أبناء ينضجون ويتدخلون في حل مشاكل آبائهم

تم نشره الإثنين 24 كانون الأوّل / ديسمبر 2012 08:39 صباحاً
أبناء ينضجون ويتدخلون في حل مشاكل آبائهم

المدينة نيوز - كثيرا ما يتشاجر الآباء أمام أبنائهم، غير آبهين بعواقب ذلك الشجار على نفسية فلذات أكبادهم. وإزاء هذا الشجار تتباين ردود أفعال الأبناء بين الصدمة والاكتئاب والشعور بالكبت، وبين محاولة التدخل لتهدئة الأمور وإيجاد حلول مناسبة لإنهاء الخلاف، وتجنب المزيد من التوتر والمشاكل بين الآباء.
ويندرج تدخل الأبناء، بحسب الاختصاصيين في سياق حيثيات ودوافع نفسية واجتماعية واقتصادية مختلفة، تصب في خانة "وعي الأبناء وإدراكهم للمسؤولية وحرصهم على الحفاظ على الاستقرار العائلي القائم على التكافل والتعاضد الأسري".
في هذا السياق يقول سامر عطا (29 عاما) إنه لم يكن يتوقع أنه سيلعب دورا فاعلا في علاقة الحياة الزوجية لوالديه التي انتهت إلى انفصال بينهما دام 6 أعوام. وعن تجربته الناجحة هذه يقول: "في البداية توقعت أن الخلاف بينهما لا يمكن حلّه بأي حال من الأحوال، وقد آلمني ذلك كثيرا، لكنني تحليت بالصبر ولم أيأس، وبقيت أحاول الإصلاح بينهما إلى أن نجحت في النهاية في إعادة الأمور إلى مجاريها".
"الطلاق أمرٌ صعب"، يقول سامر الذي عانى كثيرا من آثار الانفصال بين والديه، ولذلك حاول مع والدته معرفة كافة الأسباب التي أدت إلى الانفصال، وبناء على ما توصل إليه من أسباب وخلفيات هذا الانفصال، لم يكل سامر من محاولة إقناع الوالد بالعودة إلى والدته، وقد وُفّق في الأخير بالتراضي وبمساعدة شقيقيه في تحقيق المصالحة ولمّ الشمل من جديد.
ولا ينكر سامر أن الحياة الزوجية، بحكم سنة الحياة لا تخلو من المشاكل التي تتخللها من حين لآخر، لكن عدم استيعاب الأبناء للمشاكل هو الذي عادة ما يجعلهم محايدين، فلا يستطيعون التدخل بحكم السلطة الأبوية المفروضة على الأبناء. لكنْ مع مرور الوقت، ومع ما يدركه الأبناء من نضج فكري ومعرفي ومن تجربة في الحياة كثيرا ما يصبح تدخل هؤلاء الأبناء في حل المشاكل بين الأبوين، أمرا إيجابيا، إذا ما توفر للطرفين استعدادٌ طيب لرأب الصدع وتحقيق الوفاق.
من جانبها ترى سمر علي (26 عاما) أن علاقتها بوالديها مبنية على الحوار والمناقشة، وذلك ما جعلها تتدخل في النهاية، ومن دون عناء، في كثير من مشاكل أبويها، حتى تعيد الأمور إلى مجاريها، بالحوار الإيجابي.
في البداية، وطوال عشرين عاما لم يكن لدى سمر القدرة على التدخل، برغم الشخصية القوية التي تملكها، كما تقول، إذ كانت تخجل من أي تدخل من طرفها، خوفا من أن تتطوّر الأمور نحو الأسوأ. إلا أن الوقت كان كفيلا بتغيير الأحوال نحو الأفضل.
تخرجت سمر في الجامعة حاملة لشهادة في القانون، وبذلك وجدت نفسها أكثر ثقة بقدراتها النفسية، مما جعلها تؤمن أن المشاكل الزوجية ليست عصية على الحل ولا ينبغي أن تمضي نحو الأسوأ، ولذا تجرأت فتدخلت بثقة كاملة في حل المشاكل القائمة بين والديها.
وأما المشكلة فكانت بسبب خلاف حاد حول "عزومة" عائلية في رمضان، نشب بين والديّ سمر، بسبب تفاصيل صغيرة تتعلق بهذه "العزومة". وقد جاء الحل من سمر التي تدخلت ونصحت والدتها بقبول عرض الوالد، تفاديا لأي خلاف لا طائل من ورائه، لاسيما وأن الخلاف قد يؤثر سلبا على دراسة شقيقيها اللذين كانا في مرحلة الثانوية. وفي هذا السياق تقول سمر "خفت حدة المشاكل بين والدتي ووالدي، وكأنهما أدركا أننا قادرون كأبناء على استيعاب الحقيقة، ونبذ بالخلاف ورفضنا للخلاف المستمر بينهما، وأيقنا أنّ لنا دورا فاعلا في إنهاء المشاكل الأسرية وما يترتب عليها من آثار سلبية وعواقب وخيمة.
وعلى الأبناء، وفق المرشدة الأسرية مروة حسن، أن ينظروا في تدخلهم، إلى "النصف المملوء من الكوب"، أي إلى الجوانب الإيجابية في العلاقة ما بين الأبوين واستثمارها في إعادة بناء الجوانب الهشة في العلاقة بينهما قبل تفاقمها. فإذا كان الخلاف بسيطا، وكانت علاقة والديهم وطيدة، فإن عليهم التدخل بالحسنى، لأنهم الأقرب من سواهم لوالديهم، وأكثرهم تأثيرا في حلّ المشكلات القائمة.
لكن، على الأبناء، كما تقول حسن، مراعاة تفاصيل مهمة قبل التدخل، وهي معرفة المشكلة برمتها، وأسبابها العميقة، ثم البحث عن حلول ترضي الطرفين، إلى جانب الالتزام بلغة حوار إيجابية، ومهذبة، وغير منحازة لطرف على حساب الطرف الآخر، وتُبقي الاحترام في سلّم العلاقة بين الأب والابن، أو بين الأم وابنها.
وكي لا ينعكس الشجار بين الأهل على الأبناء، ويتطوّر إلى الأسوأ، ويؤدي إلى تدخل الأقارب وغيرهم، فإن تدخل الأبناء لتحقيق المصالحة والوفاق بين آبائهم يعتبر طريقة ذكية وناضجة ومستنيرة وعاقلة، تمنح الآباء راحة نفسية، تجعلهم يطمئنون لأبنائهم ويثقون في نضجهم وقدرتهم على حل المشاكل، إيمانا منهم أن ما قدّموه لأبنائهم من تعليم وتضحيات لم يذهب هباء، وهو ما يجعلهم مع مرور الوقت أقل تعرضا للخلافات، وأقل افتعالا للمشكلات، خاصة أمام أبنائهم.
وفي السياق ذاته يوضح أستاذ علم الاجتماع المشارك في الجامعة الأردنية، الدكتور حسين خزاعي، أن حرص الأبناء على أن يعيشوا في سلام عائلي، نتيجة ما يصلون إليه من وعي وإدراك ودراية للأمور الحياتية، هو الذي يسهم في تحفيز الأبناء على التدخل، بعفوية، في علاج المشكلات بين والديهم. ويضيف الخزاعي في هذا الصدد أن الأبناء، ونتيجة حرصهم ومعرفتهم بالخلافات بين والديهما، وهي الخلافات التي غالبا ما تتكرر وتتشابه، يصبحون أكثر دراية وخبرة بحيثيات وطرق علاج المشكلة، وفي ذلك ما يؤكد وصولهم إلى مرحلة النضج التي تجعلهم يوجهون رسالة غير مباشرة إلى الأهل، تبصرهم بأهمية المصالحة، وتنصحهم بألا يتوغلوا في المشكلات إلى أبعد مما يحق لهم.
ويؤدي تدخل الأبناء الإيجابي الذي يعتمد في رأي الخزاعي، على التربية والتنشئة الصحيحة، إلى توطيد العلاقة بين الأب والأم، ويدفع نحو جعل العلاقة الأسرية مبنية على أسس التفاهم والتعاون ولغة الحوار. فضلا عن أن هذا التدخل يعطي صورة إيجابية صادقة عن علاقة أفراد الأسرة بعضها بالبعض الآخر، كما هي في جوهرها، وليس مجرد صورة ظاهرية لأسرة متماسكة.
ومع مرور الوقت سوف يؤدي تدخل الأبناء، يقول الخزاعي، إلى التخفيف من حدة المشاكل بين الأبوين، نتيجة إدراك هذين الوالدين أن الأبناء قد أصبحوا عنصرا فاعلا، ومُدركا لوضع العائلة وأسباب استقرارها. وبذلك تتلاشى المشكلات إلى ما لا نهاية، لأن الهدف يبقى في كل الحالات هو الحفاظ على استقرار العائلة وسعادتها. " الغد "



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات