الذاهبون شرقا من جهة الغرب

توزير النواب على الطريقة التي أرادها رئيس الوزراء والنواب بدعة أردنية أو أنها قلة استيعاب وفهم لمعنى الوزراء النواب. والامر ليس غريبا عليهم طالما ليس منهم مدركا او مؤيدا بجد لمفاهيم الاغلبية والاقلية البرلمانية التي بموجبها تتولى الاولى السلطة التنفيذية والثانية المعارضة الديمقراطية، باعتبار ان خيارات الناخبين واصواتهم تذهب لبرامج سياسية وليس نحو افراد وممثلي عشائر وقبائل ومناطق واصحاب المال والكوتات التي يتكون منها مجلس النواب ولا يختلف التركيب بالنسبة للحكومة.
النائب في البرلمان الاردني لا يستند الى اي منظومة جماعية مؤسسية كمرجعية له، وانما لمخزونه الشخصي الثقافي والاجتماعي، ولا يختلف حال اي وزير بالحكومة عن هذا الواقع، وبذات رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب، ما يعني ان العمل السياسي الاردني برمته أساسه فردي شخصي تنفيذي وتجريبي، ولا ينطبق الحال على السلطة القضائية التي تستند حكما للدستور والقوانين كنصوص تلتزم بها في اداء عملها المراتبي المراقب ذاتيا اكثر ما يكون، وهذ السلطة رغم ما فيها من نواقص وتعدٍ وتغول عليها بربطها فنيا بوزير الا انها تظل الاكثر استقلالا.
ليس خافيا ان حال الدولة الاردنية المؤسسي من حيث الجوهر هو نفسه منذ خمسينيات القرن الماضي، وان الغاء الاحكام العرفية عام 1989 وسن قانون الاحزاب وعودة الحياة البرلمانية وصدور الميثاق الوطني، وحتى التعديلات الدستورية لم تغير كلها عمليا من أمره شيئا. وذلك بسبب استمرار ذات النهج في اختيار السلطات. ففي الخمسينيات كانت الحكومات تتشكل بالتعيين وهي الان كذلك، وكان مجلس النواب ينتخب بقانون وذات الحال الان، وكان الملك رأسا للسلطات وهو الان كذلك، وكان رئيس الوزراء وزيرا للدفاع شكلا والحال نفسه الان، وكانت الاجهزة الامنية مستقلة عن وزير الداخلية عمليا، وربما الان بدرجة مختلفة لانه كان جنرالا، وهو ما زال «طازجا»، وكان الشعب ممولا لخزينة الدولة وما يزال.
عمليا لم يتغير الواقع الاردني الاجتماعي والاقتصادي بقدر ما شوه، والسنوات الاخيرة هي الاكثر ترديا، اذ ان القفزات الكونية السريعة والمتلاحقة خلالها في شتى مجالات الحياة التي فرضتها الاختراعات التكنولوجية على وسائل الاتصال والتواصل والصناعات العسكرية التي قلبت موازين العوامل الامنية والتحالفات وغير ذلك مما نستهلكه قسرا بلا استيعاب او فائدة ترجى، كل ذلك ونحن مشدوهون ببله فقط ولم ندرك بعد معنى اصلاح النظام والتغيير. ( السبيل )