قانون انتخابات لبنان أمام مفترق يرفع «أسهم» تأجيلها

 المدينة نيوز - بدت الجهات السياسية اللبنانية على اختلاف مواقعها في موقع ترقُّب وانتظار لما ستفضي اليه تطورات الايام الثلاثة المقبلة التي ربما تحمل في طياتها توجهات اكثر وضوحاً من اي وقت سابق حيال ازمة التوصل الى اتفاق سياسي على قانون الانتخابات الجديد.
وقد اتخذت حركة الاتصالات والاجتماعات المتصلة بهذه الازمة بُعداً مهماً جديداً في ظل تصاعد استثنائي لوتيرتها تَوزّع معها المشهد السياسي على محوريْ بيروت وباريس مما ينبىء بان مرحلة شبه حاسمة ستضع الازمة امام مفترقات فاصلة في وقت غير بعيد.
وكشفت مصادر سياسية مشاركة في حركة الاتصالات والاجتماعات الجارية لـ «الراي» انه رغم ما توحيه هذه الحركة من احتمال بلورة مساحة مشتركة يمكن على اساسها طرح مشروع جديد لقانون الانتخاب يتجاوز معركة «الفيتوات» المتبادلة بين مختلف الافرقاء، فان اللافت فيها هو ان ليس هناك فعلياً حتى الان اي مشروع مشترك يمكن ان يشكل محوراً لما يجري في لقاءات باريس او اجتماعات بيروت.
واوضحت ان اللقاءات الكثيفة الجارية في باريس على هامش زيارتيْ كل من الرئيس امين الجميل والنائب وليد جنبلاط لقصر الاليزيه، والتي تجري مع الرئيس سعد الحريري في دارته الفرنسية، تبدو اقرب الى تبادُل الافكار من مواقع متباعدة حيال ملف قانون الانتخاب.
وعلى رغم الاجواء الودية السائدة في هذه اللقاءات والتي ترافقها حركة اتصالات مماثلة أجراها الحريري مع مسؤولين وزعماء في بيروت ابرزهم رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع والنائب بطرس حرب، لم تتبلور حتى البارحة قواسم مشتركة يمكن على اساسها توقع نشوء مشروع توافقي، في مقابل عدم استعداد فريق 8 آذار من جانبه التخلي عن طروحاته. وبذلك يبرز المأزق بوجهين لا يزالان على حالهما: مأزق التباينات بين قوى 14 آذار نفسها، ومأزق القدرة على وضع مشروع توافقي بديل من مشروع «اللقاء الارثوذكس»» (يقوم على انتخاب كل مذهب نوابه) والذي تبناه مسيحيو 8 و14 آذار الحزبيون ودعمه «حزب الله» وحركة «أمل».
واشارت المصادر الى ان الرئيس الحريري سيطرح في الحديث التلفزيوني الذي سيدلي به مساء غد الى محطة «المؤسسة اللبنانية للارسال انترناشونال» مبادرة وضع معظم المعنيين في ملامحها العريضة وهي تقوم على طرح انتخابي اكثري اقرب ما يكون الى مشروع الخمسين دائرة الذي طرحته القوى المسيحية في 14 آذار وواجهته قوى الاكثرية بالرفض. ومع انها فضلت التريث في اعطاء اي توقعات مسبقة حيال مشروع الحريري الذي تراوح التقديرات حياله بين انه سيدعو الى تقسيم لبنان 36 دائرة مع النظام الاكثري يتضمن حلاً متكاملاً لقانون انتخاب ومجلس الشيوخ، بما يراعي هواجس المسيحيين ولا يوجِد هواجس جديدة لدى أي طوائف اخرى، فان المصادر لم تكتم شكوكها في ان يلقى هذا المشروع بدوره رفضاً من قوى 8 آذار خصوصاً وتحفظات من حلفائها الوسطيين. وتوقعت ان يكون اطلع الحريري النائب وليد جنبلاط على هذا المشروع في لقائهما الذي عُقد امس في باريس في مسعى لمعرفة موقف جنبلاط منه علماً ان هذا اللقاء هو الاول بينهما منذ الفتور الذي ساد علاقاتهما على اثر سجال علني حصل بين الرجلين في 25 اكتوبر 2012 حين اطلّ الزعيم الدرزي عبر برنامج «كلام الناس» بمواقف حملت انتقادات للحريري الذي ردّ في شكل عنيف عبر «تويتر»، علماً ان سبتمبر الماضي كان شهد اول لقاء «غسل قلوب» بين زعيم «تيار المستقبل» ورئيس «جبهة النضال» في العاصمة الفرنسية حيث طويت صفحة «انقلاب يناير 2011» على حكومة الحريري وحسم مسألة تحالف الطرفين في انتخابات 2013.
ولفتت المصادر الى انه في انتظار ما سيعلنه الحريري وما ستظهره نتائج اللقاءات التي تعقد في باريس والتي تشارك فيها شخصيات اخرى من قوى 14 آذار ولا سيما نائب رئيس البرلمان فريد مكاري ومنسّق الامانة العامة لـ 14 آذار فارس سعيْد وسمير فرنجية والنائب مروان حماده، فان الوضع في بيروت لم يكن اقل تعقيداً خصوصاً لجهة ترقب اصطدام اللجان النيابية المشتركة التي ستعقد جلسة اليوم بحصيلة سلبية مشابهة لما انتهت اليه اجتماعات اللجنة النيابية المصغرة. وهو امر بات يرسم اكثر فاكثر ملامح تعاظم احتمال تأجيل الانتخابات نظراً الى استحالة التوصل الى تسوية في المدة القصيرة المتبقية للمهلة الدستورية التي تملي توجيه الدعوة الى الهيئات الناخبة في موعد اقصاه 9 مارس المقبل.
ولا تستبعد المصادر ان تكون الاسابيع المقبلة الفرصة الاخيرة لمحاولات تبدو محكومة بالفشل قبل الذهاب الى «اخراج» للتأجيل الذي ترتفع اسهمه بقوة على حساب كل الخيارات والاحتمالات.
وكان اجتماع اللجنة الفرعية المكلفة الوصول الى قواسم مشتركة في قانون الانتخاب خلص الى التفاهم على التقرير الذي سيُرفع الى اللجان المشتركة اليوم ، فيما برز اقتراح نائب «القوات اللبنانية» جورج عدوان والذي بدا انه يحظى بموافقة الرئيس نبيه بري ويقضي بان تناقش اللجان المشتركة التمديد لـ «الفرعية» لفترة 15 يوماً انما بمهمة محددة هي البحث في قانون الانتخابات المختلط حصراً وليس البحث بكل القوانين، وبالتوازي تكمل اللجان المشتركة بحث القوانين الثلاثة الموجودة في البرلمان».
واذ كان اقتراح عدوان، حمل محاولة لضمان حضور «المستقبل» اجتماع اللجان المشتركة من خلال اعتبار نائب «القوات» ان بحث مثل هذا الاقتراح لا يستوجب حضور الحكومة (اجتماع اللجان) التي يتمسك تيار الحريري بمقاطعة اي اجتماعات تشارك فيها، فان مصادر سياسية لاحظت انه ربما ينطوي في توقيته ايضاً على محاولة استباق الاقتراح الذي سيتقدّم به الرئيس الحريري غداً وقطعاً للطريق عليه من خلال حصر نقاشات الفترة الممدَّدة للجنة الفرعية بالنظام المختلط.