انتهاء وضعية "من العب للجيبة"

في النظرية المالية الشعبية، عندما يتبادل الناس الأخبار والقصص عن خزينة الدولة، يدركون انها لا تشبه خزينتهم الشخصية، وفي حالات محددة يحصل أن يتداولوا الأخبار والقصص عن أن الحكومة تعجز أحياناً عن توفير رواتب الموظفين، وأنها لجأت للاقتراض من البنوك أو طلب المنحة من بعض الدول الشقيقة على وجه السرعة، ولكن الناس يروون مثل هذه الأخبار بطريقة تشبه تبادل الأسرار، حيث يخفض المتحدث صوته وكأنه يتكلم عن فضيحة تستدعي التكتم. إن الناس يعتقدون أن هذا المستوى من قلة المال هو من الأمور نادرة الحدوث، ولهذا فمن قبيل الفأل الحسن أن لا يكثروا من الكلام حولها.
لكن الأيام الأخيرة حملت أخباراً معلنة ومنشورة عن قطع التيار الكهربائي عن عدد من الدوائر الحكومية التابعة لوزارات التربية والصحة والمياه، والسبب هو عدم تسديد فواتير الكهرباء المستحقة على هذه الوزارات.
أن وضعية "فصلوا عنه الكهرباء" أو وضعية "لا يستطيع دفع فاتورة الكهرباء" تعد من الوضعيات المالية المتدنية، ويسعى الأردني جهده كي لا يصل اليها. وهي قد تستدعي الشفقة في حالة الفقر الشديد، وقد تستدعي الإدانة في حالة كونها تعبيراً عن قلة الإدارة المالية، فالرجل الحصيف مالياً هو من يعطي الأولوية لفواتير الماء والكهرباء.
لقد كنا على الدوام نعتقد أن الكهرباء والحكومة شيء واحد، ثم ان الحكومة هي التي تقطع الكهرباء عن الآخرين ولا أحد يقطع الكهرباء عنها، وأن تسديد فواتير كهرباء الحكومة يندرج في سياق علاقات "من العُب للجيبة".
يبدو أن على النظرية المالية الشعبية أن تطور ذاتها لتواكب التغيرات.
( العرب اليوم )