الكتائب الإسلامية المقاتلة في سوريا : عددها ومنطلقاتها وأهدافها

تم نشره الأحد 23rd حزيران / يونيو 2013 07:01 مساءً
الكتائب الإسلامية المقاتلة في سوريا : عددها ومنطلقاتها وأهدافها
مقاتلون من جبهة النصرة

المدينة نيوز -: شدد البيان الختامي لمجموعة الثمانية التي عقدت في ايرلندا الشمالية الاسبوع الماضي على ضرورة " القضاء " على المجموعات التي وصفتها بالمتطرفة وخاصة التي تتبع لتنظيم القاعدة وعلى رأسها " جبهة النصرة " التي أدرجتها الولايات المتحدة ضمن المنظمات الإرهابية .

وكانت الجماعات التي تصنف بـ " الإرهابية " وفق التوصيف الغربي ، قد توحدت وشكلت مجموعة عسكرية جديدة تحت اسم " جيش المهاجرين والأنصار " .

وفسّر مراقبون هذه الخطوة بمحاولة تلك الجماعات الافلات من التسمية الدولية بالارهاب والتي تمنع عنهم التسليح الغربي والعربي ، بالاضافة الى ايجاد مجموعات " ظل " تعمل في الثورة السورية تحت مسميات جديدة دون التعرض للمحاربة من الجيش الحر أو من القوى الخارجية في قادم الأيام ..

ويتكون " المهاجرين والأنصار " من عدة كتائب وألوية أبرزها :

1 . لواء جيش محمد الذي يحتوي على 2000 مقاتل .

2 . كتائب خطاب المكون من 2400 مقاتل .

3 . كتائب المهاجرين الذي يقدر عدد المقاتلين فيها بـ 3000 جندي .

ويتزعم الجيش الجديد الشيخ عمر الشيشاني ، ومساعده أبو عبيدة المهاجر .

** لدى جبهة النصرة الآلاف من الوافدين من دول عربية واسلامية ، بالاضافة الى سوريين بالطبع يشاركونها منطلقها .

بحسب بعض المسؤولين من الجيش السوري الحر فإن جبهة النصرة تأخذ دعما عسكريا واقتصاديا قويا من الخارج في الحرب السورية ،و يظهر أن التنظيم لديه شبكة علاقات جيدة مع العالم الخارجي لتلقيه المعدات العسكرية و الاحتياجات أخرى في داخل سوريا.

آخر استراتيجية لجبهة النصرة هي الاستيلاء على المناطق و الحقول التي تحمل قيمة اقتصادية خاصة. و يلفت الانتباه إلى ان جبهة النصرة تتسلط على آبار النفط، مصانع القطن و المناطق الصناعية في منطقة الجزيرة و تبتعد القوات المرتبطة بالجيش السوري الحر عن هذه المناطق .

وأكدت تقارير استخبارية أمريكية ان المعلومات القادمة من سوريا تشير الى صعود نجم الجناح العسكري لـ " كتائب أحرار الشام " ، الذي يعمل تحت اسم " الجبهة الإسلامية السورية " ، التي بدأ نفوذها العسكري يتنامى في حلب وإدلب ومناطق أخرى.

من هنا يشير التقرير إلى ضرورة أن تتخذ واشنطن الإجراءات الكافية لتلحظ هذه الجماعات المتنامية، التي قد لا تقلّ خطورة وفعالية عن " جبهة النصرة " ، بحسب تقرير لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى .

وتضم الجبهة الإسلامية السورية ( 11 ) كتيبة موزعة على الأراضي السورية، وهي:-

** « حركة الفجر الإسلامية » ( التي تنشط في حلب وجوارها )،

** « كتائب أنصار الشام» ( في اللاذقية ومحيطها )،

** «لواء الحق» ( في حمص )،

** «جيش التوحيد» ( في دير الزور )،

** «جماعة الطليعة الإسلامية» ( في مناطق إدلب الريفية )،

** «كتيبة مصعب بن عُمير» ( في ريف حلب )،

** «كتيبة صقور الإسلام» ( في دمشق ).

** «كتائب الإيمان المقاتلة»( في دمشق ).

** «سرايا المهام الخاصة» ( في دمشق ).

** « كتيبة حمزة بن عبد المطلب » ( في دمشق ).

يُذكر أن الكتائب الخمس الأخيرة لم تسجل أي عملية على شبكة الانترنت ما يوحي بأنها غير ناشطة فعلياً على الأرض.

ولكن ما الذي يفرق الجبهة الإسلامية عن جبهة النصرة، مع العلم أن الاثنتين تتشاركان التوجه الإيديولوجي ذاته؟

** يبدو ارتباط النصرة بالقاعدة واضحاً، في حين لا يظهر أي ارتباط أو علاقة للجبهة الإسلامية مع القاعدة.

** تظهر النصرة على صفحة فايسبوك التابعة للقاعدة، تمتلك الإسلامية حسابها الخاص على تويتر و فايسبوك .

ومع أن جبهة النصرة لا تضم عدداً كبيراً من المقاتلين، إلا أن مقاتليها أكثر فعالية بسبب خبرتهم القتالية في العراق.

ويعتقد أن معظم أعضاء الجبهة هم من السوريين الذين قاتلوا في العراق خلال الوجود العسكري الأمريكي هناك، إضافة الى مقاتلين عراقيين وليبيين.

استفاد قادة جبهة النصرة من التجربة القتالية للدولة الإسلامية في العراق، والفشل الذي مُنيت به، فحاولوا استقطاب جميع أصحاب التجربة في العراق وأفغانستان أو حتى في لبنان، والذين توثقت علاقات معظمهم في سجن صيدنايا العسكري حيث كان يُعتقل السلفيون الجهاديون وغيرهم، وقرروا العمل على أساس كسب القاعدة الاجتماعية أولاً، تلك القاعدة التي كانوا قد خسروها بالصحوات، فتميز خطاب جبهة النصرة بمعالم عسكرية تتمثل في إسقاط نظام الأسد ومواجهة الشيعة (العلويون جزء منهم) وإيران، لكن لم يكن لدى النصرة أية إشارة واضحة إلى مرحلة ما بعد النظام، ولم يكن بوسع المعارضة السياسية ولا العسكرية أن ترفض مساندة جبهة النصرة رغم شكوكها في علاقتها بالقاعدة والجهل بشخصية قائدها أبي محمد الجولاني.

دخلت جبهة النصرة انعطافين مهمين:

الأول: عند إعلان الولايات المتحدة في 5 ديسمبر/كانون الأول 2012 وضعها على قائمة “الإرهاب”.

الثاني: عند إعلان أبي بكر البغدادي تبعية جبهة النصرة له، وإعلان “الدولة الإسلامية في العراق والشام”. فقد دفع الكشف الأميركي عن علاقة جبهة النصرة بالعراق، إلى إعلان الجبهة عن جميع عملياتها التي كانت تصور بعناية بأشرطة فيديو عالية الجودة ونشرها على نطاق واسع. وأدت الخيبة المؤلمة من التزام الولايات المتحدة بوعودها إلى ردة فعل عكسية استثمرتها النصرة في تكثيف دعم التأييد الشعبي، وفرض هيبتها، بحيث إن المعارضة السياسية وجدت نفسها مضطرة إلى الدفاع عن جبهة النصرة في مؤتمر أصدقاء سورية الرابع في المغرب. كما دفعت محاولة أبي بكر البغدادي استتباع جبهة النصرة وإلحاقها به إلى مسارعة قائد الجبهة إلى إعلان البيعة للظواهري تهربًا من هذا الاستتباع،؛ ولكن هذا القرار سبّب شرخًا في صفوفها وهز بعنف التعاطف الشعبي الملحوظ معها، فمعظم المقاتلين لا يعرفون هذه الصلة، فبرز تياران: تيار يريد تأييد العمل المدني التدريجي لإقامة دولة إسلامية، وآخر يؤيد إقامة دولة إسلامية في الشام تمهيدًا للخلافة الإسلامية العالمية. وقد اعتبر قادة الجهاد السوريون القدماء من أعضاء تنظيم الطليعة المقاتلة الذين لحقوا بالجهاد الأفغاني مثل أبي بصير الطرطوسي، إعلان البيعة للظواهري خطأ وخطرًا جسيمًا على العمل الجهادي في سورية، وخدمة كبيرة للنظام.

أبرز الجماعات التي تصنف بالمتشددة :

• جيش المهاجرين والأنصار .

• آحفاد الرسول .

• الفجر .

• كتائب أحرار الشام .

• لواء التوحيد .

• أحرار سوريا .

• لواء حلب الاسلامي .

• حركة الفجر الاسلامي .

جبهة النصرة : الجيل الثالث للقاعدة

إذا ما اعتبرنا أن مجاهدي أفغانستان يمثلون الجيل الأول، ومقاتلي العراق يمثلون الجيل الثاني، وفي الجيل الثالث ثمة ميل مدني واضح، وتحول في القناعة بات منتشرًا بين قادة جبهة النصرة يتمثل في توجه قادتها - بمن فيهم أبو محمد الجولاني - إلى العمل التدريجي من القاعدة إلى القمة، والانتقال من العمل المدني إلى العمل العسكري. أما قيادات النصرة فهم من السوريين، وفي الغالب من المراكز الحضرية ، ولكن قواعدها ريفية في الغالب.

توافد " المهاجرون " وهم المقاتلون الأجانب إلى سوريا لأسباب مختلفة، فقدمت طلائعهم من دولة العراق لنصرة زملائهم في جبهة النصرة، ثم تواصل قدوم الباقين عبر الشبكات الاجتماعية الخاصة تحت دوافع سياسية تخص كلاً منهم؛ فالليبيون مثلاً لديهم رغبة في الانتقام من النظام الذي ساند القذافي، والشيشانيون يقاتلون ضد الروس في سورية، وهكذا.

وهؤلاء الوافدون جرت مبالغة كبيرة في تعدادهم لأغراض سياسية ، ولكن واقع الأمر أن تعدادهم جميعًا اليوم لا يزيد عن 7 الاف مقاتل من جميع الجنسيات في جميع أنحاء سورية. يمثل المهاجرون نموذج التفكير القاعدي الصلب في شكله الجهادي في دولة العراق، فبالرغم من روح التضحية المميزة التي يتمتعون بها والإقدام والشجاعة الاستثنائية التي ينتشر خبرها في أرجاء البلاد، بحيث إن معظم " الاستشهاديين " كانوا منهم، إلا أنه مع ذلك لم يتم تقبل توجهاتهم الأيديولوجية من قبل عموم السوريين، فالشخصية الشامية المدنية المعتادة على الانفتاح لا تستطيع تقبل هذا القدر من التشدد، فانزوى الجهاديون على شكل كتائب معروفة باسم كتائب المهاجرين في الأرياف السورية الشمالية الغربية، وهي تدرك الآن أن وجودها مؤقت في سورية.

الخلافة العالمية المؤجلة

بالرغم من أن جميع الحركات الجهادية السلفية تشترك فيما بينها في فكرة الخلافة الإسلامية العالمية، إلا أن القوى السلفية الجهادية في سورية تمايزت بملامح مختلفة هي حصيلة خبراتها في الصراع مع النظام والصراع مع الكتائب والبيئة السورية، فقد وُلدت سلفية جهادية تؤمن بضرورة قيام دولة سورية ولكن إسلامية توقف العمل بالحدود مؤقتًا وتعمل على تطبيق الحدود بشكل تدريجي، مع إبقاء فكرة الخلافة العالمية مؤجلة.

هذه الجهادية المحلية الجديدة أشبه ما تكون بجهادية سلفية وطنية، وهي عمومًا تشترك في كثير من الصفات مع جبهة النصرة، بل إن لديها علاقات متميزة مع الجبهة على الرغم من الخلاف الفكري المحدود بينها. ومن بين هذه الكتائب :-

1. “كتائب أحرار الشام” التي تكونت أساسًا في ريف إدلب الشمالي في 25 يوليو/تموز 2012 والتي تحولت في نهاية فبراير/شباط 2013 إلى " حركة أحرار الشام الإسلامية " .

2. " كتائب نور الدين الزنكي " في ريف حلب الغربي التي أُعلن عن تشكيلها في أكتوبر/تشرين الأول 2012 .

3. " كتائب الطليعة المقاتلة " التي أُعلن عن تشكيلها في آب/أغسطس 2012،

4. " حركة فجر الإسلامية " في ريف إدلب الشرقي التي تشكّلت في نوفمبر/تشرين الثاني 2012.

من الملاحظ أن معظم القادة الكبار للكتائب كانوا يمتلكون خبرات قتالية في العراق (مثل أبي محمد الجولاني وقادة الجبهات في النصرة، وبعض قادة لواء الإسلام وقادة أحرار الشام)، أو أفغانستان (مثل بعض قادة الطليعة المقاتلة)، أو لبنان (مثل قائد كتائب الزنكي)، والعديد من قيادات الصف الثاني وبعض قيادات الصف الأول اعتُقلت في سجن صيدنايا العسكري بتهم تتعلق بالسلفية والسلفية الجهادية؛ حيث اعتمدت الكتائب السلفية الصاعدة على خريجي سجن صيدنايا من خلال شبكة العلاقات التي تكونت في السجن وخارجه.

على أن التنظيمات العسكرية شرعت تشكل أذرعًا مدنية لتكوين قاعدة اجتماعية لمرحلة ما بعد النظام تساعدها في تحقيق قناعاتها الأيديولوجية، على سبيل المثال شكلت جبهة النصرة بالتحالف مع لواء التوحيد وعدد آخر من الكتائب الهيئة الشرعية من أجل ملء الفراغ التنظيمي والقضائي والخدماتي والأمني في المناطق المحررة، وفكرة الهيئة الشرعية منتشرة على نطاق واسع، وهي فكرة شبيهة بتلك التي كانت للفصائل الأفغانية أيام الجهاد ضد النظام السوفيتي والحكومة الموالية له. وشكلت واحدة من الكتائب البارزة في الريف الشمالي لمدينة حلب هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تأثرًا ربما بالنموذج السعودي أو الطالباني، لكنها قوبلت بنفور اجتماعي ملحوظ.

السلفية التقليدية

تشكَّل في ريف دمشق الشرقي تنظيم سلفي بقيادة الشيخ " زهران علوش "، خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، باسم " لواء الإسلام " الذي ظهر في مارس/آذار 2012، يعتمد أساسًا على الفكر السلفي الوهابي المستند إلى الفقه الحنبلي، وقادته يحملون سلفية كلاسيكية عمومًا، وتصوراتهم السياسية لا تتجاوز الدولة الإسلامية في حدود الدولة الوطنية، مؤقتًا على الأقل، وإن كان عدد من قادته يمتلكون خبرة في القتال في العراق، علمًا بأن مدينة دوما التي تمثل معقل الثورة في الريف الشرقي لدمشق هي معقل الحنبلية الوحيد في سورية.

يمثل هذا التنظيم أكبر التنظيمات السورية المقاتلة في محيط العاصمة دمشق، ويُعتقد أن هذا التنظيم هو الذي قام بتفجير مقر الأمن القومي في حي الروضة بدمشق، الذي أودى بحياة صهر الرئيس آصف شوكت، ووزير الدفاع داود الحجة، وقائد الجيش النظامي ونائبه وعدد من كبار الضباط.

وبالرغم من ميول قادته السلفية، فإن سلفيتهم تتلاقى مع ميول إسلامية تقليدية تصلبت بفعل الحرب، فمعظم الكتائب الحليفة لهذا اللواء والمنطوية تحت مظلة " تجمع أنصار الإسلام في بلاد الشام " الذي تشكّل في أغسطس/آب 2012 مثل " كتائب الصحابة "، و " أحفاد الرسول " ، هم مسلمون تقليديون محافظون في معظمهم، لم يسبق لهم أن حملوا توجهات سياسية إسلامية أو تنظيمية.

حتى الآن لم تنشأ حركات سياسية سلفية ذات أهمية، وذلك بالرغم من أن هناك حركة سياسية غير اعتيادية بدأت في صفوف الثورة منذ تعسكرت، وحتى قبل ذلك، مثل حركة " المؤمنون يشاركون " وحزب الإصلاح والعدالة، لكن لم ينجح أي تنظيم سياسي حتى الآن بالظهور كقوة سياسية واعدة، وذلك لأن الثورة لم تنتهِ بعد، ويُنظر إلى العمل السياسي مجردًا عن العمل العسكري بكثير من الريبة.

تمثل " كتائب الأنصار " في ريف حمص التي ظهرت في يناير/كانون الثاني 2012، نموذجًا مثاليًا للفكر السلفي التقليدي؛ إذ تتبنى خطابًا يركز على العقائد والسلوك وفق منظور سلفي، وتظهر ميولاً دعوية بجانب مهمتها الجهادية، وبشكل خاص في العلاقة بين الكتائب وتوجيه سلوك المقاتلين في الكتائب الأخرى.

العديد من الكتائب بدأت تُظهر ميلاً سلفيًا لأغراض التمويل، تجلّى ذلك في الاسم أحيانًا، وفي الخطاب أحيانًا أخرى، لكن ذلك لا يعني أن الكثير من الكتائب التي تعتنق السلفية التقليدية نجحت في الظهور والتمويل، بما في ذلك أهم ألوية الجيش الحر " لواء التوحيد " الذي تشكَّل في الريف الشمالي لمدينة حلب ويتزعمه عبد القادر الصالح، وعبد العزيز سلامة، اللذان يميلان نحو الفكر السلفي. أما " لواء صقور الشام " الذي أُعلن في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، والذي يتزعمه أحمد الشيخ، فقد حرص في بداية تشكيله على الإشارة إلى أنه من الجيش الحر، إلا أنه لاحقًا تجنب ذلك وأظهر ميلاً متزايدًا نحو السلفية.

السلفية الجهادية الديمقراطية

معظم الكتائب المشكلة من متطوعين مدنيين ذات ميول سلفية وتنطوي تحت مظلة الجيش الحر ، وفي ظروف الحرب والمعارك التي تجري في سورية يبدو الأمر مفهومًا، غير أن سلفية معظم هؤلاء سلفية رخوة، بمعنى أنها لا تشكّل منظومة فكرية متماسكة بقدر ما هي أفكار متناثرة وقناعات تشكلت من ردَّات الفعل أثناء القتال، ذلك أن معظمها ديمقراطي حريص على بناء دولة ديمقراطية حديثة، ينطبق هذا على العديد من الكتائب التي تشكلت من أبناء متعلمي أبناء المدن ذاتها، مثل " كتائب أبي عمارة " في حلب.

ثمة سلفية طارئة

أيضًا بعض الكتائب مرتبطة بردة الفعل على العنف وتأثير جهات التمويل، هي سلفية براغماتية أكثر منها سلفية اعتقادية ، مثل " لواء الحق " الذي تشكّل في حمص في أغسطس/آب 2012 من كتائب حمص العاملة في المدينة وريفها. الأمر نفسه ينطبق على كتائب الفاروق التي تشكلت في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 من منشقين، ثم أظهرت بوضوح ميلاً متدرجًا في خطابها ومظاهر قادتها نحو السلفية، لكنها سلفية تشبه السلفية الرسمية الحكومية؛ فالقادة المؤسسون للكتائب هم منشقون من الجيش النظامي، وتلقوا تربية عسكرية علمانية، ولا يتفق تكوينهم مع التوجه السلفي المتشدد.

السلفية اللاعنفية :-

التي ازدهرت في أجواء الحراك المدني تحوَّرت وأخذت طابعًا مختلفًا لكنها حافظت على الطابع المدني، فقد ظلت العسكرة مفهومًا اضطراريًا وعملاً مؤقتًا، وبقي الأصل، وهو العودة إلى حياة ديمقراطية ودولة حديثة، ماكثًا في الأذهان، بحيث أدى تأثير هذا التفكير السلفي الجديد إلى جعل الكتائب والمجلس المحلي المدني في مدينة مثل داريا نموذجًا فريدًا وجذابًا لتنظيم فعال يتميز بسيطرة المدنيين على قرار القادة العسكريين.

على خلاف بعض دول الربيع العربي ومصر خصوصًا، شاركت السلفية التقليدية في الثورة السورية المدنية منذ البداية، ولكن مشاركتها المدنية لم تكن لقناعات دينية بدولة إسلامية على نموذج الخلافة بقدر ما كان مرتبطًا بإسقاط النظام وانتقامًا منه، فقد عانى السلفيون بمختلف صنوفهم من الملاحقة والمتابعة والمحاكمات الجائرة، في حين كانت ثمة عمل ممنهج من قبل النظام السوري لحماية وزيادة انتشار العدو الطبيعي للسلفية وهو " التشيع بدعم إيراني "، وكان النموذج المثالي لهذه المشاركة في مدينتي دوما وحرستا في ريف دمشق معقل السلفية التقليدية الشامية، لكن عندما تعسكرت الانتفاضة سارعت إلى العمل العسكري وبدأت مفاهيمها عن الدولة تبرز، باعتبارها دولة إسلامية مدنية قد تكون جزءًا من خلافة إسلامية في المستقبل، لكنها تركز النظر حاليًا على الدولة وليس على الخلافة على نحو ما أشرنا إليه آنفًا.

لقد ظل معقل الحركة السلفية في أطراف المدن وهوامش المراكز الحضرية، أي بقيت رغم كل شيء طرفية الطابع، وتحركها الميداني كان زحفًا من الأطراف إلى المراكز، وأثرت في قلب المراكز الحضرية تأثيرا محدودًا، وأحيانًا كثيرة براغماتيًا، بحيث يمكن القول: إن التفاعل مع المراكز الحضرية أوجد سلفية رخوة قابلة للتفكك عند أول لحظة خلاف حول بناء الدولة وشكل نظامها.

وبالرغم من أن الحرب ساعدت على انتشار واسع للفكر السلفي إلا أن انتشاره الطارئ أقرب ما يكون إلى أداة حرب؛ إذ لم يأخذ من الوقت ما يكفي ليتحول اعتقادًا راسخًا، ولهذا فإن خارطة الانتشار الجديدة للفكر السلفي معرضة للتغير بشكل كبير بعد أن تضع الحرب أوزارها. غير أنه من الجدير بالملاحظة أن النزوع السلفي الجديد كان عمومًا بين مقاتلي الكتائب الثورية وليس انتشارًا في أوساط المدنيين، لكن مع التأكيد على أن تأثيره سيمتد فيما بعد إلى حاضنته الاجتماعية، وخصوصًا في المنابت التي ينحدر منها هؤلاء المقاتلون.

" جي بي سي "



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات