مصر "المنقسمة" من الميادين إلى الشاشات
.jpg)
المدينة نيوز - رؤيتان مختلفتان.. يحاول صاحب كل منهما فرضها على الآخر.. لينتهي الأمر بارتفاع الأصوات وتبادل الاتهامات والتلاسن والمشاحنات على الهواء والخروج منقسمين كما بدأوا.. وربما أكثر.
ليس هذا فقط بل إن شاشة التلفاز نفسها أصبحت في معظم الاوقات منقسة هي الأخرى لشاشتين وفي بعض الأحيان لأربع شاشات ترصد التوجهات والتظاهرات المتباينة في الشارع.
هذا هو المشهد المتكرر حاليا عبر غالبية الفضائيات المصرية والذي ازداد حدة بشكل ملحوظ على مدار الأيام الأخيرة، فنقل انقسام الشارع السياسي بين مؤيد ومعارض للإعلان الدستوري، الذي أصدره الرئيس محمد مرسي في 22 نوفمبر/ تشرين ثان الماضي، من ميادين مصر الرئيسية إلى شاشات التلفاز.
ويرى الخبير والمحاضر الإعلامي ياسر عبدالعزيز إن "إبراز هذه الحالة ساعد على زيادة درجة الاستقطاب والانقسام السياسي الذي تشهده مصر على أرض الواقع، بين فريق يرى الإعلان الدستوري تغولاً ديكتاتوريا، وآخر يصفه بأنه محاولة لحماية مؤسسات الدولة من التفكك، وقطع الطريق أمام عودة النظام السابق لإدارة البلاد".
ورأى عبد العزيز أن هناك وسائل الإعلام "وقعت في خطأ عدم الحيادية والتلون السياسي، وبات علينا كمشاهدين وقراء البحث عن الأقل ارتكابا للخطأ، لأنه لا يوجد من يقدم تغطية مثالية أو حتى أقرب إلى المثالية".
وأضاف "أنا مثلا هجرت في هذه الأزمة وسائل الإعلام المصرية، وبدأت أستقي معلوماتي من وسائل الإعلام الأجنبية، وهذه هي الخطورة التي ينبغي أن يلتفت إليها القائمون على وسائل الإعلام المصرية".
من جانبه قال عادل عبد الغفار أستاذ الرأي العام بكلية الإعلام جامعة القاهرة في تصريحات خاصة لمراسل وكالة الأناضول للأنباء أن "حالة الفوضى والانفلات التي أصابت المجتمع، انعكست على أداء الإعلام الذي اتسم بهذه الصفة أيضا".
واعتبر أنه "كان من نتيجة هذا المرض الذي أصاب الإعلام أنه وقع في نفس أخطاء المجتمع، ونفس أخطاء النخبة الحاكمة والأحزاب، ووهو ما يعمق الانقسام والاستقطاب، فبدلا من البحث عن حلول والمبادرة بطرح بدائل للخروج من الأزمة.. أصبح هدف معظم وسائل الإعلام جلب شخصين مختلفين سياسيا ليتبادلان الاتهامات، لا مناقشة الحدث بمنطقية وبناء على معلومات، وهو ما يؤدى في النهاية إلى تشويش الرأي العام".
وأوضح أستاذ الرأي العام أن "الأزمة الحالية كشفت عن حاجتنا لمنظومة لمتابعة وتقييم الأداء الإعلامي"، نافياً أن يكون ذلك "متعارضا مع حرية الإعلام، فمثل هذه المنظومة توجد بدول كثيرة لإقرار مفهوم الحرية المسئولة في الأداء الإعلامي، أي الحرية التي لا تضر المجتمع ولا تتعارض مع ثوابته".
وتتكون هذه المنظومة –بحسب عبدالغفار- من ثلاثة عناصر هي: "تحديث التشريعات، الرقابة الشعبية للإعلام عبر منظمات المجتمع المدني، الضبط الذاتي للمهنة من خلال النقابات الإعلامية".( الأناضول)