تفاصيل مثيرة حول قتل أسيرين فسلطينيين في "الحافلة 300"

المدينة نيوز - بعد 29 عامًا، أماطت وثائق "إسرائيلية" اللثام بمعلومات جديدة عن قتل أسيرين فلسطينيين مكبلين، وهو ما عرف إعلاميًّا بفضيحة "الحافلة 300".
وبحسب الجزيرة نت، فقد حكت الوثائق أن أربعة من شباب قطاع غزة في سن الثامنة عشرة قد اختطفوا عام 1984م حافلة "إسرائيلية" من تل أبيب إلى دير البلح، بهدف مفاوضة الاحتلال على الإفراج عن أسرى فلسطينيين.
واستشهد في العملية جمال قبلان من قرية عبسان، ومحمد أبو بركة من بني سهيلة، وتم إعدام زميليهما صبحي أبو جامع وابن عمه مجدي أبو جامع من بني سهيلة بعد أسرهما.
وعمدت "إسرائيل" وقتها للتفاوض مع المختطفين - والذين اتضح بعدها أن بحوزتهم سكينًا فقط -في محاولة لاستنزاف قوتهم قبيل شن الهجوم عليهم، فقتل اثنان من الخاطفين الفلسطينيين وسيدة "إسرائيلية" برصاص القوات "الإسرائيلية" الخاصة (الكوماندوز).
وفي اليوم التالي، أعلنت "إسرائيل" عن تخليص الرهائن ومقتل الخاطفين الأربعة، وبعد النشر الرسمي تجرأت صحيفة "حداشوت" على نشر صورة الفدائيين المكبلين وهما على قيد الحياة سالمين بالكامل بعد انتهاء العملية، مما يؤكد أنهما قتلا عمدًا وهما مكبلان، وكانت لجنة "زوريع" قد تشكلت بعد عشرة أيام من العاصفة الدولية بعد كشف صحيفة "حداشوت".
وبعد دعوى قضائية رفعتها هاآرتس للمحكمة العليا، نشرت لأول مرة الشهادات ومحاضر جلسات لجنة التحقيق التي ظلت في طي الكتمان.
وتكشف وثائق اللجنة عن تفاصيل جديدة عن عملية الإعدام للشابين وتظهر الأكاذيب ومحاولات التلفيق وطمس حقيقة الجريمة.
ومن بين ذلك تحويل جهاز الشاباك أحد أعضائها يوسي جينوسار لحصان طروادة لتسريب معلوماتها له كي ينسق رواية ملفقة لرجالاته، وفيها تم تركيز تهمة الضرب والقتل لقائد الجنوب في الجيش يتسحاق مردخاي، الذي اضطر للدفاع عن نفسه للتوجه للمحكمة، مما أتاح وقتها فضح المزيد من الحقائق.
وبخلاف مزاعمه في الفيلم "الإسرائيلي" الجديد "حراس العتبة"، تكشف الوثائق أن رئيس الشاباك الأسبق أفرهام شالوم شارك بنفسه في ضرب الأسيرين الشابين سوية مع العشرات من الجنود ورجال الشاباك.
ويستدل من مراجعة المعطيات أن رجال الجيش والشاباك اقتادوا الشابين مكبلين إلى حقل قمح مجاور للحافلة، بعد تخليص الرهائن، وهناك أوسعوهما ضربًا بأعقاب البنادق والمسدسات والركلات.
وفي واحدة من الإفادات، يقول جندي: "شاهدت جنودًا ومواطنين يركلون الشابين بالوجه والبطن وبمواضع حساسة، ولم تتوقف الضربات رغم صرخات الاستغاثة والبكاء حتى اقشعر بدني".
ووفق شهادات أخرى، قام قائد قسم العمليات الخاصة في الشاباك إيهود يتوم بتوجيه من رئيس الشاباك أفرهام شالوم بمشاركة آخرين بقتل الأسيرين داخل كرم زيتون مجاور بتحطيم رأسيهما بالحجارة وقضبان حديدية، قبل نقلهما لـ عسقلان.
وفي شهادته، يقول رئيس دائرة العرب في قطاع الجنوب داخل الشاباك: "أمرنا القائد إيهود يتوم بإدخال الشابين إلى مركبة وهما ينزفان دون حمالة، وما لبثت أرضيتها أن صارت بركة دم".
وبعد توجه مردخاي للمحكمة وكشفه عن الكثير من الحقائق، طالب المستشار القضائي للحكومة "الإسرائيلية" وقتها يتسحاق زمير بفتح ملف تحقيق ضد قادة الشاباك. لكن رئيس الحكومة شمعون بيريز ووزير الخارجية يعقوب شمير تدخلا وأقالا زمير، وما لبثا أن اهتما بمنح كل المتورطين بالقتل عفوًا استباقيًّا، وقَبَرَا القضية، ثم بعد سنوات انتخب إيهود يتوم في الكنيست نائبًا عن حزب الليكود.
وتقول هاآرتس في افتتاحيتها: إن هذه التفاصيل الجديدة تدلل على أن استخلاصات لجنة زوريع التي أدانت مردخاي كانت مبنية على جبال من الأكاذيب، وتظهر فساد المعايير المعمول بها من قبل المخابرات "الإسرائيلية" التي تلائم "جمهوريات الموز" الظلامية.
ولم يكن ممكنًا الكشف عن هذه الفضيحة لولا صورة فوتوغرافية نشرتها "حداشوت" وهي للمصور الصحافي أليكس لايباك الذي يقول للجزيرة نت: إنه لم يدرك وقتها أن "قنبلة صحافية" بحوزته.
ويعتبر لايبك أن الصورة تلك تعبير عن القوة الكامنة بيد الصحافة حينما تكون مستقلة. وردًّا على سؤال الجزيرة نت يقول: إن الإسكات وطمس الحقائق باسم الأمن ما زال قائمًا بـ"إسرائيل" حتى اليوم.
ودفع النشر السلطات "الإسرائيلية" وقتها لإغلاق الصحيفة أربعة أيام، ونظرًا لعزوف القراء "الإسرائيليين" عنها أفلست وتوقفت عن الصدور في العام التالي.