ضعف تطبيق القوانين واللجوء للواسطة وراء تداعيات العنف الجامعي

المدينة نيوز- اجمع اكاديميون على ان ظاهرة العنف الجامعي تفاقمت تداعياتها ووصلت الى ذروتها نظرا لضعف تطبيق القوانين وتدخل الواسطة والمحسوبية وضعف العملية التربوية .
وقالوا ان هناك اسبابا اقتصادية واجتماعية تدفع بالطلبة الى ممارسة سلوكيات خاطئة اضافة الى قلة الانشطة اللامنهجية وضعف الدور الجامعي في ضبط هذه الظاهرة لافتين الى ما حدث في بعض الجامعات وما نتج عنها من تداعيات ادت الى تعليق الدراسة .
مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية الدكتور موسى شتيوي قال ان ظاهرة العنف الجامعي مظهر من مظاهر ازمة التعليم العالي في المملكة وذلك نتيجة لعوامل كثيرة مترسخة بمؤسسات التعليم العالي مشيرا الى ان الدراسات العلمية بينت ان الخلفيات الاكاديمية للطلبة وتحصيلهم العلمي وتركزهم في الكليات الانسانية التي لا يرغبها الطالب من العوامل المؤدية للعنف الجامعي .
واضاف ان من بين العوامل المؤدية للعنف الجامعي ايضا الفراغ المنهجي الذي يعانيه الطالب في الجامعة ومن هنا يبرز دور عمادة شؤون الطلبة في مساعدة الطلبة على الانخراط بالانشطة والبرامج التي تشغل وقت الفراغ لديهم اضافة الى الدور التنويري للاساتذة الجامعيين .
وبين ان العملية التعليمية في المملكة اصبحت اجرائية روتينية لا تعمل على صقل مواهب ونشاطات الطلبة .
واشار الى ان " انتخابات مجالس الطلبة وحدت الهويات الفرعية بالمجتمع , اذ عملت على نقلها للجامعة وادخلت العشائر والاحزاب في حدة المنافسة فيها الامر الذي يفرغها من طبيعتها ما جعل هذه الانتخابات تكون بمثابة المكانة الاجتماعية التي ينحدر منها الطالب الفائز " .
وقال ان المعالجة الجامعية وهي ( امن الجامعة ) تتحدد بثلاثة امور اولها ان افراد الامن الجامعي من المجتمع المحلي ذاته وقد يكون من عشائر متصادمة تنحاز لطرف ما وتعتبر جزءا من المشكلة وثانيها ضعف التدريب والتأهيل والكفاءة عند بعضهم ناهيك عن عدم تمتعهم بصفة الضابطة العدلية والتي تجعل رجل الامن الجامعي ذا صفة قانونية يمارس دوره بكل كفاءة واقتدار .
وقال شتيوي ان وزارة التعليم العالي شكلت العام المنصرم لجنة لوضع استراتيجية الحد من العنف في الجامعات الاردنية تتضمن الاجراءات والسياسات المطلوب عملها في حال حدوث مشكلة الا انه ولغاية الان لم يتم العمل بها وتنفيذها .
وطالب بوضع آلية لتطبيق الاستراتيجيات انطلاقا من المسؤولية القانونية والاخلاقية للقضاء على هذه الظاهرة التي يقع الدور الاكبر فيها على وزارة التعليم العالي .
استاذ علم الاجتماع المشارك في جامعتي مؤتة , والبلقاء التطبيقية/ العقبة الدكتور حسين محادين قال ان الذي يجري من عنف بين الطلبة داخل اسوار الجامعة ليس وليد اللحظة من منظور علمي , انما هو ذروة في محطات السلوك العنيف الذي لم نتنبه اليه من قبل , اذ كان يقتصر حديثنا دائما عن العنف الدموي المؤذي والعنف اللفظي اليومي وغيره من اشكال العنف .
وبين ان صمتنا السابق لعب دورا ضمنيا في تطور وتفاقم الامور عبر عدد من المؤشرات اهمها عدم تطبيق القوانين وتدخل الواسطة والعشائرية التي افرغت الجامعات من المحتوى الفكري والاستعمال الخاطىء لمفهوم الجهوية عند الطلبة اضافة الى عدم اهتمام الاساتذة الجامعيين بالانشطة الموازية للمنهاج .
وقال ان مدخلات الطلبة والمناهج الدراسية غالبيتها ضعيفة ولا تعتمد على معايير الكفاءة الامر الذي جعل من البيئة الجامعية بيئة غير محصنة , بحيث نتمكن من فلترة امراض المجتمع او المفاهيم الضعيفة منه , فلم يعد هناك فارق بين ما يحصل بالمجتمع وما يحدث من عنف في الجامعات .
وبين ان مكانة الجامعة تراجعت نظرا لعدم قيام صناع القرار بتطبيق الدراسات العالمية والعلمية بما يحصل على ارض الواقع اضافة الى اتخاذ القرارات التي لا تستند الى حقائق انما تتخذ من اللحظية والارتجال عنوانا لها .
وقال محادين ان هناك عمليات يجب الاخذ بها للحد من هذه الظاهرة , تبدأ بالتوعية من داخل الاسرة مرورا بالمؤسسات الدينية ووسائل الاعلام اضافة الى تطبيق القوانين بعيدا عن المراوغة واللبس بالتطبيق والابتعاد عن الواسطة للحيلولة دون تطبيق القانون الى جانب اختيار الاكفياء لترؤس الجامعات والابتعاد عن المحاصصة مع التاكيد على ان الجامعة ليست (مرجلة) للتعليم ,انما وحدة تنموية ورصيد الاردنيين الثمين .
ورأى مستشار جامعة فيلادلفيا الدكتور ابراهيم بدران ان ظاهرة العنف في الجامعات تعود لعدة اسباب منها اجتماعية – اقتصادية , واكاديمية , واخرى ثقافية بالإضافة الى ما يطلق عليه بالممارسة والمشاهدة والتي ترتبط بأوقات الفراغ لدى الطلبة خاصة الدارسين لتخصصات الكليات الانسانية.
وقال : ان المملكة تمر بأزمة اقتصادية تتفاقم عاما بعد عام وهذا ينعكس على الشباب بشكل واضح ما يجعله في اجواء مشحونة بالتوتر، مبينا ان الدولة مطالبة بوضع برنامج تنموي طويل الامد لإقامة مشروعات تهدف الى تطوير القرى والمحافظات ما ينعكس على الشباب باثر ايجابي.
وبين " ان قانون الانتخاب الذي اعتمد على الدوائر الضيقة اوجد حالة نفسية واجتماعية اسهمت في الرجوع الى العشيرة ما حدا بالطالب ايضا الى السعي تجاه العشيرة لحل كل خلاف يحصل معه في الجامعة ".
واشار الدكتور بدران الى " ان الاعلام وضعف الثقافة وتبعثر وتشتت الآراء والاختلاف الكبير في التوجهات بين قادة الرأي وبين الاحزاب اوجدت حالة معاناة لدى الشباب بشكل عام ومنهم طلبة الجامعات ".
واوضح ان الاجواء المحيطة بالطالب الجامعي مشحونة خاصة انها مرتبطة بضعف الموارد الاقتصادية وبالحالة السياسية وهذا لا يساعده على الهدوء بحيث يركز بشكل اكبر على تحصيله الدراسي، مضيفا ان اعادة تطبيق خدمة العلم قد تسهم في اعادة صهر الطلبة في اطار واحد بعد المدرسة ضمن القانون والنظام والانضباط.
وطالب بان يتم الاهتمام بالجانب الاكاديمي لدى الطلبة في المدرسة بحيث يتم التركيز على قيم المواطنة والعمل المشترك وقبول الاخر حتى يأتي الطالب وهو مهيأ للجامعة وقادر على تقبل الافكار التي تراعي طبيعة ومصلحة الوطن والتفاعل معها ومع مفرداتها.
واقترح ان تبادر الجامعات في البحث عن نقاط الضعف فيها خاصة تلك التي تشهد بعض حالات العنف بحيث تغير من استراتيجيتها واهدافها وبرامجها وحتى من كوادرها حتى تعود الامور الى نصابها بالتعاون مع المجتمع المحلي وذوي الطلبة.
وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور امين محمود قال ان الوزارة في هذه المرحلة معنية بالخطوات التنفيذية ولدينا استراتيجيات وخطط سنبدأ بتنفيذها لمعالجة هذه الظاهرة على ارض الواقع .
واشار الى ان الوزارة اعدت ورقة عمل لتحديد معالم الطريق الاصلاحية وسيتم خلال الاسبوع المقبل دعوة رؤساء الجامعات للخروج بدليل يقودنا الى الطريق الصحيح ضمن اسس ومناهج علمية .
وقال انه يقع على الادارة الجامعية الجانب الاكبر للحد من هذه المشكلة عن طريق زيادة تواصلها مع الطلبة وانخراطهم بالحركة الكشفية والنشاطات اللامنهجية مشيرا الى ان التزايد الكمي السريع في عدد مؤسسات التعليم العالي مع عدم توازن ذلك بالتقدم النوعي ادى الى احداث خلل في العملية التعليمية .
واضاف اننا بأمس الحاجة الان لتشجيع وتنمية مسارات التعليم المهنية مشيرا الى ان ما بين 60 الى 70 بالمئة من طلبة الجامعات هم في الكليات الانسانية والادارية .
واشار الى ضرورة توجه الجامعات الى التخصصات المهنية والتقنية مبينا ان التنشئة البيتية ورياض الاطفال وصولا الى المدارس تعمل على تنمية التفكير النقدي والتحليلي وتنمية الرغبة في العلم والتوجه نحو حسن استخدام التقنيات .
واشار الدكتور محمود الى ان ما حصل في جامعة مؤتة واتخاذ قرار بتعليق الدراسة فيها جاء بقرار من مجلس عمداء الجامعة وقمنا بتعزيز هذا القرار كون الوزارة معنية فقط بوضع ورسم السياسات والاستراتيجيات .
وقال ان هذه الظاهرة استثنائية وغير متجذرة بالشعب الاردني وما يتمتع به الاردن من امن واستقرار وسمعة تعليمية عالية جعله محط انظار العديد من الدول لايفاد طلبتها للدراسة بالاردن . (بترا)