150 عائلة يعيشون في الكهوف وبيوت الشعر وبين العقارب والافاعي بسبب الفقر

تم نشره الإثنين 13 تمّوز / يوليو 2009 02:51 مساءً
150 عائلة يعيشون في الكهوف وبيوت الشعر وبين العقارب والافاعي بسبب الفقر

المدينة نيوز - اخلاص القاضي- فقد بسام طفلته عائشة ابنة الثلاثة اعوام للابد بعد ان غرقت في تجمع للمياه مخصص لسقاية الماشية امام بيت الشعر الذي يقطنه على اطراف مدينة الشوبك جنوب المملكة .

 وتكبد محمد عناء متابعة حالة ابنته الصحية بعد سقوطها من جرف عال هناك لتتكسر اطرافها اثناء قيامها بتجميع المياه في (جالونات) وجلبها لبيت الشعر على ظهر دابة .

 

ولاسباب مادية حالت دون مجيئه الى مستشفى البشير في عمان يعجز سليمان 28 عاما عن متابعة اجراء عملية جراحية ثالثة لشفة طفله (الارنبية )الذي حرم من الدراسة بسببها لعدم قدرته على النطق .

 

ويلتحف الثمانيني الحاج عواد , السماء ويفترش الارض , وهو الذي صنع من ( فوّهة ابريق شاي قديم ) غليونا يضيّع من خلاله وقت انتظار الفرج قائلا الى وكالة الانباء الاردنية " عشت طوال عمري بانتظار يوم احمل فيه مفتاحا لبيت مستقر ولا زلت احلم به حتى اللحظة " .

 

بسام ومحمد وسليمان والحاج عواد لا يعيشون لوحدهم ضنك العيش ومره بل هم ضمن قرابة المئة وخمسين عائلة تلوذ في بيوت من الشعر صيفا وفي المغر والكهوف شتاء في مناطق متفرقة من الشوبك الواقعة على ما مساحته 640 كيلو مترا مربعا .

 

ويتحمل هؤلاء ظروف العيش التي توصف في حدها الادنى بالمأساوية حسب ما رصدتها وكالة الانباء الاردنية التي جالت على مناطقهم المنتشرة في البستان وابو مخطوب وشماخ القديمة , اذ يعيشون في العراء على امل غيث يأتيهم بقطرات من الاستقرار في بيوت آمنة ليعيشوا وفقا لتمنياتهم ضمن الخمسة عشر الف مواطن ممن يشكلون عدد سكان الشوبك .

 

يقول ابو عبدالله العتايقة الذي يبلغ عمره سبعين عاما " رغم ان الكثير منا يتقاضى رواتب من صندوق المعونة الوطنية الا اننا نعيش عيشة مهانة وقهر بين الافاعي والعقارب وانواع غريبة من الزواحف فضلا عن الضباع , نحلم بيوم نستقر فيه ضمن بيوت عادية شأننا شأن بقية الناس ".

 

فيما يقول ابنه البكر مثل الكثيرين من ابناء جيله انه عاطل عن العمل بسبب عدم مقدرته على اكمال دراسته جراء ظروف الترحال التي يعيشونها بين الصيف والشتاء هربا من الحر والبرد .

 

ويضيف: تركت المدرسة لسبب اخر وهو عدم مقدرتي على تبديل ملابسي او شراء غيرها, اضافة الى بعد المدرسة التي كنت ارحل اليها يوميا لمسافة تصل الى حوالي خمسة عشر كيلو مترا ذهابا وايابا .

 

ولا تشكو الحاجة حربة التي ناهزت الخمسين عاما من عيشها في احدى المغر الملحقة ( بتشطيبات ) من الطين والحجر فحسب بل انها تدفع ايجارا سنويا بدل السكن فيها يصل الى حوالي 75 دينارا , رغم عدم توفر الماء والكهرباء او اي من المرافق الصحية قائلة " نقضي حاجاتنا في العراء وراء احدى التلال ".

 

تقول فاطمة التي تسكن المغارة ذاتها : نحن والحمدلله نعيش على الخبز (الحاف) ولا نعرف طعم اللحم او الدجاج الا في الاعياد او المناسبات , ورغم ذلك فان همنا ليس الاكل والشرب وانما في بيوت تحمينا , قائلة " والله عيشتنا هذه لا تطاق ".

 

وفي منطقة مغر اخرى تقع على اطراف الشوبك فانه لا شيء يشي بوجود الحياة الطبيعية حيث يرسم كل واحد من ساكنيها حياته كيفما اتفق , اذ تحوي تلك المغر او الكهوف كما يطلق عليها السكان هناك على بقايا لعلب فارغة واثاث وخزائن وخردة طوعت جميعها لاغراض مختلفة , في الوقت الذي لا يختلف فيه قاطنوها على استحقاق اللجوء اليها " فكل واحد عارف بمغارته " كما يقول الموظف طالب العرني احد سكان الشوبك .

 

ولا تعرف الخمسينية ام محمد العودات التي تعيش في منطقة نائية مفصولة كليا عن العالم الخارجي الا طريقا واحدا يربطها ببيت الشعر الا وهو الطريق المؤدي الى تجمع للمياه في اسفل الوادي المحاذي لبيت الشعر خاصتها حيث تذهب لجلب المياه على ظهر الدابة معربة عن خوفها على بناتها الثلاث اللواتي لم يختلطن بالمجتمع المحلي ولم يتعلمن في مدرسة البتة , بسبب ظروف الترحال .

 

ووفقا لتلك الظروف كما يقول الموظف العرني فان الاطفال في تلك المناطق حرموا من فرص التعليم بسبب ظروف الترحال وبعد المدارس عن مناطق تجمعاتهم اذ يتطلب الوصول الى اقرب مدرسة السير على الاقدام لمسافات تتراوح بين 6 الى 10 كيلو مترات , فيما يتلخص دور المرأة التي تعاني الامرين كما يوضح في جمع الحطب وجلب المياه بواسطة الدواب اضافة الى تأمين لقمة العيش التي تختصر في تحضير الخبز كوجبة اساسية ووحيدة .

 

ويعتمد الرجال هناك في حلهم وترحالهم على تربية الاغنام التي تناقصت اعدادها في السنوات الاخيرة بسبب الجفاف وقلة المراعي وغلاء الاعلاف وفقا لقوله .

 

يقول رئيس بلدية الشوبك عبد الرحمن الطورة ان حياة الترحال التي يعيشها هؤلاء هي جزء لا يتجزأ من طبيعة حياتهم الا انه من حق اي انسان ان يعيش في بيت مستقر مشيرا الى ان الكثير من طلبات المواطنين المتعلقة بالاستقرار والاسكان تحققت في الشوبك حيث كان جلالة الملك عبدالله الثاني قد وضع حجر اساس لمطل الشوبك الذي يعتبر نقطة البدء في مشروع سكن كريم لعيش كريم على مستوى المملكة .

 

ويشير الى ان عدم تعلم فئة من قاطني بيوت الشعر في المدارس مرده الى اسباب مختلفة تتعلق بطريقة التفكير او العيش وليس لغياب المدارس التي يصل عددها في اللواء الى 33 مدرسة مؤكدا اهمية البعد عن ثقافة الاتكال وضرورة البحث عن فرص مختلفة للعيش وتوسيع مصادر الرزق طلبا للاستقرار المستقبلي , اي ان يقوم كل فرد بالاعتماد على نفسه من منطلق مبدأ تكافؤ الفرص. 

ويضيف انه وعلى الرغم من ان بلدية الشوبك هي البلدية الوحيدة في المملكة الحائزة بعد امانة عمان الكبرى على شهادة نظام ادارة الجودة للسنة الرابعة على التوالي الا ان فيها مشكلات تواجهها ومن بينها الهجرة منها الى باقي المدن وغياب الاستثمارات التي تشغّل اعدادا كبيرة من المواطنين وتثبتهم في مناطقهم وتحد من هجرتهم فضلا عن تدني بل وضآلة الانتاج الزراعي بسبب قلة الامطار وغلاء اسعار المياه ما يحد من قدرة المواطنين على الزراعة وتوفير متطلبات حياتهم من الانتاج النباتي والحيواني على حد سواء. 

وفي ذات السياق يؤكد متصرف لواء الشوبك حسين الضمور ان مشكلة قاطني بيوت الشعر والكهوف تحل من خلال مكارم جلالة الملك عبدالله الثاني او من خلال رئاسة الوزراء مشيرا الى ان المتصرفية كانت قد قامت بمخاطبة الجهات المعنية من اجل حل مشكلتهم عبر تخصيص قطعة ارض لهم , وان المتصرفية بانتظار الرد . 

مدير مديرية التنمية الاجتماعية في اللواء زياد البدور يقول ان المديرية تقوم بصرف رواتب شهرية لبعض قاطني بيوت الشعر والكهوف استنادا الى تعليمات واسس الصرف وتقارير الباحثين الاجتماعيين وردود الجهات المختصة كاللجان الطبية والضمان الاجتماعي والاقراض الزراعي ودائرة الاراضي وغيرها.

 ويشير في هذا الصدد الى حاجة هؤلاء الى البيوت الامنة المستقرة معربا عن امله في حل مشكلتهم من خلال مساكن الاسر العفيفة , "بيد ان عدم وجود قطعة ارض مخصصة لذلك يصعّب من حل مشكلتهم "كما يوضح .

 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات