مضامين الورقة النقاشية الملكية: مبادرة لربيع اردني حضاري بتوقيت الهاشميين
المدينة نيوز - " علينا ان نتذكر ان التنافس بين المرشحين لن يكون من اجل منصب يصلون من خلاله الى مجلس النواب لحصد امتيازات شخصية , بل هو تنافس من اجل هدف اسمى الا وهو شرف تحمل المسؤولية " ..
عبارة اعتلت الورقة النقاشية الاولى التي طرح خلالها جلالة الملك عبدالله الثاني رؤيته لمسيرة الاصلاح الشامل في الاردن في مختلف المجالات .
والعبارة من الاهمية بمكان جعلها تتصدر الورقة النقاشية لما تشكله مضامينها واهدافها من اساس تبنى عليه عميلة الاصلاح الشامل بدءا من الاختيار الامثل للمرشح الذي يغلب المصلحة الاردنية العليا على مصلحته الشخصية ويتحمل المسؤولية الكبرى في" اتخاذ القرارات التي تمس مصير الاردن وجميع الاردنيين " كما ورد في مضمون الورقة النقاشية الاولى لجلالته .
وتمثل هذه العبارة وفقا لاعيان واكاديميين كما هي الورقة النقاشية بمجملها مبادرة عربية اردنية استثنائية استطاعت ان تنقل تأثيرات الربيع الاردني السلمي الحضاري بتوقيت الهاشميين من عبء مفترض الى طاقة مضافة لما انجز وطنيا ولما اختبر تاريخيا في الوطن الغالي.
ويشيرون لوكالة الانباء الاردنية ( بترا ) ان ما يدلل ان الربيع الاردني كان وما زال حضاريا هو ان عشرات المئات من الاحتجاجات والمسيرات وبعضها كان متطرفا, اثبتت قدرتها الراقية في المحافظة على السلم الاجتماعي ضمن تفاصيل تنوعنا وتكاملنا تحت مظلة الدستور .
يقول المتخصص في علم الاجتماع الدكتور حسين محادين انه ورغم الحياة التشريعية في المملكة والتي تمتد الى بدايات تأسيس امارة شرق الاردن الا ان مضامين الدور التشريعي والرقابي قد تأثر خلال الحقبة الماضية ما ادى الى الغاء جزئي لدوره الحقيقي عندما قدمت المصالح الشخصية والواسطة والمحسوبية والاعتبارات الذاتية على اعتبارات المصلحة العامة.
ويتابع ان ذلك ادى الى تراجع مضامين ومساحات الدور الرقابي والتشريعي, ومحاولات توظيف التشريع لتحقيق اغراض شخصية , فعلى سبيل المثال انه ولولا التدخل الملكي من اجل التراجع عن موضوع جوازات السفر الديبلوماسية طيلة الحياة التي طرحت في المجلس السابق , لحدث ما لا يحمد عقباه .
وفي سياق ذي صلة يؤكد الدكتور محادين ان جلالة الملك وبتأكيده عبر الورقة النقاشية على النأي بالنفس عن الاعتبارات الشخصية في سياق السباق الانتخابي فان جلالته يشدد على اهمية الولوج الى مرحلة الاصلاح الحقيقي عبر قيام المجلس بمهامه التشريعية من اجل الوطن والمواطن وتحمل مسؤولية التشريع بما يفضي للخدمة العامة وان يكون التشريع بعيدا كل البعد عن اي ملمح شخصي او مصلحة ذاتية .
ويفسر الدكتور محادين اننا وفي مجالس سابقة كنا امام اطار تشريعي معلن غير ان ما كان يجري بداخله هي مصالح وعلاقات ومصوغات لا تصل الى حدود ما يريده الوطن , ولا الى مسؤوليه حمل الامانة العامة .
وعلى صعيد متصل يبين ان اللافت في الورقة النقاشية الاولى لجلالة الملك انها جاءت بدافع ملكي ذاتي , وهي عابرة للحكومات ومجالس النواب ومؤسسات المجتمع المدني .
وجلالته بتلك الورقة يقول ويفعل , اذ ان ما كان يصله من تقارير وحيثيات لم تكن لترتقي لهم المواطن , وفقا لمحادين , فاراد جلالته الوصول الى " البحر المعرفي " عبر التخاطب المباشر مع جميع المواطنين دون استثناء , ومباشرة ودون اي وساطة بهدف الوصول الى بناء شراكة جديدة عطفا على ما رشح من مطالبات شعبية في ربيعنا الاردني المطالب بالاصلاح سلميا .
ويزيد ان جلالته التقط بحسه القيادي وجرأته على قبول كل الآراء ومن تلك التي رفعت سقف مطالباتها متخطية ما اعتدنا عليه من شعارات في المسيرات والاحتجاجات والحراكات .
كما ان جلالته استشعر ان ما يصله لا يعبر بدقة عن طبيعة التحولات الجديدة في المجتمع الاردني , وفي مقدمتها تغييب الشباب واستئثار الشباب بمختلف القطاعات تحت طائلة التوريث السياسي المرفوض.
ويضيف ان ما اكد عليه جلالته من ان النيابة مسؤولية تبتعد كل البعد عن اي مكاسب شخصية , انما يدخل في سياق طرح جلالته للعصف الذهني على الشارع مباشرة , فجلالته قادر على التقاط اللحظة التاريخية للاصلاح , معبرا بذلك عن مرونة الدولة الاردنية بحكم خبرتها التراكمية ومنجزاتها التاريخية , مشددا ان نشر جلالته لرؤيته الاصلاحية عبر اوراق نقاشية - وهو ما عجز عنه حكام وزعماء في التخاطب مع الشعب مباشرة , انما يؤكد على صدق الهاشميين في خدمة الدولة الاردنية ومواطنيها بتجرد وامانه .
ويلفت انه وللمرة الاولى يتم تعزيز مفهوم التنافس بين المرشحين من اجل تعظيم شأن المسؤولية الوطنية بكل ما يمس مصير الاردن وجميع الاردنيين , والابتعاد عن كل ما هو شخصي , فالمرحلة لا تحتمل ابدا اي اخطاء او هفوات .
وعلى صعيد متصل يقول الدكتور محادين ان الورقة النقاشية لجلالته هي مبادرة عربية اردنية فريدة استطاعت ان تنقل تأثيرات الربيع العربي من عبء مفترض الى طاقة مضافة لما انجز وطنيا ولما اختبر تاريخيا في المملكة الغالية .
وما يدلل على ذلك كما يوضح ان عشرات المئات من الاحتجاجات والمسيرات - وبعضها كان متطرفا - , ومع ذلك بقي السلم الاجتماعي والاهلي حاضرا في تفاصيل تنوعنا وتكاملنا تحت مظلة الدستور .
من جهته يقول استاذ التربية الاسلامية في جامعة اليرموك الدكتور احمد ضياء الدين ان رؤية جلالته حول الترابط بين العمل بمسؤولية والبعد عن الاعتبارات الشخصية انما هو تأكيد على ان الاصلاح الحقيقي يبدأ بمجلس النواب المقبل اذا تم الاختيار الامثل للمرشحين .
ويستدرك ولكن الخوف كل الخوف ان يتمسك البعض من المرشحين اذا ما وصلوا الى مجلس النواب , بفكرة كونهم وصلوا اليه وحسب , لانهم كانوا يريدون " كرسي النيابة " فقط دون التفكر باهمية هذا الكرسي والمسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقه .
ويوضح الدكتور ضياء الدين ان المرحلة الانتخابية الان لا تشبه اي مراحل سابقة , وتتطلب من الجميع وليس المرشحين فقط ان يكونوا على قدر المسؤولية , وان يثق الناخب فيمن يختار , وان يبتعد عن اي مرشح كان سبق وفاز في مجالس سابقة وغلب المصلحة الشخصية على العامة منها .
ويلفت الى ان المجلس المقبل هو حجر الاصلاح واساسه , وعلى الناخبين ان يحكموا ضمائرهم في اختيار المرشح الانسب .
العين محمد ابراهيم العزام يقول بدوره ان الوطن يعيش حراكا انتخابيا واستحقاقا دستوريا , من المفترض ان نقف امامه بامعان وروية واحترام , ولا سيما ونحن نشهد ربيعا اردنيا مزهرا وحراكا شعبيا هادفا ومسؤولا مشيرا الى ان ما نحتاجه حقيقة هو بناء المستقبل الذي يستحقه الاردن وينشده الجميع .
وفي خضم السباق الانتخابي وعطفا على اهمية الابتعاد عن الاعتبارات الشخصية يقول " المطلوب منا ان نقدم للوطن نخبة صالحة واعية وقوية وامينة مشهود لها بالخير والامانة والعمل والفلاح ليكونوا ممثلينا تحت القبة " .
ودعا الناخبين الى المشاركة بقوة في الانتخابات بعيدا عن " المجاملة والمراهنة " منوها الى اهمية التغلب على التحديات والتسلح بالتضحيات والروابط المشتركة والايمان بان الطريق الى الامان ينطلق من الديمقراطية .
وحذر من " القعود عن الواجب وعدم المشاركة في الانتخابات " مؤكدا ان المشاركة الفاعلة تعني انتاج المجلس الذي نرغب , وغير ذلك فاننا نترك الساحة " للفساد والمفسدين ونخليها للعابثين , ونخط بايدينا صك هزيمتنا , ونسلم مقاليد امورنا لمن اوصلنا لما نحن فيه من خيبة واحباط " .(بترا)
