهضة للاسد بمظاهرات سلمية في الشوارع قبل 19 شهرا لكنها تحولت الى حرب أهلية ذات أبعاد طائفية.

وتعتمد حكومة دمشق اعتمادا كثيفا على القصف الجوي والمدفعي في صد مقاتلي المعارضة ذوي التسليح الخفيف منزلة في الوقت نفسه عقابا قاسيا بالمدنيين باستخدامها الاسلحة الثقيلة ضد المدن والبلدات التي ابتلعها الصراع الدائر.

وقتل أكثر من 32 ألف سوري منذ بدء الانتفاضة.

وكان مقاتلو المعارضة في قطاع إدلب يركزون من قبل على نصب أكمنة للقوافل وخوض معارك ضارية. لكنهم يقولون إن تسليحهم الخفيف اضطرهم الى تغيير أساليبهم واللجوء الى الهجمات غير المباشرة مثل الحصار والتطويق في المناطق الاكثر فقرا مثل ادلب.

وحقق تغيير الأساليب بعض النجاح. فقد سقطت في أيديهم عدة بلدات ونقاط تفتيش بعد أن حاصروها قرابة اسبوع.

وقال الملازم علي العلي انها طريقة أسهل لتحقيق تقدم مع تقليل الخسائر في الارواح وتوفير الذخيرة. ويقود العلي وهو ضابط مدفعية انشق العام الماضي كتيبة أحرار الجبل الوسطاني التي تنتمي الى بلدة جبلية قريبة.

وأضاف "أولا نستطلع المنطقة ثم نحدد الأماكن التي سنسيطر عليها وبعدها نقطع طرق امدادهم ونحاصرهم. ونستمر في حصارهم إلى أن يستسلموا أو ينال منهم الضعف فنستطيع اقتحام المكان بسهولة."

وكان القائد يتحدث جالسا على وسائد في غرفة خرسانية عارية بصوت خفيض حيث ما زال واهنا من أثر رصاصة قناص اخترقت صدره في حصار سابق قبل عشرة ايام.

وقال "بهذه الاستراتيجية نوفر اسلحتنا ونحفظ الأرواح في الجانبين لان المواجهات تقل. ويمكننا أن نأسر الجنود ما لم يكونوا قد انشقوا أو قتلوا عندما نقتحم المنطقة".

وأضاف ان المجموعات الصغيرة من المقاتلين يمكنها ان تتحرك بسرعة قبل معظم الهجمات الجوية.

لكن هذا لا ينطبق على المدنيين في البلدات القريبة مثل سلقين الذين يصبحون ضحايا لمكاسب المعارضة عندما تقصفهم القوات الحكومية من السماء.

ونالت قرية البرامية التي ينتمي اليها علي نصيبها من المعاناة. فتفحمت اكواخها المقامة من الحجارة والأسمنت على سفح الجبل وانتشرت على وجهها كالبثور حفر قذائف المورتر.

ومع ذلك أرسل علي من الجبل بضعة صناديق ذخيرة الى كتيبة يوسف العظمة التي تحاصر الجنود. ويعاني مقاتلو المعارضة هناك من نقص الذخيرة ومن ثم يستخدمون قنابل تصنع محليا من أنابيب المياه المحشوة بالالومنيوم وكيماويات تستخلص بالتقطير من طلاء الاظافر.

ويقول مقاتلو المعارضة ان الهدف ليس السيطرة على قرى وانما ممارسة ضغوط على قوات الاسد من خلال التصدي في مزيد من المناطق في الوقت نفسه.

ومن بين اسباب النجاح الذي تحقق أخيرا سحب جنود الحكومة من كثير من اجزاء شمال ادلب.

وتم تحويل بعض القوات الى المعارك الدائرة في المدن الكبرى دمشق وحلب وحمص. أما ما بقي من قوات فلم يكن يكفي الا لتغطية نقاط التفتيش والقواعد الصغيرة قرب البلدات الاكبر في شمال ادلب الامر الذي جعلها هدفا أسهل.

وجلبت المعارضة تعزيزات ايضا. فقد استدعيت بعض الوحدات من اجزاء اخرى من ادلب أو من محافظات مجاورة كما جاء اخرون من أماكن أبعد - فوسط البقايا المتفحمة لنقطة تفتيش للجيش سيطر عليها مقاتلو المعارضة خارج سلقين كان بين المقاتلين شيشاني واحد على الاقل وعدد من العرب قادمين من الخارج.

ويصعب تحديد مدى قدرتهم على الاحتفاظ بالمكاسب في مواجهة قوة الاسد الجوية الساحقة. ولدى قوات المعارضة مدافع مضادة للطائرات كافية للتصدي لطائرات الهليكوبتر بل وطائرات التدريب التي تطير على ارتفاع منخفض لكن لا قبل لها بطائرات الميج الروسية الصنع.

وعلى الطريق في العلاني حيث ما زال الحصار قائما مرق عبد الله عبر الشارع ثم وقف يلتقط أنفاسه اللاهثة وراء سور يحرسه شاب صغير.

وسأل رفيقه وهو يلهث "ما مدى دقة هذا القناص؟"
وأجاب المقاتل "هذا قناص جيد. انه يطلق النار على الاذرع. لا أعتقد انه يتعمد القتل".

وأومأ عبد الله قائلا "ربما كان معنا."

وقال كثير من المقاتلين انهم تعبوا من الهجمات الدامية التي اعتادوا القيام بها ويفضلون أسلوب الحصار حتى لو كان يستغرق مدة أطول لتحقيق النتيجة المطلوبة.

وقال حسن "المواجهة المباشرة أقل. ومن يدري ربما كان كثير منهم خائفين وغير قادرين على الانشقاق ولذلك فهذا أفضل لهم أيضا."

ولم يكن مصير الجنود المحاصرين واضحا ايضا.

ففي الناحية الأخرى من الطريق عند نقطة التفتيش التي سيطرت عليها قوات المعارضة دفن المقاتلون جثثا منتفخة في التربة الحمراء. وقالوا ان الجنود قتلوا بنيران قواتهم قبل ان يقتحموا هم المنطقة لكن يتعذر التحقق من هذا الزعم.

ولا بد أن الجنود المتحصنين على قمة التل المحاصر يجدون أيضا صعوبة في تفسير الرسائل المتضاربة التي تصلهم من مقاتلي المعارضة.

فبعد ان ناشد مقاتلو المعارضة الجنود أن ينشقوا أخذ مقاتل يطلق النار من شاحنة طلقة تلو أخرى مستخدما مدفعا مضادا للطائرات.

وفي وقت لاحق اذاع مقاتلو المعارضة اغاني ثورية من مكبر الصوت في مسجد البلدة. وتحث كلمات الاغنية الجيش السوري الحر على السير الى الامام.

وقال الزير قائد القوة وهو ما زال يتحرك متكئا على عكازيه "انها مجرد وسيلة لانهاك اعصابهم." وجاء أحد مقاتليه - وهو قناص - مبتسما.

وصاح القناص الذي يظلع في سيره ايضا لاصابته بجرح في ساقه "قتلت ثلاثة من كلاب الاسد صباح اليوم." وربت رفاقه على ظهره.

لكن البعض يشعرون بالألم والمرارة حتى عند الفوز. فمع كل دبابة تحترق أو مبنى يتهدم أو جندي يسقط يتآكل جزء من بلدهم.

وهمس رجل من بين المجموعة "نحن ندرك الدمار الذي يحدث فالدم الذي يهرق دم سوري في أي من الجانبين. قد تبدو وجوهنا باسمة وقد تنطلق صيحات الفرح من شفاهنا لكن الألم يعتصر قلوبنا".(رويترز)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات