الاصلاح السياسي : رؤى ملكية استشرافية واستعداد وطني نحو التقدم
المدينة نيوز– يستند الاصلاح السياسي في الاردن الى رؤى استشرافية حرص جلالة الملك عبد الله الثاني منذ توليه سلطاته الدستورية على تحقيقها ، يقابلها استعداد اكيد ورغبة عميقة بين اطياف المجتمع الاردني نحو المزيد من التقدم في بناء الدولة الاردنية الحديثة .
التأكيد الملكي على مسيرة الاصلاح والتحديث متواصلة مبنية على خطط وبرامج ديناميكية ومتواترة ومدروسة تسير بالاردن الى احداث التغيير الايجابي دون ضجيج مفتعل او اقصاء طرف او تسريع غير مبرر في ظل ظروف متوترة تشهدها المنطقة .
في العام 2005 قال جلالته " .. ونحن نعتز بكوننا أول من اعتمد وتبنى سياسات الإصلاح واضطلع بدور ريادي في المنطقة , فالإصلاح عملية شاملة وطويلة الأمد ونحن مستمرون في رعايتها وإن كنا ندرك تماما أن ثمارها ربما تتأخر لتنضج ، إلا أنها آتية بلا ريب رغم إرجاف المشككين والمترددين ان البرنامج الإصلاحي يتطلب مشاركة كافة الشرائح الاجتماعية الأردنية فيه للمساهمة الفعلية والكلية في مجمل تحدياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما أن الإصلاح لا يتحقق إلا عبر التواصل المجدي مع مجلس الأمة وتفعيل مشاركته في الأداء المتوازي مع تحديات الإصلاح التي تشمل التنمية السياسية والإدارية في آن واحد ." وكالة الانباء الاردنية ( بترا ) التقت عددا من السياسيين للحديث حول مسيرة الاصلاح الشاملة التي رأوا انها كانت متقدمة وراشدة وواعية يؤطرها رؤى استشرافية لجلالة الملك عبدالله الثاني منذ ان تسلم سلطاته الدستورية في العام 1999 .
رئيس الوزراء الاسبق الدكتور عدنان بدران قال ان جلالة الملك عبد الله الثاني سبق في رؤياه الربيع العربي بسنوات عديدة لبناء نظام سياسي ديمقراطي معاصر وتنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية تنقل المواطن إلى مدارات وآفاق جديدة يقوده الشباب ، فرسان المستقبل .
واضاف : ما شهدناه في الشارع العربي ، من توجهات وشعارات، كانت دائماً في الهاجس الملكي ، وحلقات ( كلنا الأردن ) مع الآلاف من شباب الأردن، والأجندة الوطنية بصمات واضحة لمسيرته وتطلعاته.
وقال : لقد تمكن الاردن في فترة من الفترات من تخفيض النفقات الجارية لموازنة الحكومة بمقدار 10 بالمئة وإلزام الوزارات بذلك دون المس بالنفقات الرأسمالية لئلا يؤثر ذلك على تراجع البنية التحتية وفتح فرص العمالة والتشغيل ، وتأسيس مراكز التدريب والتشغيل لتمكين وفتح فرص جديدة للأردنيين للحد من البطالة. وتابع : أدى ذلك إلى تقليص العجز إلى مستويات منخفضة، وسد جزء من المديونية وادى الى ارتفاع احتياطات البنك المركزي إلى مستويات غير مسبوقة، وارتفاع ونشاط كبير في السوق المالي، كل ذلك اسهم بجذب واسع للاستثمارات الخارجية ، الذي عوض عن انخفاض المساعدات الأجنبية.
واشار الدكتور بدران الى عمل اللجنة الملكية المكلفة بوضع الأجندة الوطنية (الأردن الذي نريد) والذي استغرق عملها ستة اشهر، وتضمنت خريطة طريق مفصلة للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي من قبل المتخصصين الأردنيين .
وقال : اكدت الأجندة السياسية الحريات الأساسية العامة، وحرية العمل السياسي ، والتعددية السياسية، وحرية تشكيل الأحزاب التي تعتبر اللبنات الأساسية في التنمية السياسية وتشكيل الحكومات ضمن إطار الدستور ، وحرية الرأي والتعبير، وتعزيز المشاركة الشعبية وتطوير قدرات المجتمع المدني، وتقبّل التنوّع والاختلاف واحترام الاختلاف، وتعزيز المواطنة وتعزيز حقوق الإنسان وتمكين المرأة في ممارسة مواطنتها ، وتهيئة البنية التشريعية وتغيير الممارسات الاجتماعية الخاطئة، وتحقيق مجتمع المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص وفصل السلطات ، وسيادة القانون على الجميع.
واشار الى ان الأجندة الوطنية رسمت خريطة طريق في مسار متكامل للقضاء على العجز المالي وترشيق الحكومة والمؤسسات الرسمية وتخفيض المديونية وفتح مشروعات لها ميزة نسبية في الخدمات والبنية التحتية والقطاعات الاقتصادية وتوفير مصادر مائية جديدة ورفع مستوى إدارة الأنظمة المالية، وتوفير الطاقة البديلة للطاقة الأحفورية المستوردة، وتطويع التكنولوجيا لصناعات أردنية، ورفع كفاءة الجهاز المعرفي، وإزالة العوائق الديمقراطية أمام التنمية والتنافسية الاقتصادية وتفعيل الشركات الصغيرة والرعاية الصحية والتعليم النوعي، والبحث العلمي والإبداع الهادف لتطوير التكنولوجيا، في بناء صناعات جديدة ، وتعزيز الأمان الاجتماعي، وتحسين نوعية حياة المواطن الأردني.
وقال الدكتور بدران ان الأجندة، باختصار، تسعى إلى تحقيق رؤية جلالة الملك في "الأردن الذي نريد" في مسيرة ديمقراطية تحقق الانتماء والنماء، وتحقق تنمية سياسية واقتصادية واجتماعية مستدامة متوازنة، من خلال تنفيذ برنامج يضع الأردن على مسار سياسي عصري ونمو اقتصادي سريع ومشاركة اجتماعية وسياسية واسعة، لبناء ثقافة ديمقراطية يشارك فيها الجميع دون تهميش لأي شريحة ، ووضع الأردن على خارطة الدول المتقدمة، وذلك ضمن إطار زمني وتنظيمي متكامل في دولة الأمن والاستقرار .
عضو اللجنة الملكية لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية محمود ارديسات قال ان الاردن بدأ مرحلة الاصلاح منذ عودة الديمقراطية واجراء الانتخابات النيابية في العام 1989 مستدركا " ولكن كان هناك تباطؤ في عملية الاصلاح والديموقراطية ".
واشار الى انجاز العديد من القوانين التي تخدم عملية الاصلاح السياسي في المملكة ومنذ تسلم جلالة الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستورية مثل تشكيل لجنة الحوار الوطني التي كُلفت بانجاز عدة قوانين ابرزها قانونا الانتخاب والاحزاب ، وكنتيجة لهذه اللجنة تم تشكيل لجنة اخرى لاجراء التعديلات الدستورية .
واشار الى اهم المحطات المشرقة في عهد جلالته حيث انه ولأول مرة يتم تشكيل محكمة دستورية وهيئة مستقلة للانتخابات كما تم ادخال تعديلات على اكثر من 42 مادة في الدستور معتبرها محطة لمشروعات كبيرة تصب في عملية الاصلاح.
واشار الى قول جلالة الملك بان التعديلات الدستورية هي مرحلة اولى , وتؤسس لمراحل قادمة .
ودعا ارديسات الى الاستفادة من تجربة الانتخابات واعادة تقييم المرحلة للاستفادة منها لاحقا خاصة فيما تعلق منها بالقوائم والبرامج وتشجيع الناس على انتخاب الاحزاب وفق برامج محددة .
النائب السابق عميد كلية العلوم في جامعة العلوم الاسلامية العالمية الدكتورة أدب السعود قالت ان عهد المملكة الرابعة تعتبر فترة مميزة عملت على النهوض بواقع المرأة , اذ ان الارادة السياسية كانت داعمة للمرأة في جميع المجالات من حيث اجراء اول تعديل على قانون الانتخاب عام 2003 بدخول المرأة ومشاركتها في مجلس النواب وتوالت التعديلات الى ان وصلت حصة المرأة بالمجلس الى 15 مقعدا .
واشارت الى دعم جلالته للمرأة في السلك القضائي والدبلوماسي وتواصله مع الشباب في المجالات كافة .
وبينت ان ما يميز الاصلاح انه يأتي بمبادرات من القيادة الهاشمية وتناغمها مع المطالب الشعبية موضحة ان ما شهده الاردن من حراكات لم يقترن باي شكل من اشكال القمع بل تم التعامل معها بسلمية وباسلوب حضاري يتماشى مع الواقع الاردني والارادة السياسية في التجاوب مع المطالب التي يضمها الاصلاح .
وقالت السعود ان هناك العديد من الاصلاحات التي شهدتها المملكة الرابعة كتشكيل لجنة الحوار الوطني والتعديلات الدستورية وانشاء المحكمة الدستورية ومحاربة الفساد الذي ركز عليه جلالته في العديد من خطاباته وكتب التكليف السامية .
