أسرار " قنبلة إسرائيل الذرية "

المدينة نيوز - جاء إسهام آخر في الطريق إلى النهاية المحتومة لوهم الغموض الذري على صورة مقالة في مجلة " فورين بوليسي" تكشف عن أن إسرائيل اشترت من الأرجنتين في ستينات القرن الماضي ما بين 80 إلى 100 طن من "كعكة صفراء" – وهي مركب حيوي لتشغيل مفاعل ذري، ويمكن بواسطتها أيضا إنتاج بلوتونيوم. ويمكن أن يستعمل مسار فصل البلوتونيوم لإنتاج سلاح ذري، ولهذا يوجد في هذه الصفقة إذا كانت الأنباء التي نشرت صحيحة حقا، ما يشهد على نوايا إسرائيل الذرية.
تعتمد المقالة على 42 وثيقة سمح بنشرها "أرشيف الأمن القومي" الأميركي. ويتبين منها أنه في تموز 1964 توجهت وكالة الاستخبارات المركزية ووزارة الخارجية الأميركية إلى سفارتي الولايات المتحدة في تل أبيب وبيونس آيريس وطلبتا منهما أن تستوضحا هل وافقت الأرجنتين حقا على بيع إسرائيل اليورانيوم. وكان الجواب بـ "نعم". وكان ذلك بعد وقت قصير من أمر رئيس فرنسا شارل ديغول المؤسسة الذرية الفرنسية بالكف عن التعاون الذري مع إسرائيل، وهو ما اضطرها أن تبحث عن مصادر جديدة لليورانيوم المطلوب لتشغيل المفاعل الذري في ديمونة.
وتظهر الوثائق أيضا أنه في آذار 1964 أعد رجل استخبارات كندي تقريرا سريا تناول خطة إسرائيل الذرية. وعلم البريطانيون بالتقرير وقال دبلوماسي بريطاني قرأه انه يبين أن إسرائيل تستطيع أن تفصل ما يكفي من البلوتونيوم لإنتاج سلاح ذري في غضون 18 – 20 شهرا بعد بدء 1964.
ويتبين أن إسرائيل نجحت على مر السنين في أن تجد مصادر أخرى لـ "الكعكة الصفراء" بعد أن تبين أن محاولاتها استخراج اليورانيوم من مخزونات الفوسفات باهظة الكلفة جدا. وزعمت المقالة أيضا أنه في منتصف 1968 اشترت إسرائيل 200 طن من الكعكة الصفراء من بلجيكا بعملية سرية معقدة شاركت فيها شركة وهمية أنشأها الموساد في ايطاليا.
وتضاف كشوفات مجلة "فورين بوليسي" إلى قضية أخرى هي شراء كعكة صفراء من جنوب إفريقيا. وقد علم بتلك الصفقة بالصدفة حينما نشر قرار حكم لمحاكمة تمت في جنوب إفريقيا في 1988 كانت فحواها ادعاء مدنيا على البريغادير جون فيليب ديرك بلاو. وسبب الادعاء الذي قدمته الدولة على بلاو هو محاولة ابتزاز وفساد ومخالفة لقوانين لجنة الطاقة الذرية في جنوب إفريقيا. وفي أثناء المحاكمة التي بُرئ الضابط في نهايتها كشف عن تفصيلات صفقات ذرية كان بلاو مشاركا فيها تمت بين إسرائيل وجنوب إفريقيا، وبيعت إسرائيل في إطارها نحوا من 500 طن من الكعكة الصفراء.
قد يكون وقت نشر الوثائق الأميركية صدفة حقا وأنه جزء من مسار أرشيفي راتب. لكن قد يكون فيه أيضا شيء من إرسال إشارة أميركية خفية إلى إسرائيل.
منذ 1969 حينما تم التوقيع على اتفاق بين غولدا مئير وريتشارد نيكسون، كانت سياسة كل الإدارات في واشنطن تسليما صامتا بمكانة إسرائيل الذرية، وأصبح يرى منذ نحو من ثلاث سنوات أن الرئيس باراك أوباما استقر رأيه على تجاوز قواعد اللعب التي كان أسلافه قد قبلوها، لكن رئيس الولايات المتحدة لم يستعمل في نهاية الأمر ضغطا على إسرائيل بل لم يصر على عقد مؤتمر دولي لتجريد الشرق الأوسط من السلاح الذري كان يفترض أن يعقد في نهاية السنة الماضية.
هل يرمي نشر الوثائق التي تشهد على نوايا إسرائيل الذرية إلى الإشارة الخفية لإسرائيل بأنه حان الوقت للتخلي عن الوهم وإنهاء عصر الغموض ؟ . ( المصدر : جي بي سي - هآرتس - رؤوبين بدهتسور ) .