متخصصون : لا بد من مكافحة ظاهرة اطلاق العيارات النارية لما تحدثه من ارباك للمجتمع

المدينة نيوز- ادت ظاهرة اطلاق العيارات النارية في المناسبات الاجتماعية الى وقوع ضحايا ابرياء غالبا ما تحوّل فيها الفرح الى مأتم واوجدت خصاما بين الاهل والجيران والاقارب على خلفية ما ادت اليه من ازهاق ارواح وايذاء للاخرين واحداث اعاقات دائمة ناهيك عن الاضرار التي قد تلحقها بالبيئة.
تروي ام عامر حادثة زوجها البالغ من العمر 55 عاما حينما كان يرقد امام المنزل حيث سمعت الصراخ ينبعث من الخارج فتوجهت بفزع واذ بصوت أنين ابو عامر ودمه ينزف حيث اصابته رصاصة في كتفه الأيمن وسارعت بالتعاون مع الجيران الى نقله الى أقرب مستشفى .
ابو عامر حاليا بات يعاني من اعاقة دائمة في يده اليمنى ، وتتساءل زوجته بأي ذنب يبقى زوجي عاجزا عن الحركة وكل ذلك ضحية طلقة طائشة، واختصرت ام عامر حديثها بدموع حارقة ونبرة ألم تقول فيها حسبي الله ونعم الوكيل .
رزان قاسم البالغة من العمر 23 عاما، قالت لا ذنب لي سوى أنني ذهبت لحضور حفلة زفاف صديقتي، وتضيف مع اقترابي من منزل والد العروس واذ بشيء يخترق وجهي وقمت بالصراخ وحولي صديقاتي بدأن يصرخن بكل اصواتهن وتجمع الناس حولي لكنني شعرت بان عيني تؤلمانني، بعدها دخلت في غيبوبة وصحوت وانا في المستشفى، هكذا وصفت رزان فقدانها لبصرها في لحظة جراء رصاصة فرح طائشة! احد المواطنين (عادل) يقول لا يمكنني أن اقيم فرحا بدون اطلاق النار لأن هذا يشعرني ومن حولي بالبهجة , مشيرا الى ان هناك بالطبع ممارسات خاطئة من قبل البعض تؤدي الى سقوط ضحايا ابرياء بفعل الشطط والغلواء في التعبير عن مناسبات الفرح .
يقول أستاذ الشريعة في جامعة اليرموك الدكتور محمد العمري انه لا بد من التعبير عن أفراحنا لكن بطريقة حضارية وليس باطلاق العيارات النارية التي من شأنها أن تسبب الازعاج واقلاق راحة الاخرين , فقد يكون هناك من هو مريض أو من لديه واجب دراسي .
ويتابع انه لا يجوز اطلاق العيارات النارية لما تسببه من ترويع للاخرين وهذا بحد ذاته غير مقبول وكما ورد في حديثه صلى الله عليه وسلم ( لا يحل لمسلم أن يروع مسلما ) مضيفا قد تودي مثل تلك الطلقات بحياة أشخاص ليس لهم ذنب، وقد تؤدي بالبعض الآخر الى اعاقة ترافقهم مدى حياتهم .
ويقول الناطق الاعلامي لمديرية الأمن العام الرائد عامر السرطاوي ان المديرية تتعامل مع جميع القضايا التي تردها بشان اطلاق العيارات النارية في الافراح والمناسبات بكل جدية، مبينا أنه يتم التحقيق في طبيعة القضايا التي ترد اليها ومن ثم تحول الى القضاء.
ويشير الى أن هناك عقوبات متباينة تقع بحق الأشخاص الذين أطلقوا النار في المناسبات , اذ أن عقوبة حامل السلاح المرخص تكون غير عقوبة غير المرخص وفي حالة القبض عليه يتم ضبط السلاح والتحفظ عليه.
ويشير الى آخر احصائية تتعلق بهذا الموضوع اذ بلغ عدد القضايا خلال الاشهر الستة الماضية 19 منها 17 اصابة وحالتا وفاة .
ويناشد جميع المواطنين تجنب هذه العادة التي استنزفت كثيرا من دماء الأردنيين وخربت الكثير من البيوت ويتمت أفرادا ليس لهم ذنب .
ويشدد على انه لا بد من الحد من هذه الظاهرة الاجتماعية التي كانت وما زالت مقلقة وضرورة الابتعاد عنها كونها أدت الى فقدان حياة الكثير من الناس أو سببت لهم اعاقات دائمة ترافقهم طوال حياتهم .
ويرى الاستشاري الاجتماعي الدكتور فيصل غرايبة في هذه الظاهرة عادة متبعة وموجودة منذ القدم الا أنها غدت ظاهرة اجتماعية في الأردن للاعراب عن المناسبات الخاصة والافراح في حين أنها تربط بين الابتهاج والعنفوان والقوة .
ويضيف ان هذه الظاهرة تعبر عن فرح معين كزواج أو نجاح لفرد من ابناء عشيرة بعينها تتمثل بأنها تمتلك القوة في التعبير عن فرحتها وموقفها من هذه المناسبة حيث أنها تأخذ اتجاه المكايدة في بعض الأحيان والغمز والمنافسة من الطرف الاخر .
ويؤكد الغرايبة انه لا بد من الحد من هذه الظاهرة ومقاومتها لما فيها من تداعيات مدمرة اجتماعية بين الناس حين تؤدي الى ازهاق روح انسان بريء مشيرا إلى الدور الذي قام به الاعلام والادارة الأمنية والمخاتير ووجهاء العشائر للحد من اطلاق العيارات النارية في المناسبات لكن للأسف ما زالت هذه الظاهرة في تزايد.
ويطالب جميع وسائل الاعلام وكتاب الأعمدة في الصحف وخطباء المساجد ومنظمات المجتمع المحلي وطلبة الاعلام بالمساهمة في توعية الناس وتثقيفهم للحد من هذه الظاهرة من أجل النهوض بمجتمع أكثر حضارة .
أستاذ علم النفس في جامعة اليرموك الدكتور عمر الشواشرة يقول ان ظاهرة اطلاق العيارات النارية تعود لأسباب نفسية وتعتبر ايذانا بالفرح واستبشارا به , واتماما لما قد مضى وتتويجا للنجاح .
ويتابع أن هذه الظاهرة تعد جزءا من العادات والتقاليد كونها تعود لموروث ثقافي واجتماعي وكل ظاهرة لها جذورها التاريخية التي يضعها المجتمع ويسير عليها جيلا تلو جيل .
ويشدد الشواشرة على ضرورة معاقبة الفعل قبل الفاعل اي محاربة فكرة اطلاق العيارات قبل معاقبة الشخص الذي يطلقها لأن الفكرة بحد ذاتها خاطئة .
ويؤكد على الالتزام بالقانون والتدرج في العقوبات والعدالة الاجتماعية أثناء ايقاع العقوبة بالاشخاص الذين يتم القبض عليهم أثناء اطلاقهم للعيارات النارية في مختلف المناسبات والاوقات .
" بترا "