«سوق الحرامية» .. نشاط اقتصادي عشوائي دون حد أدنى للرقابة

المدينة نيوز-: يضيع الطريق الى "سوق الحرامية" في قلب عمان القديمة في ظل الازدحام المروري الخانق، والتغيير المرحلي للملامح التراثية للمدينة، ولكن الصبر والحاجة تقوي شعور العادة لدى المواطنين، ويجعلهم يجربون بضائع ليست لهم.
مع تنامي الازمة الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها المواطنون، فانهم يبتكرون تصاريف للبضائع «العتيقة»، ويحاولون ايجاد سبيل لشراء او بيع اشياء ومواد في اسعار» بخسة» وتقل احيانا عن المعدل الواقعي لاسعار السوق الطبيعي بـ 50 الى 70%.
تلك البضائع تجد لها سوقا على مقربة من منطقة «راس العين» وسط عمان القديمة وقرب سيل عمان الجاف حيث تمتد بسطات عشوائية لبيع الادوات المستعملة ومخلفات قديمة بعضها «مسروق» والاخر معروض للبيع بشكل شرعي وقانوني.. المكان يسمى «سوق الحرامية» حيث تجد كل شيء يخطر على البال من ابرة الخياطة الصغيرة وصولا الى المفروشات.
في ما مضى كان هذا المكان لبيع المواد المسروقة فقط، وكانت عمليات البيع والشراء محصورة بما هو «مسروق»، بعيدا عن اعين الاجهزة الامنية، ولكن مع تنامي الاقبال على شراء المواد ومستلزمات المنزل المستعملة اختلط سوق الحرامية بجواره من اسواق شعبية، وغاب التمييز بين ما هو مسروق وشرعي، وصار السوق مرتعا للنشاط التجاري العشوائي، واصبحت سمعة السوق ببيع «البضاعة الرخيصة» تطن باذان المواطنين الباحثين عن سلع ومواد «بخسة الثمن».
هذه التجارة ازدهرت بشكل لافت وملحوظ خلال الاعوام الماضية، وربما ان السبب الرئيس هو الظروف الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها الاردنيون، بعدما كانت عربات البسطات العشوائية تتوقف لساعات في اليوم بعيدا عن اعين رقابة امانة عمان، فاننا اليوم نشاهد تكاتف وتعانق بعضها قرب بعض على قواعد خشبية مهترئة في ظل برد الشتاء وقسوة الحر، بضائع تفترش الارض حسب حجم ونوع المواد المعروضة.
سوق يغص بالحياة والانتظار، ويمكنك ان تشاهد جبلا من الثياب واشرطة كاسيت تسند الى صناديق مليئة بـ»الهواتف القديمة» و»الراديوهات المحطمة» وبعض من اجيال اجهزة الخلوي القديمة، وتلاحقك اصوات الباعة لتطرب اذنيك على «اغنيات» سوقية تنبهك بوجود بضاعة مميزة بـ»اسعار رخيصة».
في ركن بعيد من السوق، صور لنساء «شبة عاريات» مركونة فوق بعضها البعض، و في الركن ذاته جزء لبيع «سي دي» لافلام اجنبية مسروقة نسخها، تجارة كما يروي مروجوها تدر وفرا من المال وهناك المئات من المواطنين يقصدون يوميا السوق لشرائها.
يمتد امام السوق تجمع لبسطات خضار وفواكه من مختلف الاصناف، تباع بسعر الجملة، يقتصر ربحهم على قليل من المال، لانهم لا يملكون محال مرخصة ولا يدفعون ضرائب وفاتورة كهرباء وماء، «بيع كثير وربح قليل».
رغم ارتفاع اسعار الحاجات والادوات في اسواق عمان القديمة والحديثة، الا ان سوق «الحرامية» يبقى المكان الاكثر غرابة ورخصا «بالمعني المادي البحت»، خليطه الاجتماعي يزداد تعقيدا مع توافد الاف المواطنين من شرائح انقلب حالهم المعيشي مع الظروف الاقتصادية الصعبة الراهنة، وانزياح الاف الوافدين العرب للتسوق منه.
المفارقة في رصد واستقصاء واقع هذا السوق الذي يتربع في قلب عمان القديمة، انه اخذ الى الامتداد والاتساع، وما هو غير مفهوم كيف تسمح الحكومة لهذا النمو الخطير الفوضوي بالتوسع دون فرض الحد الادنى للرقابة؟. " الدستور "