مكاتب الإصلاح والتوفيق الأسري تسعى للتراضي قبل التقاضي

المدينة نيوز- انتظرت الهيئات والمؤسسات النسائية ومعها العديد من الأسر في المملكة عشر سنوات لإقرار نظام مكاتب الاصلاح والتوفيق الأسري الذي قد يسهم في التقليل من حالات الطلاق التي تصل الى 16 الفا سنويا بحسب ارقام دائرة قاضي القضاة.
ويأمل المفتش العام للمحاكم الشرعية في الدائرة الدكتور اشرف العمري بان تسهم هذه المكاتب في تخفيض عدد دعاوى الطلاق المختلفة والتي تصل الى ما يزيد عن 70 الفا سنويا ، واختصار الاجراءات في المحاكم الشرعية وتخفيف الكلف المالية والمعاناة والاثار النفسية , وتقديم الارشاد الاسري للمواطنين بشكل مباشر في أي مشكلة اسرية .
ويبين ان هذه المكاتب ستكون كمديرية رئيسة في دائرة قاضي القضاة يترأسها قاض يشرف عليها مشيرا الى ان مكاتب الاصلاح ستبدأ بمحكمتي عمان والسلط ، وصولا الى 67 محكمة شرعية اخرى منتشرة في المملكة.
ويوضح ان آلية عمل المكاتب تبدأ من المحكمة التي تقوم بتحويل القضايا موضوع النزاع الى رئيس المكتب الذي يشكل هيئة اصلاح مكونة من شخصين او ثلاثة من ذوي الخبرة كل في مجال اختصاصه من خارج المحكمة للجلوس مع الاطراف المتنازعة والوقوف على اسباب النزاع والبحث عن حلول توافقية ترضي جميع الاطراف، بحيث اذا حصل طلاق يتم الخروج من النزاع باقل الاضرار.
ويقول الدكتور العمري انه بموجب النظام فقد اتيح للقضاة الشرعيين تحويل النزاعات الاسرية الى مكاتب الاصلاح بحسب ما يرونه مناسبا ، خاصة تلك النزاعات التي تتوفر في أغلبها امكانية الاصلاح ومنها النفقات بشكل عام والقضايا المالية كالمهور وحضانة الاطفال ورعاية شؤونهم بشكل خاص. وترى المديرة التنفيذية لمركز مجموعة القانون من أجل حقوق الإنسان (ميزان) المحامية إيفا أبو حلاوة ان انشاء مكاتب الاصلاح والتوفيق الاسري خطوة مهمة وايجابية رغم تأخرها عشر سنوات مضيفة انه كان بالإمكان تفادي الكثير من القضايا المنظورة امام القضاء والتي تتعلق بالنزاعات الاسرية المؤدية الى التفكك الاسري الذي له اثاره على الاطفال، وتقصير امد النزاعات وتشعبها.
وتقول " ان أحد اسباب انتشار الجريمة بين الاطفال يتمثل بوجود اطفال جانحين من أسر مفككة نتيجة للنزاعات الاسرية ما يعني زيادة العنف في المجتمع لعدم توفر حلول بطريقة مؤسسية بحيث يدرك كل طرف حقوقه". وتطالب المحامية ابو حلاوة بان تركز مكاتب الاصلاح في عملها على ارشاد وتوعية المقبلين على الزواج , اذ ان معظم الاشكالات التي نواجهها في المحاكم تنتج عن سوء الاختيار بالإضافة الى زواج صغيرات السن دون التأكد من الرضى الكامل , الى جانب الاستعانة بخبرات الاشخاص المؤهلين الذين لديهم مهارات في الوساطة وتدريبهم على تحقيق العدل والانصاف بين جميع الاطراف.
وتؤكد ضرورة ان تكون الحلول الصادرة عن مكاتب الاصلاح والتوفيق الاسري موثقة ولا تميل بالاتجاه الاخر ناحية الرجل على اعتبار انه دائما على حق.
وتتمنى ان يكون لدينا كأسر تقبل لثقافة ما بعد الطلاق التي تركز على حماية الاطفال والاهتمام بهم ورعايتهم من قبل اسرة الزوج والزوجة، وعدم امتداد الخلافات بين العائلتين.
استاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة والبلقاء التطبيقية الدكتور حسين محادين يقول ان الطبائع البشرية بين الازواج تحديدا تظهر عدم وجود تطابق بشكل كامل بينهما حيث ان كلا منهما جاء من بيئة وطباع مختلفة .
ويوضح ان وجود خلافات بين الازواج امر متوقع، وبالتالي فان وجود مؤسسات تسعى للوفاق الاسري , محاولة مؤسسية للحفاظ على استمرارية الاسرة والعلاقة الزوجية ما يعني ان هناك ضرورة شرعية واجتماعية للحفاظ على هذه المؤسسة في ظل مجتمع آخذ في الحداثة والقيم الفردية والحريات الشخصية، مبينا ان هذه كلها عوامل اصبحت تهدد نظام الاسرة وتنافسه على الاقل خصوصا ان هناك ارتفاعا في نسبة الطلاق في السنتين الاولى والثانية من عمر الزواج الذي يترابط مع تأخر سن الزواج في مجتمعنا.
ويشيد الدكتور محادين بإقرار نظام مكاتب الاصلاح والتوفيق الأسري املا بان تسعى الى التقليل من حالات الطلاق , ومحاولة اصلاح ذات البين بما يحصن المجتمع دينيا واخلاقيا.
ويشير الى ان انتشار الطلاق في المجتمع يمثل حالة مرضية في البناء الاجتماعي لأي مجتمع حيث تنتشر العلاقات خارج مؤسسة الزواج ويظهر الاطفال من مجهولي النسب .
(بترا)