البرلمان الليبي يوافق على إنشاء وزارة جديدة للإعلام لمعالجة "الفوضى الإعلامية بالبلاد"

المدينة نيوز - أحدث القرار الذي أتخذه البرلمان الليبي بالموافقة على إنشاء وزارة جديدة للإعلام لمعالجة ما اعتبره "فوضى إعلامية تشهدها البلاد" بعد ظهور عشرات الفضائيات والصحف المستقلة والخاصة، ردود فعل متباينة وجدلاً واسعاً بين الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام المحلية.
ورأى بعض الإعلاميين أن إنشاء الوزارة الجديدة محاولة من الحكومة لتكبيل الإعلام، فيما أيد ذلك آخرون واعتبروها خطوة على طريق "تنظيم الفورة الإعلامية التي صاحبت ثورة 17 فبراير".
وعلى الرغم من أن رئيس لجنة الإعلام والثقافة والمجتمع المدني بالبرلمان حسن الأمين قلل من هواجس الصحافيين بتأكيده على أن البرلمان سيستمر في دوره الرقابي والتشريعي عبر لجانه المتخصصة، وسيتابع هذه الوزارة لضمان حرية الإعلام واستقلاليته، وعدم هيمنة أي جهة عليه أو توجيهه، إلا أن تباين وجهات النظر بين الصحافيين ظلت متباعدة ما بين الرفض والقبول.
وأيد رئيس تحرير صحيفة ليبيا الجديدة المستقلة محمود المصراتي بشدة، تكوين وزارة للإعلام رغم أنه كان من أشد المعارضين لها، وقال ليونايتد برس انترناشونال، إن "ما يشهده هذا القطاع من فوضي يجعل من الضرورة أن يكون هناك كيان يتولي إدارة هذه المرحلة ولتكن وزارة تنتهي بنهاية الحكومة الحالية".
وأكد المصراتي على أن هذا الأمر يتطلب من اللجان البرلمانية المختصة بمراقبة هذه الوزارة ومتابعتها ضد أية خروقات قد تحدث في منهج الحرية الإعلامية".
غير أن الصحافي خالد المهيري، من بنغازي، خالف المصراتي بذلك، ورفض عودة وزارة الإعلام بأي صيغة، وقال "أنا شخصيا ذقت مرارة مثل هذه الوزارة في عهد القذافي.. نحن نخشى بعد أن تحررنا أن نعود لنفس السياسات السابقة والمطاردات الجنائية".
وذهب المهيري إلى وصف إعادة وزارة الإعلام بـ"الخطوة الخطيرة والغنقلاب الخطير على الحرية التي شعر بها الليبيون بعد ثورة 17 فبراير"، .. وقال "نحن نتوقع كل شئ بحجة مصالح البلاد.. قد تحدث بفعل هذه الوزارة مطاردات وملاحقات جنائية وتكميم للأفواه".
ورأى أن الحل هو في تكوين مجلس إعلام يتم انتخابه من الإعلاميين ويضم الصحافة والإذاعة والتلفزيون وهو الرأي الذي أجمع عليه أغلب الإعلاميين في ليبيا.
يشار إلى أن هناك مجلسين للأعلام يتنزعان حالياً على إدارة الإعلام، احدهما معين من قبل المجلس الانتقالي السابق، والآخر منتخب من قبل الإعلاميين.
ودافع مدير وكالة الأنباء الليبية عبد الباسط بودية بقوة عن هذا القرار، واعتبره ضرورة ملحة لمعالجة الانفلات الإعلامي.
وذهب بودية إلى حد المطالبة بوزارة إعلام تكون قوتها لا تقل عن وزارتي الداخلية والدفاع، معتبرا أن "الفوضى الإعلامية جاءت نتيجة بروز مؤسسات وإذاعات ومطبوعات جديدة لا سلطان عليها ولا تلتزم بمعايير وأخلاق ومواثيق العمل الصحافي والإعلامي".
ولفت إلى أن "حرفة الإعلام والصحافة في ليبيا أصبحت اليوم هي مهنة من هب ودب من دون ضوابط أو قيود أو شروط من هو الصحافي"، مشددا على أن "وجود وزارة للأعلام ضروري لتحديد الخطاب الإعلامي الوطني على أن لا تهيمن الحكومة على الإعلام وتسييره".
ووصف الكاتب الصحافي الشهير محمد بعيو قرار إنشاء وزارة للإعلام بأنه "لا معني ولا قيمة له.. وخاصة إذا كان هدفه فرض سلطة رقابية سابقة أو لاحقة على وسائل الإعلام".
وتساءل بعيو في حديثه ليونايتد برس انترناشونال عما "إذا كانت لا توجد سلطة حقيقية للبرلمان وللحكومة على الأرض الليبية، فكيف يتأتى إقامة سلطة على الإعلام"، وقال إن "أهداف حكومة زيدان المعلنة لضم الممتلكات الإعلامية لن تتحقق لأن الكثير من تلك الأصول تم تدميرها وسرقتها وتحويلها إلى مناطق مختلفة".
ولفت إلى أن "المعضلة الحقيقية هي في عدم وجود تصور حقيقي لدى القائمين على السلطة الضعيفة المؤقتة على الإعلام".
وتساءل بعيو "ماذا تستطيع وزارة الإعلام أن تفعل غير أن تصبح جهازاً بيروقراطيا مثقلاً بالموظفين غير الأكفاء يستنزفون مالاً عاماً يمكن إنفاقه في احتياجات أخرى أكثر حقيقية وإلحاحاً".
وقالت الصحافية إخلاص الزغراط التي تعمل بإحدى الإذاعات المسموعة، "أنا مع استحداث وزارة للإعلام لتنظيم هذه الفورة التي جاءتنا بأشخاص لا علاقة لهم لا من قريب أو بعيد، وهو ما أدي إلى هشاشة المشهد الإعلامي أمام العالم".
وأضافت أنه "في غياب جهاز ينظم الإعلام زاد تخبط المواطن الليبي مع ازدياد القنوات الفضائية التي فاقت الخيال من دون حسيب أو رقيب ومن دون ضوابط مهنية وحرفية".
وأعتبر مدير مكتب وكالة الأنباء الليبية في بنغازي عبد المولى المنفي، أن مفهوم قيام المؤسسة الإعلامية الرسمية بالحد من عمل الوسائل الإعلامية المستقلة والخاصة يعد "مفهوماً كان سائدا في النظام السابق".
وقال المنفي للوكالة، إن "هناك خيوطاً اليوم تريد تدمير تلك المؤسسة لتأسيس مؤسسة تتحكم في مسارها وهى قد تكون أسوأ مما كانت زمن النظام السابق، وهؤلاء هم من يسوقون لسياسة تكميم الأفواه لو وجدت وزارة للإعلام".
ورأى أن "الحل هو في لقاء إعلامي يجمع الجميع في حوار واسع لتوضيح الرأي والرأي الآخر إلى حين الوصول إلى قناعة موحدة"، وقال إن "الركيزة التي يجب أن ينطلق منها إعلام ليبي حر ولمدة لا تقل عن 10 سنوات، هي وجود دعم حكومي للقطاعين الإعلاميين الخاص والعام تحت إشراف عضو في الحكومة يعمل على ضمان هذا الدعم، وكموجه غير ملزم لتحقيق خطة تهدف إلى خصخصة الإعلام".
يشار إلى أن ليبيا شهدت منذ انتفاضة 17 فبراير ضد النظام السابق فورة إعلامية كبرى عبرت عن نفسها بظهور مئات الصحف المستقلة وعشرات القنوات الفضائية التي تبث من داخل وخارج البلاد وفق أجندات مختلفة أربكت الليبيين في التعرف حتى على أهدافها أو مراميها.
(يو بي إي)