التغيير الإيجابي يقتل الملل

المدينة نيوز - أشعر بالملل، لا يوجد لدي ما يحفزني لإنجاز الأعمال، تنقصني المتعة عند القيام بأي عمل، وغيرها الكثير من العبارات الأخرى التي نسمعها ونشعر بها معظم أوقاتنا، والسبب في ذلك كله أننا نقوم بالممارسات ذاتها بشكل يومي، وغالبا ما نستخدم المفردات ذاتها ونقابل الوجوه نفسها، فنفقد الشعور بالتجديد، ويؤدي ذلك التكرار إلى خلق حالة من الملل، فتجعلنا أكثر ضيقا وخمولا، والإنسان بطبيعته يميل إلى التغيير، ويشعر بالمتعة عند الاحتكاك بكل ما هو جديد ومتطور، وإذا حاولنا أن ندقق بكل ما يجري حولنا، فسنلاحظ أن الحياة تتغير باستمرار، فهنالك الليل والنهار والصيف والشتاء والحزن والسعادة، وعندما نصاب بفيروس الملل، فإننا نفضل الهروب من الواقع ونلزم الصمت ونفقد بريق الأمل الذي يدفعنا للعمل، والرغبة في تكوين العلاقات الاجتماعية.
ولكي نستطيع الخروج من حالة الملل، وإضافة لمسة جديدة على حياتنا تميزها وتجعلنا نحس بالتنوع والاختلاف، فلا بد من معرفة الأسباب التي تجعلنا نشعر بالملل.
وأول هذه الأسباب وأهمها؛ البعد عن الحياة الاجتماعية وما فيها من حركة وحيوية، وتبادل للخبرات والتعرف على أخبار لا نستطيع معرفتها، إلا أنه من خلال تواصلنا مع محيطنا الاجتماعي، فاندماجنا مع من حولنا يدفعنا لاكتشاف المتعة التي افتقدناها بسبب زخم الحياة، واختلاطنا بالآخرين يساعدنا على معرفة قدراتنا ومواطن الإبداع الموجودة في داخلنا، واستهتارنا بأهمية الوقت وعدم استغلاله بشكل جيد، أحد الأسباب الرئيسية التي توصلنا لدرجة الإحباط وعدم الإحساس بقيمة الحياة، وإذا أردنا أن ننعم بحالة من التجديد، فعلينا أن نقدر وقتنا ونقسمه بحيث نخصص لكل نشاط نقوم به وقتا محددا، فعدم شعورنا بأهمية الوقت يجعلنا لا نفرق بين أمسنا وحاضرنا ومستقبلنا، فكلها سواء ليس فيها ما يضفي عليهم تميزا واختلافا.
وبإمكاننا أن نتغلب على الملل ونحاربه بطرق بسيطة وسهلة، لكن شريطة أن تكون لدينا رغبة قوية في التغيير نحو الأفضل، وأول هذه الطرق اللجوء إلى الترفيه الذي ينعش أرواحنا ويمنحنا طاقة إيجابية قادرة على تدمير كل المشاعر السلبية التي تصيبنا جميعا، والإنسان دائما بحاجة إلى الترفيه مهما كان شكله، ويختلف الترفيه من شخص لآخر، فمنهم من يرى أن الترفيه بالسفر ومنهم من يراه بالتسوق وارتياد الأماكن العامة.
ولأن الترفيه أمر ضروري بالنسبة لنا، فعلينا أن نخصص له وقتا بين الحين والآخر لنجدد نشاطنا ومن الطرق الأخرى التي تساعدنا على قتل الملل وضع أهداف محددة نستطيع من خلالها بناء حياة مليئة بالإنجازات، ونحن عندما نحقق أهدافنا، فإننا سنتحرر من القيود التي فرضها علينا الملل، وحينها سننظر للحياة نظرة تفاؤلية بعيدة عن التشاؤم الذي يخلقه الفراغ في نفوسنا.
وكثيرا ما نجد أن زيارة أصدقائنا وتواصلنا معهم بشكل دائم يلعب دورا مهما في إحداث تغيير حتى لو كان ذلك التغيير بسيط، واجتماعنا بأصدقائنا يدخل السرور إلى قلوبنا ويجعلنا نسترجع ذكرياتنا بحلوها ومرها، وعند التحدث معهم عن موضوع يهمنا ومناقشته بشكل جاد، فإن ذلك يتيح لنا فرصة التعرف على الأفكار التي يحملونها، التي قد تتعارض مع أفكارنا، فيزيد ذلك من شعورنا بالمتعة والتغيير، ولكي نتمكن من محاربة الملل والقضاء عليه، فلا بد لنا من زيادة جرعة الفضول وحب المعرفة والاستكشاف في داخلنا، وذلك عن طريق القراءة ومشاهدة البرامج التي تكشف لنا الغطاء عن الكثير من الحقائق العلمية، فيؤدي ذلك كله إلى إمدادنا بالمعلومات الجديدة التي تغذي عقولنا وتروي ظمأ أرواحنا، وبذلك نكون قد أضفنا على حياتنا نوعا من التجديد واستطعنا أن نملأ أوقات فراغنا بكل ما هو مفيد وقيم.
وإذا رغبنا في التغيير، فيجب علينا أن لا نكون من هؤلاء الأشخاص الذين يفضلون الخروج من ملعب الحياة، ليجلسوا على المدرج، ليس مع المشجعين، ولكن مع المشاهدين الذين يراقبون مجريات الأحداث بدون أن يكون لهم أي رغبة في المشاركة في تغيير ما يحدث، وعلينا أن نتذكر دائما أن الملل مسألة نحن الذين نزرعها في عقولنا، ونحن أيضا من نستطيع أن نتخلص منها. " الغد "